بريمر: الانسحاب الأميركي خطأ

-

بول بريمر يعتقد أن أميركا ارتكبت خطأ جسميا بسحب كل قواتها من العراق (رويترز)

كتب مبعوث الرئاسة الأميركي إلى العراق عام 2003-2004 بول بريمر في صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن واشنطن بحاجة لتوسيع جهودها الاستخبارية مع بغداد ومواصلة تدريب القوات العراقية.

وقال بريمر إن العراق يعيش في جوار صعب ولآلاف السنين نجا القادة في بلاد الرافدين بإتباعهم حسابات دقيقة. وبعد القرار الأميركي بسحب كل القوات من بلدهم، وضع القادة العراقيون استنتاجاتهم الخاصة حول ما يستجد بعد ذلك. والأحداث حتى الآن تشوه بدرجة خطيرة الأمن والمكاسب الاقتصادية للأعوام الأربعة السابقة وتهدد التقدم البطيء نحو تسوية سياسية مستدامة.

وأضاف بريمر أن بقية من وجود عسكري أميركي في العراق كانت ستساعد أميركا في تحقيق ثلاثة أهداف أمنية: ضرب تنظيم القاعدة والإرهابيين الإيرانيين الذين ما زالوا نشطين في العراق، وثانيا المساعدة في تدريب قوات الأمن العراقية، وثالثا تخفيف التوترات على طول "الخط الأخضر"، وترسيم الحدود المتنازع عليها بين أكراد الشمال وعرب الجنوب. وهذا الانسحاب يجعل هذه الأهداف الثلاثة أصعب في الحفاظ عليها.

لكن أهم الأسباب لوجود عسكري أميركي مستمر كان دائما سياسيا. فهذا الوجود كان سيبرهن لجيران العراق، وخاصة إيران، بأن أميركا كانت لها مصلحة دائمة في احتواء السعي الإيراني للهيمنة الإقليمية. وربما كان أيضا إشارة واضحة لنية أميركا في الوقوف إلى جانب العراقيين وهم يعملون على تطوير مؤسسات سياسية دائمة.

وفوائد وجود عسكري مستمر أظهرته الأزمة السياسية الحرجة التي اندلعت في غضون 24 ساعة فقط من رحيلنا عندما أصدر رئيس الوزراء نوري المالكي الشيعي مذكرة اعتقال لنائب الرئيس السني الذي فرّ إلى الشمال الكردي.

خطأ جسيم
وأشار بريمر إلى تسريبات مكثفة في واشنطن هذا الصيف أوضحت أن الإدارة الأميركية كانت مستعدة لدراسة إبقاء 3000 جندي في العراق، لكنه قال إن مثل هذه القوة بالكاد تكون كافية لتوفير الحماية لنفسها، ناهيك عن تنفيذ المهام الأمنية الضرورية الثلاث.

وقال إن أمورا كثيرة تعتمد على كيفية حل الأزمة الحالية. والمزيد من الانهيار سيكون كارثيا للعراقيين ويقود إلى المزيد من الإرهاب هناك وفي أماكن أخرى وقد يهدد المؤسسات الديمقراطية الشابة في العراق، ويمكن أن يضر كثيرا بالمصالح الأميركية، وهو ما يجعل إيران في موقف تؤكد فيه المزيد من النفوذ في العراق والمنطقة.

الرئيس أوباما ارتكب خطأ جسيما بسحب كل القوات الأميركية وأمامه فرصة للبدء في علاج النتائج وأن لا يضيع الوقت

والنتيجة الأفضل -كما يراها بريمر- قد تكمن في تقوية المؤسسات السياسية الشابة في العراق. ولتشجيع هذا النهج فإن أميركا بحاجة إلى التحرك بهمة على الجبهتين السياسية والدبلوماسية في العراق ومع جيرانه. وينبغي توجيه جهد كبير لتوسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية بين الولايات المتحدة والعراق بالإضافة إلى التشجيع على التوصل إلى حل سلمي للمأزق السياسي الحالي.

وقال بريمر إن تفجيرات الأسبوع الماضي في بغداد تؤكد أيضا على الحاجة إلى استخبارات أفضل عن التهديدات الإرهابية. وللأسف أهم المعلومات الاستخبارية يمكن جمعها على الأرض فقط، وهذه الإمكانية الهامة خسرتها أميركا بانسحابها. وأكد على ضرورة العمل على توسيع التعاون الاستخباري مع العراقيين.

وختم بريمر بأن على أميركا أن تعترف بأن معظم العراقيين لا يريدون أن يصيروا بيادق لإيران، وأنهم قد يرحبون بارتباط دبلوماسي أميركي قوي في المنطقة لإحداث توازن مع النفوذ الإيراني. وأضاف أن الرئيس أوباما ارتكب خطأ جسيما بسحب كل القوات الأميركية وأمامه فرصة للبدء في علاج النتائج وأن لا يضيع الوقت.

المصدر : وول ستريت جورنال