كاتب: مقاطعة المستوطنات تنقذ إسرائيل

10 شبكة مواصلات لربط المستوطنات بالقدس وتظهر بالصورة مستوطنة "جفعات زئيف"
undefined
كتب بيتر باينارت -الأستاذ في جامعة سيتي بنيويورك- في مستهل تعليقه بصحيفة نيويورك تايمز أن الإيمان بدولة يهودية ديمقراطية اليوم كمن وقع بين فكي كماشة.

فمن ناحية الحكومة الإسرائيلية تعمل الآن على محو الخط الأخضر الذي يفصل إسرائيل عن الضفة الغربية. وفي الثمانينيات عاش 12 ألف يهودي في الضفة الغربية (باستثناء القدس الشرقية). واليوم ساعدت الإعانات الحكومية على تضخم ذاك العدد لأكثر من ثلاثين ألفا. وحقيقة الأمر هي أن الخرائط والكتب المدرسية الإسرائيلية لم تعد تبرز الخط الأخضر على الإطلاق.

وفي عام 2010 سمى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مستوطنة أرئيل، التي تمتد في عمق الضفة الغربية، "قلب دولتنا". ورغم السياسات المؤيدة للاستيطان تعمل إسرائيل على تزييف كيان سياسي بين نهر الأردن والبحر المتوسط، كيان ذي شرعية ديمقراطية مشبوهة، باعتبار أن فلسطينيي الضفة الغربية ممنوعون من الجنسية وحق التصويت في الدولة التي تتحكم بحياتهم.

وردا على ذلك بدأ الفلسطينيون ومؤيدوهم حملة مقاطعة وانتزاع وعقوبات تدعو ليس فقط لمقاطعة كل المنتجات الإسرائيلية وإنهاء احتلال الضفة الغربية لكن أيضا مطالبات بحقوق ملايين اللاجئين الفلسطينيين للعودة إلى ديارهم، الأجندة التي إذا تحققت يمكن أن تفكك إسرائيل كدولة يهودية.

وقال الكاتب إن الحكومة الإسرائيلية وحركة المقاطعة والانتزاع والعقوبات تعززان الرؤى المختلفة جذريا للدولة الواحدة لكنهما معا يكتسحان حل الدولتين ويلقيان به في مزبلة التاريخ.

وقد حان الوقت لهجوم مضاد، حملة لتعزيز الحدود التي تحفظ حياة الأمل في دولة ديمقراطية يهودية بجانب دولة فلسطينية. وهذا الهجوم المضاد يجب أن يبدأ باللغة.

حل الدولتين
فالصقور اليهود غالبا ما يشيرون إلى الأرض وراء الخط الأخضر بأسماء توراتية مثل يهودا والسامرة ويوحون بأنها كانت وستظل دائما أرضا يهودية. وفيما عداهم، بما في ذلك هذا المقال، يسمونها الضفة الغربية.

وأشار الكاتب إلى أن كلا الاسمين مخادعان. فيهودا والسامرة تقتضي ضمنا أن أهم شيء عن الأرض هو نسبها التوراتي. والضفة الغربية تقتضي ضمنا أن أهم شيء عن الأرض هو علاقتها بمملكة الأردن المجاورة. ومع ذلك فإنها سميت هكذا بعد أن احتل الأردن الأرض عام 1948 لتمييزها عن بقية المملكة التي تقع على الضفة الشرقية لنهر الأردن. وبما أن الأردن لم يعد يتحكم في الأرض فإن الضفة الغربية تشكل مفارقة تاريخية.

وبدلا من ذلك كله ينبغي أن نسمي الضفة الغربية "إسرائيل غير الديمقراطية". والعبارة توحي بأن هناك اليوم دولتين إسرائيليتين. ديمقراطية وإن كانت معيبة لكنها حقيقية داخل الخط الأخضر وغير ديمقراطية إثنية وراءها. وهذه تضاد جهود من قبل قادة إسرائيل لاستخدام شرعية إسرائيل الديمقراطية لإجازة الاحتلال ومن قبل خصومها لاستخدام عدم شرعية الاحتلال في إبطال شرعية إسرائيل الديمقراطية.

ويرى باينارت أنه ينبغي على اليهود الأميركيين أن يغتنموا كل فرصة لتعزيز هذا الأمر. وينبغي تشكيل قوة ضاغطة لاستبعاد البضائع التي ينتجها المستوطنون من اتفاقية التجارة الحرة الأميركية مع إسرائيل. ويجب الضغط لإنهاء سياسات إدارة ضريبة الدخل الأميركية التي تسمح للأميركيين بتقديم هدايا قابلة للخصم الضريبي لجمعيات المستوطنين الخيرية.

ويقول إن مقاطعة المستوطنات لا تكفي ويجب أن تقترن بمعانقة نشطة بصورة متساوية بإسرائيل الديمقراطية. ويجب أن ننفق المال الذي لا ننفقه على بضائع المستوطنين على تلك البضائع المنتجة داخل الخط الأخضر. ويجب أن نعارض جهود التجرد من كل الشركات الإسرائيلية بنفس الحدة التي نؤيد بها جهود التجرد من الشركات التي في المستوطنات.

وأشار الكاتب إلى أن المقاطعات يمكن أن تساعد في تغيير هذا الأمر وأن دعم جهود بعض الكتاب الإسرائيليين الكبار في رفضهم زيارة مستوطنة أرئيل سيقنع الشركات والناس بالبدء في مغادرة إسرائيل غير الديمقراطية، بدلا من الاستمرار في التوافد عليها وهذا أمر حاسم للمحافظة على إمكانية إبقاء حل الدولتين حيا.

وختم الكاتب بأنه إذا جعلت إسرائيل الاحتلال أبديا وتوقفت الصهيونية عن كونها مشروعا ديمقراطيا فإن أعداء إسرائيل سيطيحون في النهاية بالصهيونية نفسها. ونحن أقرب لهذا اليوم مما يريد أن يعترف به كثير من اليهود الأميركيين. والتشبث بالطرق القديمة المريحة يعرض مستقبل إسرائيل الديمقراطي للخطر. وإذا أردنا أن نعارض بفعالية القوى التي تهدد إسرائيل من الخارج فيجب علينا أيضا أن نعارض القوى التي تهددها من الداخل.

المصدر : نيويورك تايمز