رهان الغرب على السيسي خاسر

تمديد رئاسة السيسي بين المؤيدين والمقموعين
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (الجزيرة)
قالت صحيفة واشنطن بوست إنه منذ أن قاد الجنرال عبد الفتاح السيسي انقلابا عسكريا ضد الحكومة الإسلامية المنتخبة بشكل ديمقراطي قبل ثلاث سنوات، والمدافعون عنه في الغرب بقيادة وزير الخارجية الأميركي جون كيري يأملون أنه سيبدأ إجراء إصلاحات لإنعاش الاقتصاد، لكن رهانهم كان خاسرا وفي غير محله.

وأضافت في افتتاحيتها أن البعض في الغرب ظن أن اتباع المزيد من سياسات السوق الحرة وتدفق الاستثمارات الأجنبية والرخاء المتزايد ستساعد في نهاية المطاف في استقرار مصر بعد سنوات من الاضطراب، وأنه يمكن للغرب بهذه الحال التغاضي عن سياسة القمع الوحشي التي يتبعها السيسي ضد المعارضة.

واستدركت "لكن السيسي تجاهل على مدار ثلاث سنوات توسلات كيري والمستشارين الغربيين الآخرين، وأهدر عشرات المليارات من الدولارات التي قدمتها السعودية ودول خليجية أخرى، وذلك في الإنفاق على مشاريع عبثية ضخمة مثل ملحق لقناة السويس وفي محاولة دعم العملة المصرية".

وأضافت أن السيسي في هذه الأثناء شن حملة قمعية كاسحة على المعارضة تعد الأعنف في التاريخ الحديث، وأنه لم يسجن الإسلاميين فحسب، بل سجن الليبراليين العلمانيين والصحفيين ونشطاء المجتمع المدني، بمن فيهم الناشطة الأميركية آية حجازي.

‪مصريون يشترون السكر من شاحنة حكومية في القاهرة‬ (الأوروبية)
‪مصريون يشترون السكر من شاحنة حكومية في القاهرة‬ (الأوروبية)

معاناة اقتصادية
وأشارت الصحيفة إلى أن السيسي تبنى مؤخرا القيام بإصلاحات ليبرالية أوصى بها صندوق النقد الدولي، وأنه لم يكن أمامه من خيار؛ فالسعودية خفضت مستوى السخاء، واقتصاد البلاد بدأ يعاني نقصا في احتياطي العملات الأجنبية.

وأضافت أن البلاد بدأت تعاني أيضا من نقص المواد الغذائية، مثل السكر وزيت الطهي، التي بدأت تختفي من المحلات التجارية، وأن الحكومة اضطرت إلى تعويم عملة البلاد، مما عجّل بانخفاض قيمة الجنيه إلى أكثر من النصف، كما خفضت الدعم عن البنزين.

وأشارت إلى أن صندوق النقد الدولي استجاب مؤخرا بالموافقة على تقديم قرض لمصر بقيمة 12 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات.

وقالت إن كيري سرعان ما أعرب عن الثناء على الخطوة المصرية، وقال في بيان له إن القادة المصريين يقومون باتخاذ القرارات الصعبة الضرورية لنقل البلاد نحو الازدهار.

‪شرطة مكافحة الشغب تحاول خلع بوابة حرم جامعة الأزهر أثناء تظاهرة للطالبات من أنصار الرئيس محمد مرسي‬ (رويترز)
‪شرطة مكافحة الشغب تحاول خلع بوابة حرم جامعة الأزهر أثناء تظاهرة للطالبات من أنصار الرئيس محمد مرسي‬ (رويترز)

قمع دموي
وأضافت الصحيفة أنه يبدو أن  وزارة الخارجية الأميركية تراهن على أن السيسي سيثبت أنه من القادة النادرين، مثل أوغستو بينوشيه في تشيلي الذين تمكنوا من تحرير وتحديث اقتصاد بلادهم حتى أثناء تورطهم باتباع سياسة القمع الدموي.

لكن الصحيفة استدركت ثانية بالقول إن رهان الغرب على السيسي يعد بعيد المنال؛ وذلك بسبب جهل السيسي بالسياسات الاقتصادية، وفي ظل الفساد المستشري الذي يعد جزءا لا يتجزأ من نظامه ومن المؤسسة العسكرية، وذلك بالإضافة إلى تاريخ مصر المعروف بالانتفاضات الشعبية ضد تدابير التقشف. 

وأضافت أن نظام السيسي اجتاز اختبار 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري عندما فشل الشعب المصري في الخروج في تظاهرات حاشدة ضمن الاحتجاجات التي دعت إليها جماعة الإخوان المسلمين.

وقالت إن النظام سرعان ما اتخذ قانونا عبر البرلمان من شأنه تدمير ما تبقى من جماعات المجتمع المدني المستقلة، مثل برنامج تأهيل أطفال الشوارع الذي أدارته آية حجازي، وأضافت أنه بموجب هذا القانون، فيمكن حظر نشاط أي جماعة بدعوى أنه يتعارض مع الأمن القومي.

وأضافت أن القانون يقضي بالسجن خمس سنوات لكل من يتعاون مع منظمة أجنبية أو يجري استطلاعا للرأي دون موافقة مسبقة.

وقالت إن القمع الشديد والإنهاك الذي أصاب كثيرا من المصريين بعد ست سنوات من الاضطراب السياسي  في البلاد؛ ربما يكون من شأنهما أن يحفظ نظام السيسي فترة قصيرة من اندلاع اضطرابات يتوقعها البعض.

وأضافت أنه على المستوى الدبلوماسي، فيتوقع أن يلقى السيسي دعما من جانب إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يكون أقوى مما لقيه من طرف كيري، لكنه لا يتوقع أن ينجح السيسي أو الرجل القوي في تحقيق الاستقرار للاقتصاد المصري بينما يقوم بخنق المجتمع المدني.

واختتمت بالقول إنه من غير المرجح لرهان صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة على السيسي أن يؤتي ثماره.

المصدر : الجزيرة + واشنطن بوست