فيسك: مصرفيو الغرب كطغاة العرب
اعتبر الصحفي البريطاني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط روبرت فيسك أن المصرفيين في الغرب هم الطغاة الذين لا يختلفون عمن وصفهم بالحكام العرب المستبدين "الذين يعتبرون دولهم ملكا لهم".
ولتوضيح وجهة نظره بأن النظام الرأسمالي قد تم تشويهه والتستر على الأزمة المالية، عقد فيسك -في مقال بصحيفة ذي إندبندنت- مقارنة بين ما يسمى "الربيع العربي" والمظاهرات التي تجري في الغرب.
وقال إن مصطلح الربيع العربي نفسه تشويه غريب لصورة الصحوة العربية أو الإسلامية التي تهز الشرق الأوسط.
وفي طور انتقاده للمراسلين الغربيين في نقل الاحتجاجات الاجتماعية في الغرب، يشير فيسك إلى أن التقارير كلها تتحدث عن كيفية استلهام فقراء الغرب الربيعَ العربي والاحتجاجات التي أطاحت بالرئيسين المخلوعين حسني مبارك في مصر وزين العابدين بن علي في تونس.
لكن الكاتب يستدرك أن كل ذلك كان هراء، موضحا أن وجه الشبه الحقيقي بين ثورات العرب والغرب قد تم تجاهله وتفاديه من قبل الصحفيين الغربيين الذين يحرصون كل الحرص على تمجيد الثورات ضد الحكام المستبدين العرب، ويتجاهلون الاحتجاجات ضد الحكومات "الديمقراطية" الغربية، ويحطون من شأن تلك الاحتجاجات، بدعوى أنهم فقط ينقلون آخر صرعات العالم العربي.
إننا في الغرب خلقنا طغاتنا، ولكننا خلافا للعرب لا نستطيع المساس بهم |
الحقيقة
أما الحقيقة -يتابع فيسك- فهي غير ذلك، لأن الذي دفع العرب للخروج بعشرات الآلاف ومن ثم الملايين إلى الشوارع في الشرق الأوسط هو المطالبة بالكرامة ورفضهم القبول بأن تتملك العائلات المالكة بلادهم.
ويشير إلى أن الشهداء العرب سقطوا ليثبتوا أن بلادهم ملك للشعب فقط.
وما يحدث في الغرب -وفقا لفيسك- هو حركات احتجاجية ضد المصرفيين والحكومات، لأن الشعوب شعرت بعد حين أنها تعرضت لخداع الديمقراطية المزيفة.
ويمضي قائلا إن الشعوب الغربية انتخبت الأحزاب السياسية التي سلمت فيما بعد تفويضها الديمقراطي وسلطة الشعب إلى البنوك وتجار المشتقات المالية ووكالة التصنيف الائتماني.
ويوضح أن المالكين الثلاثة الجدد للسلطة، بدعم من زمرة "غير مخلصة" من الخبراء والباحثين من جامعات أميركية عريقة، يؤكدون رواية أن هذه الأزمة هي أزمة العولمة وليست خدعة مالية تُفرض على الناخبين.
ويرى فيسك أن مصرفي غولدمان ساكس ورويال بنك أوف أسكوتلاند لا يختلفان عن مبارك وزين العابدين في نهب ثروات الشعب عبر المكافآت المالية الضخمة والزيادات التي يتلقاها المديرون بكميات لا يتخيلها حتى "إخوتهم من الطغاة العرب".
وفي إطار تعبيره عن سبب غياب التحقيق في الأزمة المالية، أشار فيسك إلى أن ذلك يذكره بتغطية العديد من المراسلين الأميركيين لأحداث الشرق الأوسط، وتجنبهم لكل ما ينتقد إسرائيل بشكل مباشر، ووقوفهم إلى جانب الرؤية الإسرائيلية.
وختم قائلا "إننا في الغرب -أعني الحكومات- خلقنا طغاتنا، ولكننا خلافا للعرب، لا نستطيع المساس بهم".