"خطر" الجبهة الوطنية يهيمن على الصحف الفرنسية

الأغلبية الساحقة من الصحف الفرنسية حذرت مما تعتبره "خطر الجبهة الوطنية"
الكثير من الصحف الفرنسية هاجمت أيديولوجية الجبهة الوطنية محذرة من مغبة فوزها بالانتخابات الجهوية (الجزيرة)

سعيد نمسي-باريس

نادرا ما تجازف صحيفة "لوموند" الفرنسية باتخاذ موقف علني معادٍ لطرف ما في قضية داخلية أو خارجية، ولا تتجرأ على ذلك إلا عند وقوع حدث كبير مثلما كان الحال إبان هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، يومها كتبت اليومية الفرنسية افتتاحية شهيرة بعنوان "كلنا أميركيون".

هذه المرة وبمناسبة الانتخابات المحلية الفرنسية التي جرت الأحد، هاجم مدير لوموند جيروم فيتوغليو حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف الذي تقوده مارين لوبان، والذي يتوقع أن يحقق تقدما كبيرا في الدور الأول لهذه الانتخابات كما تشير التقديرات.

وتحت عنوان معبر هو "الجبهة الوطنية دجل"، خاطب كاتب افتتاحية لوموند الناخبين الحانقين على إخفاق أو عجز الأحزاب الحاكمة منذ عشرات السنين في فرنسا وقال إن الجبهة تمثل "تهديدا خطيرا على البلد"، وأضاف أن أيديولوجية الحزب والحلول التي يقترحها مخالفة لقيم الجمهورية وللمصلحة الوطنية ولصورة فرنسا في العالم.

حيل الجبهة
وتناولت الافتتاحية ما تعتبره حيل حزب لوبان من أجل توسيع قاعدته الانتخابية. ومما جاء فيها قول كاتبها بشأن شعار الأخوة الذي يرفعه الحزب اليميني المتطرف لإقناع الفرنسيين من أصول أجنبية، خاصة العربية والإسلامية، "ما الذي ستؤول إليه العلمانية التي يرفعها هذا الحزب في وجه الأصولية الإسلامية، وهي تهدف في الواقع إلى إلقاء الشبهات على مجمل المسلمين في فرنسا".

‪رغم ضعف ثقة الفرنسيين في وسائل إعلامهم إلا أنهم يقبلون عليها في الحملات الانتخابية‬ (الجزيرة)
‪رغم ضعف ثقة الفرنسيين في وسائل إعلامهم إلا أنهم يقبلون عليها في الحملات الانتخابية‬ (الجزيرة)

ولم تكن صحيفة لوموند وحيدة في دخول المعترك السياسي للانتخابات، فإلى جانب صحف اليسار مثل لومانيتيه وماريان وغيرهما من الصحف التي تنتقد عادة الحزب اليميني، حذرت يومية ليبيراسيون -بقلم مدير تحريرها لوران جوفران- من "الزلزال السياسي" الذي يمكن أن تتسبب فيه هذه الانتخابات، ودعت افتتاحيتها الرأي العام الفرنسي المستخف بالأمر إلى "التصويت الجماعي" و"قطع الطريق أمام أعداء الجمهورية".

قبل ستة أيام، كانت يومية "لا فوا دي نور" (صوت الشمال) الصادرة في مدينة ليل شمالي البلاد، هي أول من أبدى موقفا صريحا ضد لوبان المرشحة المتنافسة والمتوقع فوزها في جهة الشمال في مواجهة مرشحي حزب اليمين والحزب الاشتراكي.

حزب بوجهين
وتحت عنوان لافت هو "لماذا يقلقنا انتصار الجبهة الوطنية؟"، قال مدير تحرير "لا فوا دي نور" جون ميشال بروطونيي إن انتصار الجبهة يعني "بداية التقسيم الذي يزرعه حزب ذو وجهين (…)، فهو من جهة ينخرط في اللعبة الديمقراطية دون التخلي عن صفته الراديكالية، ومن جهة أخرى يظهر في موقف المستفيد من النظام".

‪لوبان اعتبرت انتقادات صحف فرنسية لحزبها لعبة سياسية لفائدة أحزاب أخرى‬ (رويترز)
‪لوبان اعتبرت انتقادات صحف فرنسية لحزبها لعبة سياسية لفائدة أحزاب أخرى‬ (رويترز)

وقد لقيت صحيفة "لا فوا دي نور" تأييدا من جريدة جهوية أخرى هي "ليكلير دي نور" (وميض الشمال) التي تساءلت في عنوان افتتاحيتها "هل هذه الجهة في حاجة فعلا للجبهة الوطنية؟". وقد أثار هذا الموقف من أكبر صحيفتين في شمال فرنسا سخط لوبان، التي ذهبت إلى حد التهديد بوقف الدعم الذي يقدمه مجلس الجهة لهما في حالة فوز حزبها في الانتخابات.

ففي رسالة موجهة إلى مدير "لا فوا دي نور"، اتهمت زعيمة الجبهة الوطنية الصحيفة الجهوية بأنها دخلت في لعبة سياسية لفائدة مرشحي الحزبين الاشتراكي واليميني، واعتبرت لوبان أن ما كتبت الصحيفة هو بمثابة منشور سياسي لا صحافة.

وأضافت زعيمة الجبهة فيما يشبه الاتهام "لا أحد يجهل بأن القيم التي يتبجحون بها تُختصر في رقم تسعة ملايين يورو (9.7 ملايين دولار) التي تتلقاها مؤسستهم الصحفية، التي تزعم بأنها مستقلة، من مجلس الجهة"، والذي يترأسه الاشتراكيون.

المصدر : الجزيرة