تونس بعد الثورة.. إلى أين؟

Tunisian riot police clash with demonstrators on the central Habib Bourguiba Avenue in Tunis on May 6, 201 during a demonstration organized by youths denouncing the transitional government and calling for "a new revolution". Riot police used tear gas and truncheons to break up a protest in central Tunis by about 200 people on May 6, attacking reporters and photographers covering the event.

قوات الأمن تعتقل محتجين بعد الثورة (الفرنسية)

قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة تونس حمادي رديسي إن مستقبل تونس لا يزال غامضا بعد ستة أشهر من مظاهرات أجبرت الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي على الهروب إلى السعودية يوم 14 يناير/كانون الثاني الماضي.

وتساءل رديسي في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز عن إمكانية بناء ديمقراطية جديدة بأيدي مسؤولين من النظام القديم، في إشارة إلى رئيس الوزراء الباجي قائد السبسي والرئيس فؤاد المبزع ومسؤولين آخرين.

وأكد رديسي وجود بعض التقدم ممثلا في تفكيك الدائرة المقربة من الرئيس المخلوع، وحلّ حزب التجمع الدستوري الحاكم سابقا، وحل الشرطة السياسية، ومساءلة عدد من كبار المسؤولين عن انتهاكاتهم للسلطة وسوء إدارة المال العام.

وأضاف أن النظام القانوني معيب ولم يقنع الشعب الذي يتوق إلى العدالة الحقيقية، فحتى الآن لم تتم استعادة دولار واحد نُقل إلى خارج البلاد من قبل عائلة بن علي، ولم تتم إدانة ولو ضابط شرطة واحد من المتورطين في قتل ما يقرب من 300 متظاهر، ولم تتم إعادة هارب واحد من المجموعة التي فرت من البلاد إلى تونس، بما في ذلك زين العابدين بن علي.

وقد اعتمدت الحكومة المؤقتة في العملية القانونية التقليدية على القضاة الذين عملوا في النظام القديم بدلا من اتباع نظام العدالة الانتقالية بلجان تقصي الحقائق والمحاكمات غير الرسمية التي تكون أسرع وأكثر مرونة.

وأكد أستاذ العلوم السياسية أن المشاكل الاجتماعية التي أدت إلى الاضطرابات الحالية لم تتوقف، وتواصل تسميم عملية الانتقال. فالبطالة المزمنة ومستويات التعليم المتدنية تقوض التحول الديمقراطي في تونس، وأكثر من 1.2 مليون تونسي، أي نحو 11% من سكان البلاد يعيشون في فقر (تقديرات الحكومة الانتقالية رفعت النسبة إلى 24%).

وقال رديسي إن التونسيين سيقررون يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول المقبل ما إذا كانوا يريدون نظاما رئاسيا أو برلمانيا، وسينتخبون حكومة جديدة، وبوجود أكثر من 90 حزبا فإن هذا يعني أن البرلمان المقبل سيكون منقسما. وتبين الاستطلاعات أن حركة النهضة المحظورة سابقا تحظى بتأييد أكثر من 20% من الناخبين، وهي لم تتخل قط عن آمالها في بناء دولة إسلامية وتعارض مبدأ فصل الدين عن الدولة.

وأوضح رديسي أن تونس تسعى لإدماج إسلامييها، فإذا انبثقت النهضة في الانتخابات مع التعددية السائدة، فإنها قد تقرر التواضع وتدعم حكومة وحدة وطنية، وذلك لطمأنة واشنطن والمانحين الأجانب.

وختم الكاتب مقاله بالقول إن توجه الإسلاميين في تونس نحو خيار حزب العدالة والتنمية في تركيا أو نحو الإسلام الراديكالي يعتمد على مدى استعداد قادتهم الجدد لرسم مسار مسؤول، وعلى قدرة الأحزاب العلمانية والمعتدلة على تحدي الجماعات ذات التوجه القومي والإسلامي. وعندئذ فقط يمكننا أن نعرف ما إذا كانت الثورة في تونس تمثل انتصارا لليبرالية أو بابا مفتوحا للمتطرفين.

المصدر : نيويورك تايمز