إندبندنت: حتى لا تصبح حلب مرادفا للتقاعس الدولي

جبهة فتح الشام تستهدف مواقع قوات النظام بحلب
جبهة فتح الشام تستهدف مواقع قوات النظام بحلب (ناشطون)

تعدّ جماعتا تنظيم الدولة وجبهة فتح الشام (النصرة سابقا) ثروة إستراتيجية للأسد، لأنهما تتيحان له تصوير نفسه على أنه "أهون الشرين"، مما يحث العالم على دعمه في قتاله ضد "الإرهاب". لكن هذه السياسة تتجاهل أغلبية السوريين الذين لا يريدون أن يحكمهم الأسد أو الجماعات المتطرفة.

وأشار بيرت كوندرز وزير الشؤون الخارجية الهولندي وعضو المجموعة الدولية لدعم سوريا إلى أن الحرب في سوريا قد تزداد سوءا بعد استيلاء قوات الأسد على المرتفعات المطلة على طريق الكاستيلو، آخر الطرق المؤدية إلى حلب المعروفة بأنها مركز سوريا الاقتصادي، وأنه على غرار رواندا أو سربرنيتشا هناك خطر حقيقي بأن اسم "حلب" سيكون مرادفا لفشل العالم في التحرك لإنقاذها.

الجهود الدولية يجب أن توجه الآن نحو نهج ثنائي المسار؛ يتمثل في محاربة الإرهاب والتأكيد على الحل السياسي، وأن يكون وصول المساعدات الإنسانية واستعادة وقف إطلاق النار واستئناف محادثات السلام في جنيف هي الأولويات الأولى

وقال كوندرز -في مقاله بصحيفة إندبندنت- إن تجنب هذه الكارثة لن يكون ممكنا إلا من خلال الضغط الدولي، ويجب على الأمم المتحدة والمجموعة الدولية لدعم سوريا وغيرها من الدول أن تكون أكثر صخبا في دعوة نظام الأسد لرفع الحصار، ووصف التركيز الدولي على قتال الجماعات "الإرهابية" -مثل تنظيم الدولة وجبهة فتح الشام- بالإقصائي، وأن فيه مجازفة باستغلال النظام السوري له.

وفي أحسن الأحوال، يمكن لأي حملة عسكرية مكثفة ضد جبهة فتح الشام أن تشجع الجماعة على الانقسام، وينضم المقاتلون الأكثر اعتدالا فيها إلى قوات الثوار، وفي أسوأ الأحوال ستغذي الحملة العسكرية الرواية الكاذبة التي نسجها نظام الأسد بأن السبب الأصلي للصراع السوري هو التطرف، ذاك التأكيد الذي يتجاهل حقيقة أن النظام يستخدم العنف الوحشي ضد شعبه يوميا.

وختم كوندرز بأن الجهود الدولية يجب أن توجه الآن نحو نهج ثنائي المسار؛ يتمثل في محاربة الإرهاب والتأكيد على الحل السياسي، وأن يكون وصول المساعدات الإنسانية واستعادة وقف إطلاق النار واستئناف محادثات السلام في جنيف هي الأولويات الأولى.

وفي السياق نفسه، أشار مقال بصحيفة غارديان إلى وجود علاقة بين أوروبا التي تعاني من موجة من الهجمات "الإرهابية" ومدينة حلب السورية التي تعاني كابوسها الخاص تحت الحصار، وأن العلاقة بينهما أكثر من مصادفة.

وأوضحت الكاتبة ناتالي نوغايريد أنه في الوقت الذي استخدمت فيه القنابل والأسلحة والسكاكين في فرنسا وألمانيا كانت قوات الأسد تتقدم لمحاصرة -وربما لتفريغ أو تجويع- الأحياء الشرقية لحلب.

وأشارت إلى أن انشغال معظم الساسة الأوروبيين بالأحداث التي وقعت في بلادهم عما حدث في حلب أمر طبيعي في مثل هذه الأزمات الأمنية، حيث ينكفئ الآخر على مشاكله الداخلية، لكنها أردفت أن الأحداث التي تجري في حلب سيكون لها تأثيرها على أوروبا ومواطنيها.

وترى الكاتبة أنه لا يمكن دحر تنظيم الدولة فقط من خلال العمليات العسكرية في العراق وسوريا، أو العمليات الأمنية في أوروبا، بل إن دحره يمكن أن يتم إذا تم تعطيل الإغراء الذي تمارسه هذه الجماعات المتشددة على الشباب في الشرق الأوسط وأماكن أخرى.

وأضافت أن المذابح التي ارتكبها نظام الأسد على مدى خمس سنوات وفشل المجتمع الدولي في وضع حد لها، أو حتى محاسبته، قد أوجدت سببا كبيرا لهذا التطرف الذي يجعل أوروبا تنزف الآن.

وختمت بأنه لا توجد إجابات سهلة لهذه الفوضى التي تحيط بالشرق الأوسط، لكنها أكدت ضرورة التركيز المستمر على بناء الوعي بكيفية سلامة المواطنين في أوروبا، وأنه لا يمكن فصله عن مسألة حماية المدنيين في سوريا.

المصدر : الصحافة البريطانية