اقتراح بوضع جنوب السودان تحت الوصاية الدولية

Sudan People's Liberation Army (SPLA) forces patrol in the camp of Lalo following heavy fighting over the weekend that killed dozens of people, close to Malakal, South Sudan, October 16, 2016. REUTERS/Jok Solomon FOR EDITORIAL USE ONLY. NO RESALES. NO ARCHIVES. TPX IMAGES OF THE DAY
جنود حكوميون على ظهر حاملة جنود في أدغال جنوب السودان (رويترز)

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن اقتراحا بوضع دولة جنوب السودان تحت الوصاية الدولية إلى أن تستتب الأوضاع فيها، يكتسب زخما مع مرور الأيام، بعد أن بات العالم يضيق ذرعا بما يجري في تلك الدولة الوليدة التي نالت استقلالها بشق الأنفس قبل أكثر من خمس سنوات.

وأشارت الصحيفة في تقرير مطول لمراسلها في العاصمة الكينية نيروبي، إلى أن عشرات الآلاف من المدنيين لقوا حتفهم، وباتت أعداد لا تحصى من الأطفال على شفا الموت جوعا، واختلس المسؤولون ملايين الدولارات من خزائن بلدهم، ونُسفت آبار النفط، وسطا الناس على مواد الإغاثة، وتعرضت 70% من النسوة داخل معسكرات النزوح إلى الاغتصاب.

وتساءلت الصحيفة بعد ذلك: هل ينبغي بعد كل ما حدث أن يفقد جنوب السودان استقلاله؟ ويجيب عن السؤال عدد من الأكاديميين والشخصيات البارزة في المعارضة، حيث يؤيد جميعهم تقريبا الوصاية الدولية مستدلين على ذلك بتيمور الشرقية وكوسوفو والبوسنة التي نجحت فيها الفكرة على الرغم من وجود بعض التحفظات عليها، إذ أخفق التدخل الخارجي في دول أخرى مثل الصومال والعراق.

وطرح الباحث الأوغندي محمود ممداني مؤخرا خطة تقضي بأن يأخذ الاتحاد الأفريقي زمام المبادرة في تنصيب حكومة انتقالية بجنوب السودان، على ألا يشارك فيها أي من السياسيين الذي جروا البلاد إلى أتون الحرب الأهلية. واقترح أن تستمر الوصاية الدولية زهاء ستة أعوام شريطة أن تدعمها الأمم المتحدة.

غير أن للمحاضر بجامعة جوبا في عاصمة جنوب السودان جيمس سولومون بادييت رأي آخر، حيث يقول إن معظم أفراد قبيلة الدينكا -وهي أكبر مجموعة عرقية في البلاد وينتمي إليها الرئيس سلفاكير ميارديت– يقفون بصلابة ضد أي تدخل دولي، لأنهم يرون فيه إهانة لسيادتهم.

ويقول بادييت إن جنوب السودان "على مفترق طرق تؤدي إما إلى تفكك البلاد أو زوالها تماما".

‪‬ نسوة وأطفال يصطفون لتلقي مواد إغاثة في أحد معسكرات النزوح التابعة للأمم المتحدة في جوبا(رويترز)
‪‬ نسوة وأطفال يصطفون لتلقي مواد إغاثة في أحد معسكرات النزوح التابعة للأمم المتحدة في جوبا(رويترز)

وثمة رأي وسط لباحثين آخرين، إذ يقول رئيس قسم الدراسات الأفريقية والأفريقية الأميركية بجامعة فوردهام بنيويورك أمير إدريس، إن أية وصاية دولية يجب أن يُنظر إليها كملاذ أخير، فالأهم في نظره هو تشكيل حكومة جديدة بوجوه جديدة يشارك فيها أكاديميون و"تكنوقراط".

ويضيف "جنوب السودان لا يملك مقومات التحول بذاته ليكون دولة فعالة ما لم يتم القضاء على بنية القيادة الحالية".

بدورها، وصفت برونواين بروتون نائبة مدير المركز الأفريقي بالمجلس الأطلنطي، قادة جنوب السودان بالكارثة. وقالت إن سلفاكير وزعيم المتمردين رياك مشار "فاسدان" و"أنانيان" و"على استعداد لإذكاء جذوة الصراع العرقي وارتكاب أعمال عنف شنيعة في سعيهم لاعتلاء سدة الحكم".

لكن بروتون تبدي قلقها من أن ليس ثمة دولة لديها الرغبة في أن تضطلع بدور ريادي في أي تدخل ذي مغزى في جنوب السودان. فإدارة الرئيس الأميركي المنصرف باراك أوباما بحثت في عدة وسائل للمساعدة في إحداث انتقال سياسي هناك، بيد أنها انتهى بها المطاف إلى عدم جدوى القيام بذلك.

وخلصت صحيفة نيويورك تايمز إلى القول إن بصيصا من الأمل لاح مؤخرا في القارة الأفريقية. فقبل بضعة أيام تجمعت قوات من عدة دول بغرب أفريقيا من أجل الإطاحة برئيس غامبيا يحيى جامي الذي حاول التشبث بالسلطة رغم خسارته الانتخابات التي جرت في البلاد.

فإذا انعقد مثل هذا العزم والتصميم، فعندئذ ربما يمكن إبعاد قادة البلاد ليتسنى لجنوب السودان أن تتنفس الصعداء، على حد تعبير الصحيفة الأميركية.

المصدر : نيويورك تايمز