ضحايا زلزال اليابان المنسيون

AFP / An elderly woman receives medical attention early in the morning a shelter in the town of Monzen in Wajima, Ishikawa prefecture, 27 March 2007, where victims of the 25 March earthquake have relocated. Strong aftershocks rattled

المسنون أكثر ضحايا كارثة اليابان (الفرنسية)

كارثة تسونامي التي ضربت اليابان عمت كل مناحي الحياة هناك وكانت وطأتها شديدة على البشر، وكانت أشد وطأة على أكثر المواطنين هشاشة وضعفا ألا وهم المستضعفون من المسنين.

فلم يجد هؤلاء المسنون مأوى لهم إلا في فصول المدارس وممراتها والتحديات التي تواجههم كثيرة وغير عادية ليس فقط من الزلزال وتسونامي ولكن من الصراع الذي تلاهما. فهؤلاء المسنون غالبا ما يعيشون وحدهم وفي فوضى الكارثة فقدوا إعانتهم الاجتماعية مؤقتا نظرا لانشغال الحكومة بمجابهة هذه الكارثة الهائلة التي لم يقدر تأثيرها على الفور.

والمشكلة الأساسية التي كانت تواجه المسنين -كما أوردته صحيفة إندبندنت- أنهم لم يتمكنوا من التحرك بسرعة حيث إن أنظمة الإنذار المبكر في المناطق التي تضررت كانت فترة الإنذار فيها من 20 إلى 30 دقيقة بين الزلزال ووصول موجة تسونامي العاتية التي تولدت عنه. ومن ثم فإن الكثير من أولئك الذين غرقوا لم يكونوا خفيفي الحركة بما يكفي للهرب.

وأشارت الصحيفة إلى أن اليابان مشهورة بكثرة معمّريها ومع انخفاض نسبة المواليد بلغت نسبة المعمرين 20% من السكان فوق سن 65. وفي المناطق النائية، بما في ذلك المجتمعات التي ضربها تسونامي تزيد النسبة إلى 35% بسبب هجرة الشباب إلى المدن بحثا عن العمل.

وتتكرر هذه القصة في مدن أخرى حيث حاول كثير من المسنين الهرب بسياراتهم لكنهم وجدوا أنفسهم محاصرين بزحمة مرورية مميتة ولم ينج إلا الذين كانت لديهم القوة للصعود إلى أعالي التلال أو المباني القوية المصنوعة من الإسمنت.

وكما هو معلوم في معظم المجتمعات الآسيوية فإن التوقير والاحترام يمتد تقليديا إلى المواطنين المسنين في اليابان. لكن في هذه الكارثة شُغل معظم الناس عنهم، وفي إحدى الحوادث المؤسفة تُرك 128 مسنا ومريضا في دار استشفاء داخل منطقة الإجلاء المحيطة بالمفاعلات النووية المتضررة. وعندما تم اكتشافهم من قبل قوة الدفاع المدني كانت غالبيتهم في حالة غيبوبة ومات منهم بعد ذلك 14.

ورغم هذه المآسي فإن القدر كان رحيما بآخرين. فقد اكتشفت طفلة في الشهر الرابع وسط الحطام في إحدى القرى بعد ثلاثة أيام من ضياعها من بين أيدي والديها في خضم تيار الماء العارم وأُعيدت إلى أسرتها سالمة. كذلك تم انتشال سيدة في السبعين من الحطام في مدينة ساحلية مدمرة بعد أكثر من 90 ساعة من حدوث الزلزال ورغم معاناتها الشديدة من انخفاض درجة حرارة جسمها لم تصب بسوء.

بعض الأمل
وبعد أصعب تسعة أيام في تاريخ ما بعد الحرب تبدأ اليابان اليوم ببصيص من الأمل والتفاؤل في التحرك بثبات لتفادي الكارثة التي ضربت مفاعلاتها النووية. ويأمل مهندسوها إعادة الطاقة إلى أنظمة التبريد في مفاعلات داييتشي في فوكوشيما هذا الصباح إذا أثبتت اختبارات المعدات نجاحها. وهدفهم هو إعادة تشغيل مضخات المياه التي تعطلت منذ انقطاع أنظمة التيار الرئيسية والاحتياطية عقب الزلزال وتسونامي الذي وقع يوم 11 مارس/آذار.

ويأمل المسؤولون أن تعود الكهرباء إلى المفاعلات الستة في نهاية اليوم بعد توصيل كابل طاقة طوله 1.5 كيلو متر خارج المحطة أمس، لكن ليس هناك ضمان بأن أنظمة التبريد ستعمل نظرا لحجم الضرر الهائل.

وأشارت إندبندنت إلى أن المسؤولين سجلوا أول تقدم كبير في المحطة أمس قائلين إنهم أعادوا الاستقرار إلى المفاعل رقم 3 الذي يعتبر أخطرها بسبب استخدامه البلوتونيوم بعد أن قضت عربات الإطفاء نصف يوم في تبريد قضبان الوقود النووي التي ارتفعت حرارتها كثيرا.

ورغم ذلك تم اكتشاف آثار أيودين مشع في اللبن المستخرج من مزرعة داخل نقطة العزل في فوكوشيما وكذلك في نبات السبانخ الذي يُزرع في ولاية إيباراكي المجاورة. وفي طوكيو، التي تبعد 240 كيلومترا عن المحطة المتضررة، وجدت مستويات منخفضة من الأيودين المشع في مياه الشرب. وحتى الآن نجت طوكيو من كارثة ما بعد الزلزال. لكن هذا لم يمنع السكان من الهرب من العاصمة.

المرض والجوع
وفي سياق متصل أيضا كتبت ديلي تلغراف أن الناجين من الزلزال يصارعون الأمراض والجوع وخدمات الطوارئ اليابانية تكافح الطقس المتجمد ونقص الأدوية والظروف غير الصحية وهو ما يشكل تحديا للبقاء على قيد الحياة.

ويقول الأطباء إن كثيرا من الناس يعيشون في خطر محدق من الاستسلام لعدد من الأدواء التي زادت سوءا بسبب التوتر ونقص الغذاء ودرجات الحرارة المتجمدة.

ومن مظاهر التوتر التي تبدو على الناس وخاصة الكبار السن عدم القدرة على النوم ليلا والكوابيس التي توقظهم إذا غمض لهم جفن.

ونظرا لقلة الطعام يعطَى الواحد منهم كسرة خبز للفطور لكنهم يؤثرون غيرهم من الأطفال الذين يتضورون جوعا. وإذا كان هناك تغيير في الطعام فإنه لا يتعدى كرات الأرز والشاي.

وأخطر تهديد للمسنين الناجين من أسوأ كارثة طبيعية كما يقول طبيب متخصص في الطب الرئوي هو التفشي المحتمل للإنفلونزا، وهو وباء يمكن أن يتسلل إلى هذه الجموع الضعيفة. وأكبر مشكلة كانت تواجه الأطباء هي معالجة الناس الذين حوصروا في تسونامي وكانوا يعانون من انخفاض درجة حرارة أجسامهم.

ومن بين الأمراض التي تفشت بين الناس الالتهاب الرئوي والربو والالتهاب الشعبي المزمن، والمصابون بالسكري لا يجدون أدويتهم الخاصة. ومع نقص دفاعاتهم الجسمية يسقط المسنون ضحايا لالتهاب الأمعاء والتهاب القولون والإسهال والقيء. ويقدر عدد الذين يعيشون في ملاجئ بنحو 452 ألف شخص، وقد تجاوز عدد الوفيات بينهم 7000.

المصدر : الصحافة البريطانية