رحيل صالح.. نعمة أم نقمة؟

Sanaa, -, YEMEN : (FILES) A picture taken on May 20, 2011 shows Yemeni President Ali Abdullah Saleh waving during a pro-regime rally in Sanaa. Youths celebrated on June 5, 2011 what they said is the fall of Yemen's regime after Saleh, hurt in a blast inside his compound, left the country for treatment in Saudi Arabia. AFP PHOTO/MOHAMMED HUWAIS

صالح غادر إلى السعودية للعلاج من إصابات طالته في قصف للمسجد الرئاسي (الفرنسية)

اهتمت الصحف البريطانية بتطورات المشهد اليمني بعد مغادرة الرئيس علي عبد الله صالح إلى السعودية لتلقي العلاج من قصف طاله الجمعة الماضي، فقد تحدثت صحيفة ذي غارديان عن الفرصة المتاحة لليمنيين لإصلاح أوضاعهم، واعتبرت إندبندنت أن رحيله نذير شؤم، إذ سيسرع بانزلاق البلاد نحو حرب أهلية.

وتساءلت ذي غارديان عن ماهية الذي سيحدث لليمن بعد صالح، وقالت في مقال للكاتب برايان وايتيكر إن اليمنيين لديهم اليوم فرصة ليتوصلوا إلى حل للأزمة السياسية التي شلت بلادهم منذ فبراير/شباط الماضي.

واعتبر الكاتب إقلاع طائرة من اليمن وعلى متنها 24 فردا من عائلة صالح ليلتحقوا به في السعودية مؤشرا على أن ركائز عصر صالح قد انهارت، وأعرب عن اعتقاده بأنه لن يعود رئيسا لليمن وأن السعوديين والأميركيين سيعملون من وراء الستار لضمان ذلك.

ويدلل الكاتب على صحة اعتقاده بأن عددا كبيرا من كبار نظام صالح جرحوا في الانفجار ونقلوا أيضا الى السعودية لتلقي العلاج، كما أن هناك من يقول إن ابن اخت صالح وقائد القوات الخاصة قد قتل في الانفجار، وهذا يعني أن نظام صالح أصبح مبعثرا ومفككا.

وفي الوقت الذي يقر فيه الكاتب بأن اليمن أصلا لم يكن بلدا مستقرا بالكامل،  يرى أن الفرصة الآن للتوصل إلى سلام واستقرار نسبيين أكبر بكثير مما كانت ستكون عليه لو بقي صالح يقاتل للتمسك بكرسي الرئاسة.

كما يرى وايتيكر أن الوضع في اليمن أصبح مواتيا لتناول الاتفاق الذي رعته دول الخليج ووافق عليه صالح في البداية ولكنه رفض التوقيع عليه في آخر لحظة، لأن البنود التي عطلت تنفيذ الاتفاق غير ذات صلة الآن، وهي إعطاء صالح حصانة من الملاحقة الجنائية، وتقديم استقالته إلى البرلمان الأمر الذي ينطوي على تعقيدات كثيرة، لأن حزبه يحتفظ بالأغلبية البرلمانية، وأخيرا كان الاتفاق سيسمح لصالح بالعمل لفترة مع الحكومة الانتقالية التي من المفترض أن تتضمن أحزاب معارضة، وهو ما يعد قنبلة موقوتة.

ويعلق الكاتب بأن أي شخص يعرف صالح يدرك جيدا أن تلك الاتفاقية ما كانت لتعيش طويلا، وأن صالح كان سيقوم بأي وسيلة بنسفها ونسف تبعاتها.

اليمن تشهد منذ شهور اضطرابات سياسية واسعة نتيجة المطالبات بتنحي صالح (رويترز) 
اليمن تشهد منذ شهور اضطرابات سياسية واسعة نتيجة المطالبات بتنحي صالح (رويترز) 

حرب أهلية
أما إندبندنت فقد ذهبت باتجاه آخر مختلف تماما وعنونت افتتاحيتها بـ"الطاغية قد رحل ولكن خطر الحرب الأهلية باق".

تقول الصحيفة إنه من الصعب التصور أن ما حدث في اليمن في الشهور الأخيرة هو نسخة من ثورتي مصر وتونس. صحيح أن صالح كان قد اهتز موقفه بعد أن فقد دعم القبائل الشمالية، وأصبح شبه سجين في قصره، إلا أن رحيله بهذا الشكل قد يسرع انزلاق البلاد إلى حرب أهلية تستثمرها مجموعات القاعدة.

وترى الصحيفة أن مشكلة اليمن مزمنة ولن يحلها تبديل حكومة محل أخرى. فمن شح المياه إلى البطالة المتفشية إلى انخفاض الموارد النفطية وأمور أخرى كلها تشكل قائمة محبطة بالموانع التي تقف بين هذا البلد وتحوله إلى ديمقراطية حقيقية، وإذا أضفنا إلى تلك القائمة موضع مطالبة الجنوب بالانفصال عن اليمن، فسيكون لدينا وصفة مثالية لتصنيف اليمن دولة فاشلة.

السؤال هو وفقا للصحيفة من أين ستأتي أي حكومة جديدة بالأموال اللازمة لحل كل تلك المشاكل المزمنة؟ المطالبات للغرب بضخ أموال في مصر وتونس قد بدأت بالفعل، وسوريا تعاني من وضع يتأزم كل يوم مع سقوط المزيد من القتلى على يد قوات الأمن السورية التي تريد قمع وإسكات المطالبين بالتغيير الديمقراطي.

من غير المحتمل أن تقوم الدول الغربية بخطة مارشال لإنقاذ ذلك البلد النائي (اليمن)، رغم أن الوضع يشير إلى أن الحل الوحيد لإنقاذه هو خطة إنقاذ دولية شاملة.

وتتناول الصحيفة دعم الولايات المتحدة لصالح بشيء من النقد والتبرير، وتقول إن ما يحدث إثبات آخر على فشل سياسة الولايات المتحدة في الاعتماد على دعم الحكام المستبدين، كما اعتمدت على صالح حليفا لمحاربة القاعدة.

لكن الصحيفة تستطرد وتقول إن الوضع في اليمن يبين أن الأميركيين لم يكن لديهم خيار آخر، حيث لم يوجد من يمتلك رؤية واضحة ويعتمد عليه لقيادة التغيير سوى الانفصاليين الجنوبيين والإسلاميين، ولكن رؤية هؤلاء وأجندتهم كافية لإثارة رعب أي قائد إقليمي أو دولي.

وتختتم الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن خطة إنقاذ اليمن يجب ألا تترك للولايات المتحدة بمفردها، وتضيف أن بريطانيا نسيت اليمنيين ولكن لم ينسها جميع اليمنيين، حيث لا تزال أيام البريطانيين تذكر بالحسنى في اليمن على حد قولها، وتحث رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون على استثمار ذلك.

المصدر : الصحافة البريطانية