التباحث مع طالبان حتمي

Afghan protestors shout anti-US slogans during a demonstration in Jalalabad, capital of Nangarhar province on March 13, 2012
undefined
قال ديفد ميليباند وزير الخارجية البريطاني في الفترة من 2007 إلى 2010، إن مأساة قندهار تحتم على جميع الأطراف الجلوس إلى طاولة المفاوضات باستثناء تنظيم القاعدة، وهذا يشمل بالطبع حركة طالبان.

وأشار ميليباند في مقاله بصحيفة تايمز البريطانية، إلى أن التفجير القاتل الذي أودى بحياة ستة جنود بريطانيين الأسبوع الماضي أعاد الحرب المنسية في أفغانستان إلى صدر الصحف البريطانية. كما أن مذبحة المدنيين البشعة التي جرت أول أمس الأحد تعني أنها ستلقي بظلالها على زيارة رئيس الوزراء ديفد كاميرون لواشنطن.

ومن الصعب تصور سبب إقدام جندي على قتل مدنيين. لكن الضرر الواقع على مهمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) هائل، فالثقة بين السكان المحليين أغلى سلعة في أي عملية عسكرية أو سياسية ضد المتمردين. وليس هناك طريقة أضمن لفقد تلك الثقة من قتل النساء والأطفال، ربما باستثناء حرق المصحف.

ونحن الآن ندفع ثمن هيمنة الأساليب العسكرية على الإستراتيجية السياسية. وبدون تغيير عاجل للمسار، فإن الأمور ستصير أسوأ وليس أفضل. وفي هذا الوقت من العام الماضي تعهدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بأن الحكومة الأميركية ستزيد الثقل السياسي لإنهاء الصراع الأفغاني، وكانت على حق.

فبعد عام وافقت حركة طالبان على فتح مكتب للتباحث في قطر، لكن هذا التقدم قزمه الخلاف البغيض للحكومات الغربية التي قررت بشكل أحادي سحب قواتها (بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة)، وفساد الحكومة الأفغانية، وعدم الاستقرار في باكستان وعلاقتها بأميركا، والآن الوعود بالثأر للمذبحة التي راح ضحيتها أبرياء في قندهار.

وقال ميليباند إن مقاتلي طالبان يريدون العودة إلى وطنهم ونحن كذلك، ومن ثم فهذه هي الفرصة لتسوية سياسية. والحقيقة هي أن أفغانستان لم تُحكم أبدا من قبل حكومة مركزية قوية، ولم تحتكر الدولة الرسمية العنف أبدا.

ويرى أن حلا أفغانيا دائما يتمثل في صيغة بسيطة: جميع شعوب أفغانستان يشاركون، وجميع الجيران أيضا، وتبقى القاعدة خارج اللعبة. ومع أن الكلام أسهل من العمل فإنه ليس مستحيلا، فهذا لصالح جميع الأطراف.

وسيط مسلم
وبما أن الثقة شبه معدومة فنحن بحاجة ملحة إلى وسيط مستقل يعينه مجلس الأمن كما يفعل كوفي أنان الآن في سوريا. وبالنسبة لأفغانستان يجب أن يكون شخصا من العالم الإسلامي. وقد قام وزير الخارجية الجزائري الأسبق الأخضر الإبراهيمي بهذه المهمة للأمم المتحدة بين عامي 2001 و2002.

الغرب بحاجة إلى تحديد أسبابه الحقيقية، ونحن نحتاج أن نكون منصفين لمصالحنا الثابتة في المستقبل وإرث أفعالنا في الماضي

وينبغي أن يكون الوسيط منوطا بإنشاء مسارين تفاوضيين: الأول من أجل تسوية داخلية مبنية على حكومة غير مركزية، والثاني من أجل تعهد إقليمي من كل الدول (بما في ذلك إيران التي لديها سبب وجيه لتخشى عدم الاستقرار وتجارة المخدرات على حدودها الأفغانية).

كما أن الغرب بحاجة إلى تحديد أسبابه الحقيقية، ونحن نحتاج أن نكون منصفين لمصالحنا الثابتة في المستقبل وإرث أفعالنا في الماضي.

ومن المقبول أن تكون هناك شروط لنتيجة المباحثات، لكن ينبغي ألا تكون هناك شروط للدخول في المباحثات. والوسيط يحتاج أن يتحدث إلى كل الفصائل الأفغانية.

ونبه ميليباند إلى أنه كلما طال الانتظار لبدء مفاوضات جادة، زادت صعوبة الأمر لتطويق المصالح الإقليمية المختلفة. ويرى أن من الأفضل وجود مجلس للاستقرار الإقليمي يضم كل الجيران إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا.

وختم بأن الناتو بحاجة إلى إستراتيجية خروج من أفغانستان -مؤطرة حول تسوية سياسية تكون هي السبيل الوحيد لتوفير استقرار دائم- وآلية لتنفيذها، وهذا هو ما ينبغي أن يكون في صميم زيارة كاميرون لواشنطن هذا الأسبوع.

المصدر : تايمز