استغلال الحروب لاستهداف الصحفيين

الصحفيون يعتصمون في رام الله تنديدا بالعدوان على طواقم الصحافة في غزة.jpg
undefined
تناول تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية قضية استهداف الصحفيين في الحروب وذلك أثناء اللقاء الدولي للجنة حماية الصحفيين الذي عقد مؤخرا في مدينة نيويورك.

وفي اللقاء الذي ضم كثيرا من مسؤولي وسائل الإعلام والصحف العالمية أكد رئيس تحرير صحيفة غارديان البريطانية، ألان رسبريدج، على أن "استهداف مهنة الصحافة أصبح توجها والآن الناس الذين يضايقون ويقتلون الصحفيين يشملون الحكومات وكذلك الناس الذين نتوقعهم".

وأشارت الصحيفة إلى أن الصحفيين الذين ينقبون في زوايا غامضة وخطيرة من العالم قد أصبحوا معتادين على التهديدات وأحيانا يطاردهم تجار المخدرات ورجال العصابات، لكن بعض الحكومات قررت أن استهداف المراسل هو خيار حيوي.

وتفيد تقارير لجنة حماية الصحفيين أن مسؤولي الحكومات وحلفاءهم يُشتبه فيهم الآن بأنهم مسؤولون عن أكثر من ثلث جرائم قتل الصحفيين، وهي نسبة أعلى من جرائم القتل المنسوبة إلى الجماعات الإرهابية أو الشبكات الإجرامية.

ومن الجدير بالذكر أنه في نفس يوم انعقاد هذا اللقاء السنوي قتل ثلاثة من موظفي وكالات الأنباء في غزة بصواريخ إسرائيلية. وبدلا من الإشارة إلى وقوع خطأ، أو إنكار المسؤولية، أبلغ الناطق باسم الجيش الإسرائيلي المقدم أفيتال لايبوفيتش وكالة أسوشيتد برس أن "الأهداف هم أناس على صلة بنشاط إرهابي".

وعلقت الصحيفة بأن الأمر وصل إلى هذا الحد: وهو أن قتل العاملين بوسائل الإعلام يمكن تبريره بعبارة مائعة مثل "على صلة بنشاط إرهابي".

أضرار جانبية
وأشارت الصحيفة إلى أن العالم دخل حقبة مختلفة جدا من إدارة المعلومات في النزاعات المعاصرة حيث إن كلا الجانبين في نزاع غزة استغلا حسابات مواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر لإطلاق نيران لفظية جيئة وذهابا في محاولة لتشكيل تصور في العالم الخارجي.

مع استغراق المؤسسات الإعلامية الإخبارية في السياسة بشكل متزايد أصبح كل الصحفيين عرضة لخطر أن ينتهي بهم المطاف كأضرار جانبية

والخبر السار هو أن المراسلين الأجانب، على عكس عام 2008، سُمح لهم بدخول غزة والاطلاع بأنفسهم على مجريات الأحداث. لكن الخبر السيئ هو أنهم كانوا يدخلون مكانا كان بعض الصحفيين يعتبرون فيه أهدافا بالفعل وهو ما يجعل الوضع أشد خطورة.

ونبهت الصحيفة إلى حقيقة أن عمليات وسائل الإعلام الصحفية قد أصبحت سهما آخر في جعبة الحرب الحديثة، وأن الهجوم المباشر على جامعي المعلومات أمر مقلق للغاية، وأن مثل هذه الهجمات تكاد تقتصر على إسرائيل. وأعادت إلى الذاكرة هجوم الولايات المتحدة على بغداد وكيف كانت محطات التلفزيون أهدافا مبكرة.

وأشارت إلى ضرورة أن يكون هناك تمييز. إذ إن المعركة بشأن الأفكار -بشأن من يمتلك الحقيقة في نزاع معين- ينبغي أن تُخاض بأجهزة الحاسوب المحمولة وكاميرات الفيديو وليس بأسلحة الحرب.

وذكرت الصحيفة تقريرا صدر عن المعهد الدولي للصحافة جاء فيه أن 119 صحفيا قتلوا هذا العام وأن هذا هو أكبر عدد إجمالي منذ أن بدأ المعهد رصد الأمر في عام 1997.

وقالت الصحيفة إنه مع استغراق المؤسسات الإعلامية الإخبارية في السياسة بشكل متزايد أصبح كل الصحفيين عرضة لخطر أن ينتهي بهم المطاف كأضرار جانبية لأنهم يعملون بالقرب من منافذ يُنظر إليها على أنها مروجة للدعاية الموجهة.

وذكر تقرير الصحيفة أن طبيعة الحرب قد تغيرت بطريقة تجعل التغطية الصحفية لها أخطر. إذ إن العبوات الناسفة والتفجيرات الانتحارية لا تفرق بين من تقتل ومن تشوه والاحتجاجات في الشوارع التي كانت شرارة الربيع العربي كان رصدها تحديا صعبا وخطيرا لأن المتظاهرين وقوات الدولة التي تحاول احتواءهم يمكن أن يشكل كلاهما تهديدا للصحفيين.

المصدر : نيويورك تايمز