انخفاض الطعن وزيادة إطلاق النار بالهبة الفلسطينية

صورة ثابته نشرتها وسائل اعلام عبرية لعملية طعن نفذها شاب فلسطيني في مستوطنة تفوع غرب بيت لحم
صورة لعملية طعن نفذها شاب فلسطيني في مستوطنة تفوع غرب بيت لحم (ناشطون-أرشيف)

قال الكاتب الإسرائيلي ومقدم البرامج التلفزيونية الشهير بن كاسبيت في مقال تحليلي مطول له بصحيفة معاريف، إنه رغم الانخفاض الملحوظ في عدد العمليات الفلسطينية، فإن الأوساط الأمنية الإسرائيلية لا ترى نهاية وشيكة لهذه الموجة من الهجمات، بعد أن كان يسجل طوال الأشهر الستة الماضية تنفيذ ستين عملية شهريا.

لكن شهر يناير/كانون الثاني الماضي شهد وقوع 27 عملية، وفبراير/شباط 29 عملية، في حين أنه قبل اندلاع هذه الموجة من العمليات كان يقع في الشهر الواحد بين أربع وست هجمات فلسطينية ضد الإسرائيليين.

وأضاف أن الأخبار الإسرائيلية السيئة تأتي من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي لا ترى نهاية قريبة للعمليات الفلسطينية.

على العكس من ذلك، فلعلها ترى مؤشرات سلبية تتمثل في أنه رغم الانخفاض الحاصل في عدد العمليات الفلسطينية، لكن نتائجها أكثر خطورة وكلفة، بحيث بات الإسرائيليون يشهدون قليلا من هجمات الطعن بالسكاكين، مقابل زيادة ملحوظة في عمليات إطلاق النار، وانخراط المزيد من الخلايا المنظمة، ومحاولات متزايدة للتسلل إلى التجمعات الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية.

معطيات إضافية تساهم في تأزم الوضع الأمني في الضفة الغربية، تتمثل في أن الوضع السياسي لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس آخذ في التراجع، والتكتلات التنظيمية داخل فتح تتزايد وتصل إلى طريق مسدود، في حين أن حركة حماس تسعى عن بعد لإشعال الضفة الغربية، وبجانب كل ذلك يمكن قراءة حالة الإحباط في الشارع الفلسطيني الذي وجد ترجمته في تسلل عدد من فلسطينيي قطاع غزة إلى مناطق مستوطنات غلاف غزة للبحث عن الأكل والعمل.

وأوضح أن هذه الحالة تمثل نمط الصورة السائدة بين الفلسطينيين ممن يجدون أنفسهم في أسفل السلم الاجتماعي، ليس لديهم أمل في الحياة، وليس هناك من شيء قد يهدد حياتهم، لأنه لم يعد لديهم ما يخسرونه، وفي هذه الحالة حين يتعرضون لحالة من التحريض والخوف على المسجد الأقصى، فإنهم يستلون سكاكينهم ويقررون تنفيذ عملية فدائية ضد أي جندي أو شرطي إسرائيلي.

عمليات فدائية
الكاتب نقل عن مسؤول أمني فلسطيني في مدينة الخليل قوله لنظرائه الإسرائيليين إن حقبة "العمليات الانتحارية" قد انتهت، وما لدينا اليوم من حالة لا تشبه "المسلحين الانتحاريين"، وإنما تشبه "الانتحاريين العاديين"، وهم أفراد يضعون حدا لحياتهم.

وفي الأشهر الأخيرة، أضاف المسؤول الفلسطيني ذاته، لم تشهد مدينة الخليل "حالات انتحار" بسبب سوء الوضع المعيشي، مما دفع بعض الفلسطينيين للبحث عن طريقة للموت "شهداء"، وهي الوسيلة الأقرب لتحول الفلسطيني إلى إنسان ذي مكانة رفيعة في المجتمع الفلسطيني، وتوزيع صوره الكبيرة في الشوارع العامة.

وقد سجلت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن الأسابيع الأخيرة شهدت تراجعا في حملات التحريض في الوسائل الإعلامية التابعة للسلطة الفلسطينية بسبب التعليمات التي أصدرها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فالرجل يجد نفسه في أزمة حقيقية، ويحاول تحسين موقعه السياسي لتهيئة نفسه للتعامل مع ما وصفه الكاتب بالتهديد الحقيقي المتمثل في حركة المقاومة  الإسلامية (حماس) ومساعيها للسيطرة على الضفة الغربية.

وختم بالقول إن من الواضح أن جميع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تدعم خطوات وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون وتوجهات رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت ومنسق شؤون المناطق الفلسطينية في الحكومة الإسرائيلية يوآف مردخاي، وجميعها تتمثل في التسهيل على الفلسطينيين، وتوصيل الأموال إليهم، والسماح للعمال الفلسطينيين بالعمل داخل إسرائيل لتحسين حياتهم، والعمل على إيجاد أمل لديهم.

التنسيق الأمني
في حين نقلت دانة سومبيرغ مراسلة معاريف استهانة إسرائيلية بالتهديدات التي أصدرتها السلطة الفلسطينية لوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، والانسحاب من اتفاق باريس الاقتصادي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث اعتبرها وزراء إسرائيليون كلاما فارغا ويجب عدم التأثر بها، لأن السلطة الفلسطينية لا تستطيع الانفصال الاقتصادي عن إسرائيل، أو عدم التعامل مع الشيكل الإسرائيلي.

ونقلت عن وزير الهجرة والاستيعاب الإسرائيلي وأحد أعضاء المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية زئيف ألكين قوله إن هذه التهديدات الفلسطينية بشأن وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل ليست جديدة، فالسلطة تتحدث عن ذلك منذ سنوات، مع أن هذا التنسيق الأمني يحافظ على عباس شخصيا أكثر مما يحافظ على إسرائيل، ولا أنصح الإسرائيليين بالتأثر بهذه التصريحات، لأن الاقتصاد الفلسطيني ليس مستقلا.

ورفض الوزير أي مطلب فلسطيني بعدم دخول قوات إسرائيلية عسكرية لمناطق "أ" في الضفة الغربية التابعة للسلطة الفلسطينية، لأننا في اللحظة التي قيدنا فيها حركة الجيش الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية اندلعت الانتفاضة الثانية أواخر عام 2000.

وختم بالقول إن السلطة الفلسطينية تحاول التمتع بالحماية الأمنية لها من قبل إسرائيل، والعمل من تحت مظلتها الأمنية من جانب، ومن جانب آخر تعمل على تشويه صورة الإسرائيليين في الساحة الدولية، وهو ما يتطلب منا نحن الإسرائيليين اختيار السياسة المناسبة في كيفية التعامل مع السلطة الفلسطينية.

المصدر : الجزيرة