نظام نفطي عالمي جديد يتشكل

afp : This US Coast Guard handout image shows rigs drilling a relief well and preparing the static kill are seen at the site of the Deepwater Horizon well about 40 miles (64km) from the




قال خبير نفطي إن ملامح خريطة نفطية عالمية جديدة آخذة في التشكل، وإن التركيز لم يعد ينصب على منطقة الشرق الأوسط لتزويد الولايات المتحدة بالذهب الأسود بل على نصف الكرة الأرضية الغربي.


ففي مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، كتب رئيس مجلس إدارة مؤسسة كمبريدج لبحوث الطاقة دانيال يرجين يقول إن محور الطاقة الجديد يمتد من مقاطعة ألبرتا بكندا مرورا بولاية داكوتا الشمالية وجنوب تكساس، ومن اكتشاف نفطي ضخم قبالة ساحل غويانا الفرنسية إلى مخزونات نفطية بحرية هائلة بالقرب من البرازيل.


وينطوي هذا التحول على أهمية كبيرة بالنسبة للعرض والسياسة النفطية العالمية ذلك أنه يحدث من قبيل المصادفة تقريبا وليس في سياق خطة كلية أو سياسة رئيسية.


وقد ظلت خريطة العالم النفطية طوال خمسة عقود ونيف تتمحور حول منطقة الشرق الأوسط. وكانت كل التكهنات تقريبا تشير إلى أن اعتماد الولايات المتحدة على الإمدادات النفطية من الشرق الأوسط مرشح للازدياد على الرغم من اكتشاف مصادر جديدة للطاقة في مناطق أخرى.


ولطالما ظل السعي لتبني "سياسة نصف كروية للطاقة" للولايات المتحدة مثار نقاش منذ أزمة الإمدادات النفطية في سبعينيات القرن الماضي.

وقد استند مفهوم "الطاقة النصف الكروية" في السبعينيات والثمانينيات على دعامتين هما: فنزويلا، التي كانت مصدرا معتمدا للنفط منذ الحرب العالمية الثانية، والمكسيك التي عاشت طفرة نفطية هائلة حوّلتها من دولة مستوردة للنفط إلى مصدر رئيسي له.


ومنذ وصول هوغو شافيز إلى كرسي السلطة لم تعد فنزويلا على ما يبدو تلك الدعامة التي يمكن الاعتماد عليها بالنسبة للولايات المتحدة.


أما المكسيك، التي يشكل النفط فيها 35% من عائدات الحكومة، فتعاني من تدني الإنتاج، وقد تصبح مستوردة له في وقت لاحق من العقد الحالي ما لم تطرأ إصلاحات على قطاع النفط والاستثمار الأجنبي.

الاكتشافات العلمية
وتستند السياسة النفطية الجديدة على مصادر لم يكن لها دور كبير في السنوات الأخيرة، لكن ذلك الدور بدا ممكنا الآن بفضل الفتوحات والتقدم في مجال التكنولوجيا.


سيتدفق ذلك النفط الذي كان يتجه يوما من الأيام غربا، نحو الشرق إلى حيث الأسواق الآسيوية الصاعدة. وهو ما قد يؤشر إلى تحول جيوسياسي كبير وبما يعنيه ذلك من تزايد رهان الاقتصادات الآسيوية على استقرار الإمدادات النفطية من الشرق الأوسط

فخلال أكثر من عشر سنوات بقليل تحولت رمال كندا النفطية من مصدر هامشي إلى مورد رئيسي للنفط، إذ يبلغ إنتاجها اليوم من تلك الرمال 1.5 مليون برميل يوميا أي أكثر مما كانت تصدره ليبيا قبل ثورتها ضد القذافي.


ويمكن لرمال كندا النفطية أن تضاعف إنتاجها إلى ثلاثة ملايين برميل في اليوم بحلول العقد المقبل. وستجعل هذه الزيادة من كندا منتجا نفطيا أكبر من إيران، وخامس أكبر منتج في العالم بعد روسيا والسعودية والولايات المتحدة والصين.


وهناك في الطرف الآخر من محور النفط بنصف الكرة الأرضية الغربي تقع البرازيل التي تملك مخزونات كبيرة من النفط.


أما التطور الرئيسي الثالث في مجال الإمدادات النفطية فقد حدث في الولايات المتحدة بفضل تكنولوجيا غاز الطُفال أو الصلصال في ولاية داكوتا الشمالية.


وحدث تطور مماثل في أجزاء أخرى من الولايات المتحدة وتحديدا في جنوب وغرب تكساس.


ومن شأن هذه التطورات الثلاثة أن تُحدث تغييرا جوهريا في انسياب النفط عالميا. ومع ذلك سيظل نصف الكرة الغربي بحاجة لإمدادات نفطية من باقي أرجاء العالم.


غير أن تلك الحاجة قد تتراجع إلى ما دون النصف بحلول العام 2020، مما يعني تراجع الواردات من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا.


وسيتدفق ذلك النفط الذي كان يتجه يوما من الأيام غربا، نحو الشرق إلى حيث الأسواق الآسيوية الصاعدة. وهو ما قد يؤشر إلى تحول جيوسياسي كبير وبما يعنيه ذلك من تزايد رهان الاقتصادات الآسيوية على استقرار الإمدادات النفطية من الشرق الأوسط.

وسيثير ذلك تساؤلا كبيرا في السنوات العديدة القادمة هو: كيف سيتسنى للقوى الكبرى أن تتشاطر في ما بينها مسؤولية استقرار الخليج العربي؟

بالنسبة لنصف الكرة الغربي فإن التحول يعني تدفق مزيد من النفط من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال بدلا من تدفقه من الشرق إلى الغرب.

كل ذلك يعكس كيف أن الأفكار والاختراعات الجديدة تعيد رسم خريطة العالم النفطية، وتعيد صياغة مستقبل الطاقة.

المصدر : واشنطن بوست