عندما رفض جينبينغ اقتراح أوباما

US President Barack Obama and Chinese Vice President Xi Jinping(L) speak during meetings in the Oval Office of the White House in Washington, DC, February 14, 2012. The White House on Tuesday welcomed China's likely next leader Xi Jinping, with President Barack Obama looking to push Beijing on a range of concerns yet also work for smoother future relations.
أوباما وتشي جينبينغ أثناء لقائهما بالبيت الأبيض الشهر الماضي
أوباما وتشي جينبينغ أثناء لقائهما بالبيت الأبيض الشهر الماضي
 
عندما دلف نائب الرئيس الصيني تشي جينبينغ أثناء زيارته للولايات المتحدة مؤخرا إلى البيت الأبيض، عاجله الرئيس الأميركي باراك أوباما باقتراح، إذ قال له إن كلا البلدين لهما مصلحة في الشروع في حوار جاد بين مؤسستيهما العسكريتين.

لم يستغرق الأمر من تشي، الذي يتوقع أن يصبح رئيسا للصين في مثل هذا الوقت من العام المقبل، كثير تفكير، فجاء رده فظا بأنه لا للاقتراح.

لقد خلت زيارة تشي للولايات المتحدة من الأحداث الهامة. فقد كان حريصا على ألا يدلي بتصريحات لافتة. أما مضيفوه، لاسيما نائب الرئيس جو بايدن، فقد استغلوا المناسبة للبوح ببعض العبارات اللاذعة عن النهج الذي تختطه الصين في مجالات التجارة وحقوق الملكية الفكرية وخلافها.

ولأن هذا العام هو عام الانتخابات في الولايات المتحدة، لم يصدر من مسؤولي البلدين ما ينم عن تلاقي الأفكار فيما بينهم أو حتى عن اختلاف كبير في الرؤى.

على أن الانطباع الذي خرج به المسؤولون الأميركيون من تلك اللقاءات أن تشي جينبينغ سيكون على الأرجح أشد حزما وقوميةً، وأكثر قربا من الجيش من الرئيس الحالي هو جينتاو. ولعل هذا يعني أن إدارة "أهم علاقة" تلك التي تربط بين البلدين في القرن الحادي والعشرين لن تكون بالأمر اليسير.

هكذا يرى الصحفي البريطاني فيليب ستيفنس مستقبل العلاقات الأميركية-الصينية في مقال نشرته له صحيفة فايننشال تايمز اليوم.

إن الافتراض السائد في واشنطن هو أن تشي سينعم بسلطات أوسع من تلك التي يتمتع بها هو جينتاو داخل جيش التحرير الشعبي (المؤسسة العسكرية). على أن ذلك لا يعني القول بأنه سيستغل الجيش في كبح جماح أولئك الذين يريدون إظهارا أشد حزما لمصالح الصين الوطنية.

ومهما يكن من أمر فإن تشي جينبينغ لن يكون في حِرزٍ من الضغوط المتعاظمة التي تطالب الصين بالتشدد حيث يجادل الصقور في بكين بأن الولايات المتحدة في طريقها للزوال بصورة لا تراجع فيها.

وتنذر البحار المحيطة بالصين بأن تكون مسرح توتر جيو سياسي كبير في العقود القادمة. فالمياه والجزر الغنية بالموارد في بحري الصين الجنوبي والشرقي محل نزاع بين الصين وجاراتها.

وتسعى الصين لنفوذ بحري بينما تشدد الولايات المتحدة على حق أساطيلها البحرية في تأمين حرية الملاحة في بعض أكثر الممرات المائية الحافلة بالنشاط والحركة.

ولعل عدم رغبة أي من الطرفين الدخول في مواجهة مباشرة مع الطرف الآخر تبدو رهانا نزيها.

وفي ظل هذه الأجواء، فإن رفض تشي لاقتراح أوباما يسهل تفسيره، لكنه ينطوي على خطورة في الوقت نفسه. وباعتبارها القوة الأولى في العالم اليوم، فإن الولايات المتحدة تريد إظهار قوتها العسكرية. كما أن الرسالة التي ترغب في إيصالها هي "لا تضايقونا".

أما الصين فهي ترى في الغموض ميزة بأن تجعل واشنطن تحزر ما تخطط له. ومن وجهة نظر بكين فإن تعاونا عسكريا بين البلدين قد لا يعدو أن يكون مؤامرة لإبقاء وضع لا تقبله على ما هو عليه.

ويخلص الكاتب إلى وصف الحالة الراهنة بأنها صراع مصالح حقيقي بين الولايات المتحدة والصين. فواشنطن عازمة على ممارسة "حقوقها" البحرية والحفاظ على ثقة الحلفاء الآسيويين فيها، فيما تريد الصين السيطرة على البحار المحيطة بسواحلها.

صفوة القول أن من العسير التنبؤ بالطريقة التي ستحل بها هذه المسألة. لكن ما هو مؤكد هو أنها قضية لا بد من إدارتها بحنكة. غير أن رفض تشي لمقترح أوباما سيزيد من صعوبة الحل، كما يرى الكاتب.

المصدر : فايننشال تايمز