جوانب في عالم القذافي

REUTERS /Libyan leader Muammar Gaddafi reads a green book during his debate on democracy with two Western scholars in the desert in Sebha March 2, 2007, in a move apparently designed to further the resumption of international ties following years of isolation. Speaking on the 30th anniversary of his declaration of a Jamahiriyah or state of the masses,

القذافي يقرأ من كتابه الأخضر (رويترز-أرشيف)

قالت صحيفة ديلي تلغراف نقلا عن وثائق كشفتها الحكومة الألمانية هذا الأسبوع إن الزعيم الليبي معمر القذافي حمّل غونتر هيلد سفير ألمانيا الغربية سابقا في طرابلس في 27 مايو/أيار 1980 رسالة إلى المستشار الألماني هيلموت شميدت يصر فيها على طرد معارضين ليبيين يقيمون في ألمانيا الغربية سابقا.

وتقول الوثائق إن القذافي أقسم على اتخاذ إجراءات قاسية بحق 2500 ألماني غربي في ليبيا إذا لم يستجب له شميدت.

وقالت الصحيفة إن القذافي تساءل في رسالته عن ما إذا كانت ألمانيا الغربية "تريد التعامل مع الخونة أو مع الشعب الليبي؟"، وتضيف أن القذافي عرض أيضا وقف دعم جماعة الجيش الأحمر المعروفة ببادر ماينهوف، إذا سمح له شميدت بتصفية عدد "صغير" من المعارضين الليبيين الذين يقيمون في ألمانيا الغربية.

وأوضحت الصحيفة أن هذا يعطي صورة عن ما سيكون في ليبيا إذا نجح القذافي في البقاء على رأس السلطة، وتضيف أن هذا السلوك يبين مدى جرأة القذافي في التعامل الدموي مع خصومه وعدم تردده في الإقدام على تصفيتهم.

وقالت ديلي تلغراف إن القذافي الذي يتربع على السلطة منذ عام 1969، وبعدما تعرض لضربة أميركية في عام 1986، انزوى وعاد إلى تنشيط جماعات عربية والجيش الجمهوري الإيرلندي واليساريين الألمانيين واليابانيين، بالإضافة إلى نشاطه في تخريب استقرار دول جنوب الصحراء.

وبعد تفجير لوكربي في عام 1988، تحدى العقوبات الدولية التي كان هدفها إرغامه على تسليم المتهمين، وبعد عام واحد نفذ عملاء تابعون له تفجير طائرة يوتا الرحلة رقم 772 فوق النيجر والتي كانت قادمة من فرنسا إلى تشاد ولقي 170 شخصا مصارعهم، وكان هذا انتقاما من هزيمته في حرب تشاد.

وقالت الصحيفة إن القذافي ظل يحكم الليبيين بما يسميه "النظرية العالمية الثالثة" المجسدة في "الكتاب الأخضر" وبها بسط السلطة على مجموعات صغيرة داخل المجتمع الليبي، وتشرح ذلك بأنه تجسيد حقيقي لسياسة "فرق تسد" إذ تمكن من منع ظهور أي شكل من المعارضة القبلية أو السياسية المنظمة.

كما أن القذافي التفت إلى الجيش الذي شك في ولائه، فلجأ إلى تكوين كتائب موازية بقيادة أبنائه وأقاربه، ولإثبات أنه ما زال يحكم بقوة، أسبغ على نفسه ألقابا عدة منها إمام المسلمين، وعميد الحكام العرب وملك ملوك أفريقيا.

وتمضي الصحيفة قائلة إنه رغم الخطاب المتعجرف للقذافي عن "الشعب الليبي" فهو يركز كامل السلطات الحقيقية بيده وبيد أبنائه الذين يسيطرون على القوة العسكرية والمالية المتمثلة في النفط والغاز، وأحد أبنائه وهو خميس القذافي يسيطر على أفضل الكتائب تسليحا، وهناك ابنه الآخر معتصم الذي يُعتبر مستشاره الأمني والذي قاد محاولة الاستيلاء على بنغازي في الأسبوع الماضي.

وتؤكد الصحيفة أن أبناء القذافي السبعة فقدوا الآن حلم وراثة السلطة من والدهم، وهذا لأنهم ربطوا أنفسهم به وصار مصيرهم واحدا، كما أن القذافي لم يكتف بهذا بل جمع حوله دائرة من المقربين الموالين له، بحيث يدافعون عنه لأن ذهابه يعني خسارتهم هم أيضا.

ويقول عبد المؤمن الهوني الذي كان ممثل ليبيا في جامعة الدول العربية "إن هؤلاء الناس سيقاتلون معه حتى الموت، كما أن أيدي بعضهم ملطخة بالدماء، ولذا فسيبقون مُطاردين".

ويقول البروفيسور جيرولد بوست وهو خبير في علم النفس السياسي استشارته الاستخبارات المركزية الأميركية لمعرفة كيف يرى أشخاص مثل سلوبودان ميلوسوفيتش وصدام حسين العالم وكيف يرون أعداءهم، فقال بوست إن التقدم في السن يجعل مثل هؤلاء الزعماء النرجسيين يسرعون في البحث عن مهام تعطي لحياتهم الخاوية معنى، وهذا ينطبق على زعماء مثل ستالين وهتلر.

وقال السفير الليبي السابق في واشنطن علي عوجلي إن القذافي فقد اتصاله بالواقع وإلا فماذا يعني قوله "أنا الذي قدت ثورة تاريخية شرفت الليبيين، وستقود ليبيا العالم كله، أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، ولا أحد سيوقف هذه المسيرة التاريخية"، كما أن إحساسه بجنون العظمة واضح بدون شك، فهو اتهم معارضيه بأنهم أدوات بيد "القاعدة" أو "سي آي أي" التي وضعت حبوب الهلوسة في قهوة نسكافيه لليبيين.

وتذكر الصحيفة بأنه هدد بتحويل عقود النفط إلى الشركات الصينية والهندية لمعاقبة الغرب، ووصف قادة بريطانيا وفرنسا بأنهم "صليبيون" و"إمبرياليون" و"فاشيون"، كما أنه بعث برسالة للرئيس الأميركي باراك أوباما بدأها بطريقة غريبة حيث قال "ابني العزيز".

المصدر : تلغراف