مخيم الدهيشة.. "عش دبابير" للاحتلال

Palestinian protesters fire stones at Israeli soldiers during clashes in the outskirts of the West Bank city of Bethlehem, 08 December 2015. The violence followed the funeral of Palestinian Malik Shaheen who died when Israeli troops met with resistance from the local population, who threw rocks and bottles. The Israelis responded with tear gas grenades and live gunfire that hit Malik Shaheen in the head.
فعاليات الفلسطينيين في مخيم الدهيشة تشكل مصدر قلق لجيش الاحتلال (الأوروبية)
تناولت الصحافة الإسرائيلية الصادرة اليوم الأحد الإجراءات التي تنفذها قوات الاحتلال في مخيم الدهيشة بمدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، والعمليات الفلسطينية المتصاعدة، إضافة إلى الغضب الإسرائيلي من زيارة النواب العرب في الكنيست للولايات المتحدة.

وقال المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" يوحاي عوفر إن وحدة "شمشون" التابعة للجيش الإسرائيلي تواصل حملات الاعتقالات الجماعية بين الشبان الفلسطينيين في مخيم الدهيشة بمدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية بهدف إلقاء القبض على مثيري الاحتجاجات الفلسطينية ضد الجيش الإسرائيلي قرب قبة راحيل.

وقرر الضباط الإسرائيليون في الآونة الأخيرة مفاجأة سكان المخيم الفلسطينيين، وعدم دخول المخيم في ساعات الليل عبر المركبات العسكرية، وإنما اقتحامه عبر الدوريات الراجلة على الأقدام كي لا يشعر بهم أحد.

وأكد قائد الوحدة ديفد شابيرا أن الجيش الإسرائيلي قام باعتقال أكثر من ثلاثمئة فلسطيني خلال الأسابيع الأخيرة في محاولة لمعالجة العمليات الفلسطينية المتواصلة ضد الإسرائيليين.

وأضاف شابيرا أن الجيش الإسرائيلي "يعمل أينما يجب ومتى، وبالقوة التي يراها مناسبة، وكل من ينخرط في هذه العمليات أو يحلم بها سوف يصل إليه ويعتقله".

وأوضح أن عدد سكان مخيم الدهيشة يبلغ 27 ألف نسمة، ويعتبره الجيش الإسرائيلي "عش الدبابير"، حيث ينخرط أغلبية سكانه في الاحتجاجات ضد الجيش الإسرائيلي، وكل مركبة عسكرية إسرائيلية تدخل المخيم تحظى برشق الحجارة والزجاجات الحارقة والقنابل اليدوية.

وقال شابيرا إنه بعكس باقي مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية التي تمتاز بالفقر وضيق الحال فإن سكان مخيم الدهيشة يعتبرون ميسوري الحال، ويمتلكون سيارات حديثة، ومنازلهم واسعة نسبيا.

وأضاف أن المخيم يحظى بمتابعة أمنية دقيقة من قبل الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن، وتصل حالة التأهب إلى ذروتها كما لو كان الوضع في قطاع غزة أو لبنان، وتحرص قوات الأمن على تنفيذ حملات الاعتقال في ساعات الليل قبيل بزوغ الفجر حتى لا يحصل احتكاك بين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين.

وأشار الضابط الإسرائيلي إلى أن العمليات الأمنية المتواصلة للجيش وقوات الأمن في مخيم الدهيشة وباقي المخيمات كفيلة بإيصال رسالة رادعة للفلسطينيين لعدم مواصلة هجماتهم ضد الإسرائيليين، لكننا لا نعلم من أين سيأتي منفذ الهجوم الفلسطيني القادم، ولا نملك حتى الآن ضمانة كاملة لعدم حصول هجمات أخرى بنسبة 100%.

كما أن تقييد حرية حركة الفلسطينيين إلى بعض المناطق التي يتواجد فيها الإسرائيليون توفر إجابات أفضل للتعامل مع الهجمات الفلسطينية، لكن مخاطر وقوع عمليات أخرى ما زالت تحوم في المنطقة، حيث يتم تركيز قوات إضافية ووسائل أمنية للدفاع عن هذه المناطق، والجيش يحاول الاستفادة من أي عملية فلسطينية سابقة للعمل مستقبلا بصورة أفضل.

وختم بأن التقديرات العسكرية المتوفرة للجيش الإسرائيلي تشير إلى أن موجة العمليات الفلسطينية الحالية منذ الشهرين الماضيين قد تستمر فترة زمنية طويلة قادمة، ويبدو من الصعوبة بمكان وضع تقدير تقريبي كم ستستغرق هذه الموجة من العمليات من وقت، وكيف سوف تنتهي، لكن الجيش يعمل بالضبط مثل "ماكينة جز الأعشاب"، هذه مهمته كلما نبت عشب جديد متمثل بعمليات فلسطينية يقوم بجزها.

مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال على حاجز بيت إيل على المدخل الشمالي لمدينة البيرة (الأناضول)
مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال على حاجز بيت إيل على المدخل الشمالي لمدينة البيرة (الأناضول)

تواصل العمليات
من جهته، ذكر مراسل صحيفة معاريف أريئيل شنبال أنه في ظل تعاظم العمليات الفلسطينية ضد الإسرائيليين فقد حصل تراجع ملحوظ تدريجي في أعداد الإسرائيليين الذين يرتادون الطريق رقم 443 في الضفة الغربية، وهم يحاولون اجتياز الطريق بسرعة، والابتعاد قدر الإمكان عن مواقع العمليات الفلسطينية التي باتت أمرا واقعا.

وأضاف أن الفلسطينيين الذين يهددون الإسرائيليين في هذا الطريق يستخدمون الحجارة والزجاجات الحارقة، ومؤخرا باتوا يستخدمون شعاع الليزر ضد سائقي المركبات الإسرائيلية، وتبقى عمليات الطعن بالسكاكين جزءا من هذه الهجمات الفلسطينية.

وقال رئيس المجلس الاستيطاني في "بيت حورون" يسرائيل فين إن هناك مجموعة واتساب خاصة بالإسرائيليين يبلغ عددها 16 ألف عضو ممن يرتادون شارع 443 يتلقون خلالها الرسائل الفورية الميدانية على مدار الساعة بشأن حدوث عمليات إلقاء الحجارة، وما هي المناطق الآمنة؟

وقد شهد نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وحده 41 عملية فلسطينية على هذا الطريق بين إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة، لكن أشخاصا من الإسرائيليين يتملكهم شعور من الخوف المبالغ به، بحيث إن وقعت عملية طعن في تل أبيب ربما لن يخرجوا من بيوتهم ثلاثة أيام متواصلة.

وقال ضابط إسرائيلي في قيادة المنطقة الوسطى بالجيش الإسرائيلي المسؤولة عن الضفة الغربية إن مثل هذا الطريق يشكل مصدر قلق حقيقي، لأن عدد الهجمات فيه كبير على الرغم من أن مسؤولية توفير الحماية الأمنية للإسرائيليين تقع على حرس الحدود والشرطة الإسرائيلية.

وطالب المستوطنين بالاستمرار في حياتهم العادية على الرغم من هذه الهجمات الفلسطينية، وإن كان لا بد من جهود عسكرية للجيش الإسرائيلي فهي بانتظار حصول ارتفاع دراماتيكي في الهجمات الفلسطينية، "ولا أظن أننا وصلنا لهذه المرحلة حتى اللحظة، وقد نقوم بتقطيع أوصال القرى الفلسطينية".

من ناحيته، قال أحد المستوطنين الإسرائيليين الذين يسلكون هذا الطريق -وهو من سكان مستوطنة "موديعين"- إن الأمن مفقود على هذا الطريق على الرغم من التواجد المكثف للجيش الإسرائيلي، لكن ذلك لم يمنع من قتل أحد المستوطنين في إحدى الهجمات الفلسطينية.

النواب العرب
وفي موضوع آخر، قال مراسل صحيفة يديعوت أحرنوت في واشنطن يتسحاق بن حورين إن أيمن عودة عضو الكنيست الإسرائيلي ورئيس القائمة العربية المشتركة رفض خلال زيارته الولايات المتحدة اللقاء بممثلي منظمات يهودية داخل مقر الوكالة اليهودية في نيويورك بعد أن كان مقررا أن يلقي كلمة بحضورهم.

وقد رفض عودة -الذي يقوم بزيارة تعريفية للولايات المتحدة باسم عرب إسرائيل– إلقاء كلمته داخل مؤسسة صهيونية.

وقال إنه أتى إلى الولايات المتحدة لإسماع صوت الجمهور العربي داخل إسرائيل أمام الجمهور الأميركي، لذلك "لن أكون مرتاحا لعقد لقاءات داخل منظمات هدفها إقصاء السكان العرب داخل إسرائيل بالضبط كما هو الحال في الكنيست الإسرائيلي، فالنواب العرب لا يتعاونون مع وزارات الدفاع والخارجية والهجرة الإسرائيلية".

من جهته، نقل مراسل صحيفة إسرائيل اليوم شلومو تسيزنا عن السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون غضبه من زيارة عضوي الكنيست العربيين أيمن عودة وأحمد الطيبي إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وإجراء لقاءات دبلوماسية من دون التنسيق مع السفارة الإسرائيلية على الرغم من اجتماعها مع جهات رسمية دولية، بما فيها مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، والسفير الفلسطيني في المنظمة الدولية رياض منصور الذي اتهم إسرائيل قبل أسابيع بأنها تسرق أعضاء جثامين الفلسطينيين الذين ينفذون عمليات الطعن ضد الإسرائيليين.

وقال مصدر في السفارة الإسرائيلية بالأمم المتحدة إنه ليس مقبولا أن يلتقي أعضاء كنيست مع من يقوم بحملة تحريض ضد إسرائيل، فيما اعتبر ناطق باسم الطيبي أنه لم يفكر بتنسيق زيارته التي تتناول مكافحة العنصرية وأوضاع الأقلية العربية داخل إسرائيل مع السفير دانون الذي نعرفه في الكنيست كأحد أكثر المتطرفين والمتعصبين فيه.

المصدر : الجزيرة