غارديان تشكك برواية الجيش المصري لمجزرة الحرس

قالت صحيفة غارديان البريطانية إنه، وبعد تحقيق أجرته بالقاهرة واستمر أسبوعا تضمن مقابلات مع 31 من شهود العيان والسكان المجاورين بالإضافة إلى تحليل محتويات بعض الفيديوهات، لم تعثر على دليل واحد يؤكد ما قالته القوات المسلحة المصرية حول مجزرة الحرس الجمهوري.

وأضافت في تقرير أعده مراسلها في القاهرة باتريك كنغسلي أن تحقيقها الصحفي خرج برواية مختلفة تماما عن الرواية التي نشرتها القوات المسلحة، وقالت فيها إن أشخاصا يستقلون دراجات نارية هم الذين بدؤوا إطلاق النار على القوات المسلحة.

وأكدت الصحيفة أن قوات الأمن المصرية نفذت هجوما منسقا ومعدا له بشكل جيد على مجموعة سلمية ومدنيين عزل.

ونقل التقرير أن القوات المسلحة المصرية قالت إن إطلاقها النار على المحتجين كان ردا على هجوم إرهابي نفذه 15 إرهابيا على نادي مجمع الحرس الجمهوري كانوا يستقلون دراجات نارية تمام الساعة الرابعة صباحا بالتوقيت المحلي. وبعد إطلاق أصحاب الدراجات النارية الرصاص على النادي، حاول المحتجون اقتحام المجمع وأن قوات الأمن لم يكن لها من خيار غير الدفاع عن النادي.

ونقل التقرير عن المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة المصرية الدكتور يحيى موسى الذي كان مشاركا في الاحتجاجات بصفته الشخصية قوله إنه إذا كانت قوات الجيش تريد أن تفض اعتصام الإخوان المسلمين فكان بإمكانها أن تفعل ذلك بطرق أخرى "لكنها أرادت قتلنا".

تجدر الإشارة إلى أن موسى فُصل من وظيفته بعد إدلائه بهذه التصريحات للتلفزيون المصري الحكومي الذي قطع البث الحي يوم المجزرة.

أثناء الصلاة
وأوردت الصحيفة أن إطلاق النار تم أثناء صلاة الفجر (أثناء الركعة الثانية وقبل إكمال الإمام الدعاء المعتاد في تلك الركعة قبل الساعة 3:30 صباحا)، وأن جميع المصلين كانت ظهورهم إلى مدخل مجمع الحرس الجمهوري المحمي بالأسلاك الشائكة.

وأشارت غارديان إلى أن قوات الجيش المصري رفضت أربعة طلبات منها للحصول على إذن بمقابلة جنود كانوا حاضرين وقت وقوع المجزرة لتأخذ أقولهم كشهود عيان حتى تكتمل الصورة.

وقالت إن متحدثا باسم القوات المسلحة قدم لها فيديو يحتوي على ثلاثة على الأقل من مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي وهم يستخدمون نوعا من الأسلحة النارية "بعد فترة من بداية المجزرة".

وأضافت الصحيفة أن الشيء الوحيد الذي استطاع الجيش تقديمه لها لإثبات ما زعمه من استفزاز المحتجين له قبل إطلاقها النار هو صورة لمحتج يرمي بالحجارة تمام الساعة 4:50 أي بعد نصف ساعة كاملة من بدء المجزرة.

ونسب التقرير إلى أحد المواطنين الذين يسكنون بجوار مجمع الحرس الجمهوري أطلقت عليه اسم جمال بدلا من اسمه الحقيقي والذي طلب التكتم عليه لأسباب أمنية وهو مهندس في الأربعينيات من العمر ولا ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين ولا لأي تنظيم سياسي آخر قوله إنه شاهدهم (أي قوات الأمن والجيش) من شقته في الأدوار العليا وهم يسيرون ببطء وتوقفوا على بعد 100 متر من المتاريس التي نصبها المحتجون قبل أن يطلقوا كثيرا من الغاز المدمع، وبعد حوالي دقيقتين أطلقوا كمية كبيرة من نيران البنادق، أثناء الصلاة. وقال "كانت خطة".

وقالت إن جمال سجل بكاميراه ذلك المشهد الذي بدأ الساعة 3:26، وقد تم إنزال الفيديو على اليوتيوب.

ونقلت عن جمال تأكيدا قويا بأن إطلاق القوات الحكومية النار على المحتجين لم يسبقه أي استفزاز، كما نفى وجود أي أشخاص يستقلون دراجات نارية، وأنه لم يسمع أي صوت لرصاص، وقوله إن العصي هي الأسلحة الوحيدة التي شاهد المحتجين يحملونها.

‪المحتجون من الإخوان المسلمين عقب المجزرة‬ المحتجون من الإخوان المسلمين عقب المجزرة (غيتي-الفرنسية)
‪المحتجون من الإخوان المسلمين عقب المجزرة‬ المحتجون من الإخوان المسلمين عقب المجزرة (غيتي-الفرنسية)

وفي الوقت نفسه قابلت الصحيفة امرأة تدعى نهى أسد نقلت عنها الصحافة الأميركية أيضا، وهي من السكان المجاورين لمكان المجزرة. قالت نهى لغارديان إن قوات الأمن ردت بالنار بعد أن استخدم المحتجون الذين يحرسون المتاريس الغربية "خرطوشة".

ونسبت إلى ميرنا الهلباوي، وهي صحفية قابلتها العديد من الصحف الغربية، قولها "من الواضح أن المعتصمين هم الذين بدؤوا إطلاق النار".

وفي الوقت نفسه أشارت إلى أن الهلباوي قالت إنها نظرت إلى مسرح الأحداث من بلكونتها (شرفتها) أول مرة الساعة 3:46 صباحا، في حين قال الأطباء بالمستشفى الميداني برابعة العدوية إنهم استقبلوا أول حالة وفاة الساعة 3:45 صباحا. كما قالت الهلباوي في تغريدة لها بتويتر باللغة العربية إن إطلاقا للنار بدأ بالمكان"، ونشر تويتر تغريدتها في تمام الساعة 3:42 صباحا.       

وأورد التقرير تفاصيل عن مسرح المجزرة بمجمع الحرس الجمهوري وعن الوقت الذي رُفع فيه الأذان صباح 8 يوليو/تموز ومشاركة الجميع تقريبا رجالا ونساء وأطفالا في الصلاة التي أقيمت في تقاطع شارع صلاح سالم مع شارع الطيران الفرعي المؤدي إلى ميدان رابعة العدوية، فيما عدا عشرات المشاركين في الاحتجاج الذين كانوا يحرسون المتاريس التي أقاموها على طول 300 متر بجانبي الشارع.

وأشارت أيضا إلى أن بعض المعتصمين -مجموعهم حوالي 30- ومنهم د. يحيى موسى الوارد ذكره سابقا شكلوا ما بعد الساعة 3:30 طابورا بشريا على طول مدخل مجمع الحرس الجمهوري المحمي بالسلك الشائك للحيلولة دون رمي المحتجين المدخل بالحجارة.

واشتمل التقرير الطويل للصحيفة على عرض لعدد القتلى والمصابين والظروف التي تعمل بها المستشفيات الميدانية التي كانت تقوم بهذا العبء وحدها بعد أن رفضت المستشفيات الأخرى استقبال المصابين.

كما استعرضت الصحيفة اعتقالات قوات الأمن المحتجين بعد المجزرة ومعاملتها إياهم والتي وصفتها بالقاسية، وشهادات وصورا وفيديوهات للقناصة من على أسطح البنايات وهم يصطادون المحتجين بنيران بنادقهم.

وقالت إن رئيس الدولة المؤقت عدلي منصور أعلن عن تحقيق قضائي في المجزرة، رغم أن التحقيقات السابقة أظهرت أن الجيش لا يرغب في تعريض نفسه للفحص من خارجه.

وأضافت أن الجيش تردد في الإعلان عن التفاصيل الكاملة للمجزرة. وأعربت غارديان عن استغرابها لغياب التغطية الإخبارية المحايدة من قبل الإعلام الحكومي وما يُسمى بالمستقل، في وقت تم فيه إغلاق قنوات التلفزيون التابعة للإخوان المسلمين.

المصدر : غارديان