مصر تواجه حيلا خطيرة

الناخبون اصطفوا في طوابير طويلة للإدلاء بأصواتهم - صور متنوعة لعملية الاقتراع في مصر
undefined
 
تناولت الصحافة البريطانية تسارع الأحداث على الساحة المصرية عشية جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة وحكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب والخدع الخطيرة التي تحاك ضد الثورة والانقلاب الذي تخيم ظلاله على مصر.

فقد كتبت صحيفة غارديان في مستهل افتتاحيتها أن المؤسسة العسكرية والأمنية لم تدر العملية السياسية بثبات أو مهارة أو تجرد خلال ما يقارب سنة ونصف سنة من التقلبات الثورية التي تحملها البلد. ومناورتها عشية جولة انتخابات الرئاسة الثانية تخاطر بالتسبب في مواجهات  والتباسات جديدة.

وقالت الصحيفة إن قلة من المصريين يبدو أنهم يعتقدون أن قراري حل البرلمان ومنح الشرطة والقوات المسلحة صلاحيات واسعة لتوقيف المواطنين، منفصلان أو أنهما جاءا فقط في سياق المسار الطبيعي لمداولات المحكمة الدستورية العليا. وبالإضافة إلى التزوير الذي ميز جولة التصويت الأولى والذي من المرجح أن يستمر في الجولة الثانية يرى كثيرون أن هناك تواطؤا متعمدا.

ويبدو أن ذلك مقصود ليس فقط لضمان فوز أحمد شفيق مرشح الرئاسة للنظام القديم ولكن لتقويض سلطة جماعة الإخوان المسلمين في مؤسسات الدولة الأخرى وزيادة تهميش القوى الليبرالية والعلمانية التي حملت الكثير من عبء الثورة.

وعلى الطرف الآخر من المسار ليس هناك شك في قرار تصل فيه المؤسسة العسكرية وجماعة الإخوان المسلمين إلى تفاهم بينهما وتستقر فيه مصر على حكم جديد. وفي أوسع المعاني تحتاج مصر بالفعل إلى مثل هذه التسوية، فلن يختفي واحد من هذين العملاقين في السياسة المصرية. وتسوية الخلافات، التي تشمل دورا قويا للأحزاب الليبرالية، أمر مرغوب فيه.

وأشارت الصحيفة إلى أن ما يخشاه الليبراليون هو أن تغير جماعة الإخوان المسلمين موقفها كما فعلت في السابق لتفادي مواجهة حقيقية مع العسكر والتوصل إلى اتفاق بينهما ومن ثم تُخنق الثورة بين الجلمودين.

أيًّا كان الفائز بالرئاسة الآن فسيسمح له بسلطة جزئية بموجب دستور جديد وكتابة قواعد انتخابات جديدة فضلا عن اختيار حكومة جديدة. لكن إذا لم تكن الانتخابات نزيهة فإن مصر يمكن أن تواجه فوضى حقيقية

ازدواجية السلطة
وفي سياق متصل كتبت صحيفة فايننشال تايمز في افتتاحيتها أيضا أن ازدواجية السلطة، كما فهمها لينين، ليست شرطا محتملا في تدفق الثورة. وفي مصر تسبب مركزان ونصف من مراكز القوى المتنافسة -الجيش والإسلاميون وميدان التحرير الذي يثور بشكل دوري- في إصابة البلد بالشلل منذ الإطاحة بحسني مبارك في الثورة المدنية العام الماضي. والآن في عشية أول انتخابات رئاسية حرة تحرك العسكر لفتح هذا الطريق المسدود بما يشبه الانقلاب.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي كانت فيه المحكمة الدستورية، وليس المجلس العسكري، هي التي حلت البرلمان فإن كثيرا من القضاة وراء القرار هم من بقايا نظام مبارك. ومع أن هناك نقطة قانونية لصالح حكم المحكمة -وهي أن ثلث المقاعد المخصصة للمستقلين استولت عليه الأحزاب- فإن هذا الأمر كان واضحا عندما تمت الانتخابات البرلمانية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وقالت إن القرار بالتحرك الآن يعني أن المصريين سينتخبون رئيسا بدون دستور أو برلمان يقيده، وهو ما يمنح فرصة حياة جديدة للثقافة الفرعونية التي قامت الثورة لدفنها. وهذا القرار يأتي بعد أيام من قرار يعيد قوانين الطوارئ ويمنح المجلس العسكري سلطة استثنائية خارج نظام القضاء لاعتقال المدنيين.

وفي حين أن هذه الهزائم الديمقراطية يمكن أن تؤدي إلى تدافع ساخط نحو محمد مرسي، مرشح الرئاسة لجماعة الإخوان المسلمين في انتخابات الإعادة، فإنها على الأرجح تشير إلى أن الدولة الخفية -إشارة إلى مجموعة من التحالفات المتنفذة المناوئة للديمقراطية- تمهد الطريق لرئاسة أحمد شفيق.

وأيًّا كان الفائز بالرئاسة الآن فسيسمح له بسلطة جزئية بموجب دستور جديد وكتابة قواعد انتخابات جديدة فضلا عن اختيار حكومة جديدة، لكن إذا لم تكن الانتخابات نزيهة فإن مصر يمكن أن تواجه فوضى حقيقية.

وختمت الصحيفة بأن مصر تبدو مثل تركيا عام 1997 عندما طرد الجنرالات الحزب الإسلامي من الحكومة، لكن بعد فترة أتى حزب العدالة والتنمية الإسلامي الجديد إلى السلطة ومع الوقت أزاح الجيش جانبا وأدار البلد بحنكة وضاعفت سياساته حجم الاقتصاد ثلاث مرات. ومع أن جماعة الإخوان المسلمين ليست ضمن هذا التحالف لكن فيما يتعلق بمستقبل مصر ينبغي أن تتاح لها فرصة عادلة سواء فشلت أو نجحت.

المصدر : الصحافة البريطانية