معركة طرابلس وما بعدها

epa02610435 (FILE) A file picture dated 29 August 2010 shows Libyan leader Muammar Gaddafi (front) followed by his female bodyguards on his arrival at Rome airport, Italy. Born in 1942 in Sirte, then Italian Libya, into a Bedouin family,

القذافي لا يزال يمتلك السلاح والموالين لخوض مزيد القتال قبل تسليم طرابلس (الأوروبية) 

رأت تايمز البريطانية أن مستقبل ليبيا ومعظم أرجاء الشرق الأوسط سيعتمد على مدى استقرار ليبيا في مرحلة ما بعد القذافي.

وتوقعت الصحيفة أن معركة طرابلس ستستغرق وقتا طويلا وستكون دموية. ورغم سيطرة الثوار على معظم أرجاء العاصمة، فإن العقيد معمر القذافي ما يزال يمتلك قوة نارية لا بأس بها، وهناك عدد من الأنصار المستعدين للقتال إلى جانبه.

كما لفتت النظر إلى مسألة رأتها مهمة وهي احتمال نشوب صراع على السلطة والمال بين القادة العسكريين للمعارضة الليبية المسلحة وبين شيوخ القبائل.

وقالت الصحيفة إن استمرار القتال في مناطق متفرقة واستمرار سقوط ضحايا هو ثمن باهظ تجد ليبيا نفسها مجبورة على دفعه نتيجة رفض "الدكتاتور" التخلي عن السلطة. كما أن إصراره على البقاء في طرابلس وهوسه بفكرة الشهادة تسبب في خراب كبير للعاصمة.

وترى الصحيفة أنه حتى في حالة استسلام وحدات الجيش النظامي الباقية على ولائها للقذافي ونجاح مقاتلي المعارضة المسلحة في قطع إمدادات الوقود والماء والذخيرة عن القذافي، فإن نهاية حكمه الذي دام 42 عاما ستكون أمرا معقدا.

إذا انتهى الوضع في ليبيا إلى الفوضى، ستدرك الأقلية المناصرة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد أن الفوضى أمر لا مفر منه وستتشبث بالسلطة مهما كان الثمن

وتتساءل الصحيفة: هل سيتمكن "الدكتاتور" وعائلته وقادته الكبار من الهرب؟ وإذا نجحوا في ذلك إلى أين سيهربون؟ وفي حالة عدم موتهم في المعارك وعدم إقدامهم على الانتحار، فهل سينكل بهم مقاتلو المعارضة أم سيتم أسرهم والتعامل معهم كأسرى حرب؟

تعتمد الإجابة عن الكثير من الأسئلة على مدى انضباط تشكيلات مقاتلي المعارضة المسلحة. الأسابيع القليلة القادمة سوف تكون حاسمة في بيان قدرة ليبيا على التماسك والتعامل مع التحدي الذي تمثله مرحلة ما بعد القذافي من إعادة إعمار وتنظيم.

وتتساءل الصحيفة: هل ستتماسك ليبيا أم سينتهي بها المآل إلى حالة من الفوضى وانعدام النظام، خاصة إذا علمنا أن إنهاء نظام القذافي سيترك الساحة خالية للإسلاميين وشيوخ القبائل ووحدات الجيش والانتهازيين ليحاول كل منهم اقتناص فرصة فراغ السلطة ويحاول أن يملأها بنفسه.

وكان المجلس الوطني الانتقالي قد نشر قبل أسبوعين خطة مفصلة لمرحلة ما بعد القذافي أعد معظم بنودها مستشارون من بريطانيا ودول حلف الناتو.

وتقول الصحيفة إن الخطة أخذت بعين الاعتبار الأخطاء التي حدثت بالعراق وحرصت على تفادي الفوضى التي تفشت سريعا بعد إزاحة الرئيس الراحل صدام حسين عام 2003. وتتضمن الخطة تفاصيل تخص المهمات والأولويات لحكومة مرحلة ما بعد القذافي وهي حفظ القانون والنظام ومنع أعمال السلب والنهب والحفاظ على انسيابية الخدمات الأساسية وحراسة المدارس والمستشفيات وضمان توزيع المواد الغذائية.

ولم تغفل الخطة تفادي الصراعات والحساسيات القبلية، فاقترحت تشكيل "قوة طرابلس" المؤلفة من عشرة آلاف عنصر من الشرطة والجيش ومهمتها ضمان تسيير الأمور بطرابلس من قبل أهلها بدلا من فرض قادة من قبائل أخرى عليها.

ولكن تعود الصحيفة لتبرز مخاوفها بالقول إن كل تلك المحاولات لتنظيم الأمور تبدو جيدة نظريا، ولكن سير الأمور على الأرض خلال الأسابيع الماضية كان مقلقا.

إذا تم انتشال الحلم الديمقراطي بنجاح من حطام الحرب في ليبيا، فإن ذلك سيكون بمثابة أمل قوي لكل ثورات الربيع العربي بأن الجائزة الكبرى ستكون عصرا جديدا من الحرية وليس استمرار القمع والظلم

وتشير إلى أن اغتيال عبد الفتاح يونس القائد العسكري الذي انشق عن القذافي وانضم إلى الثوار، لا يبشر بالخير ويعطي مؤشرا قويا على أن الثوار قد لا يستطيعون الحفاظ على وحدتهم في النهاية. كما ترى الصحيفة أن الاغتيال يعتبر مؤشرا على عدم تمتع مقاتلي المعارضة بقدر كاف من ضبط النفس وعدم الإقدام على أعمال انتقامية من الذين عملوا تحت إمرة القذافي.

وتعتبر الصحيفة أن ما سيحدث في ليبيا الأسابيع القادمة سيؤثر على الوضع في سوريا. فإذا انتهى الوضع في ليبيا إلى الفوضى، ستدرك الأقلية المناصرة لنظام الرئيس بشار الأسد أن الفوضى أمر لا مفر منه وستتشبث بالسلطة مهما كان الثمن.

أما إذا تم انتشال الحلم الديمقراطي بنجاح من الحطام الذي ستخلفه الحرب في ليبيا، فإن ذلك سيكون بمثابة أمل قوي لكل ثورات الربيع العربي بأن الجائزة الكبرى ستكون عصرا جديدا من الحرية وليس استمرار للقمع والظلم.

المصدر : تايمز