كنوز أوروبا الأثرية للبيع

An open top bus travels through a snow storm at the Colosseum, in Rome, Italy, 03 February 2012. Reports state that the severe cold has killed more than 100 people across Europe, where temperatures have in some areas plummeted to below minus 35 degrees Celsius. EPA/MAURIZIO BRAMBATTI
undefined

بدأت الأزمة المالية الطاحنة التي تعصف بأوروبا تطال قطاعات كانت حتى وقت قريب مفخرة للقارة العجوز، ومصدر ثراء هائل لأهلها، ألا وهي المواقع التاريخية من مبانٍ وكنائس وجسور وكنوز أثرية، يعود تاريخها إلى عهود غابرة.

فبعد عامين من الأزمة التي دفعت الحكومات الأوروبية إلى الحد من الإنفاق العام للجم عقال الدَيْن المنفلت، تعاني القارة من "كارثة حضارية" لا تجد صندوق طوارئ لإنقاذها، على حد تعبير صحيفة واشنطن بوست الأميركية.

فالمباني والكنائس والصروح والجسور والخرائب الأثرية والمواقع الأخرى تتداعى وتعاني من الإهمال. والحالة هذه لم تجد السلطات المحلية المتشوفة إلى من يساعدها في الحفاظ على تلك المواقع قبل فوات الأوان، بُداً من تعليق الإعلانات على تلك الصروح المعمارية لبيع حقوق استغلالها، وفي بعض الأحوال عرضها للبيع كلياً لتعويض نقص الأموال المخصصة لترميمها وصيانتها.

ففي فينيسيا أو مدينة البندقية الإيطالية بدأ مبنى "بلازو مانفرين" الفخم -الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر- يتصدع، مما حدا بالحكومة المحلية إلى وضعه على رأس قائمة المنشآت التي تحتاج إلى ترميم.

ونظرا للتقليص المتكرر في الموازنة المخصصة للمبنى، اتخذ المسؤولون بالمدينة القرار الصعب، وهو عرض المبنى للبيع.

وفي فرنسا، وافق القيَّمون على قصر فرساي على السماح لفندقين بالعمل داخله، وعرضوا منح التراخيص لمن يرغب في وضع صورة المبنى على الساعات الفاخرة.

وفي إسبانيا، صادق خبراء التخطيط المتلهفون إلى جني مزيد من أموال الضرائب، على مخططات لبناء برج في قلب مدينة إشبيلية التاريخية قرب الكاتدرائية القوطية حيث مدفن كريستوفر كولمبوس، متجاهلين تهديدات منظمة اليونسكو لهم بإقصاء مدينتهم كموقع من مواقع التراث العالمي إذا ما أصروا على تنفيذ المشروع.

وفي اليونان، صوتت الحكومة هذا العام لصالح فتح مواقع تاريخية أمام المصورين السينمائيين مقابل رسوم بالدقيقة.

أما إيطاليا –وهي موطن 47 موقعا مدرجا في قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي و60 ألف أثر تاريخي موثق أكثر من أي بلد آخر في العالم- فهي في طليعة الدول الأوروبية التي تعاني آثارها من الإهمال.

فإن كنت راغبا في شراء قصر مانفرين فإنك تستطيع امتلاكه نظير 20.5 مليون دولار. ولكن ماذا عن مسرح الكولوسيوم في قلب العاصمة روما؟ إن بإمكان أي شركة أن تحصل على الحقوق الحصرية لطباعة صورته على منتجاتها لمدة 15 عاما مقابل 27.5 مليون دولار. أما وضع لوحة إعلانات ضخمة على مبنى كاتدرائية ميلان فتكلف 187 ألف دولار في الشهر.

وسرعان ما اهتبلت الفرصة شركات مثل كوكاكولا وبولغاري وفورد وهيونداي، بيد أن مثل هذه الصفقات ما لبثت أن أثارت ضدها انتقادات في الآونة الأخيرة، فقد نظمت مجموعات من المواطنين مظاهرات احتجاجية ورفعت دعاوى قضائية للحيلولة دون بيع المسؤولين كنوز إيطاليا الحضارية بثمن بخس وعائدات وقتية كما يقولون.

المصدر : واشنطن بوست