هل حقا انتهت الحرب الباردة؟

afp : US President Barack Obama speaks as Russian President Dmitry Medvedev watches at the US–Russia Business Summit June 24, 2010 at the US Chambers of

تناولت معظم الصحف البريطانية والأميركية أنباء الكشف الأميركي عن شبكة تجسس روسية تعمل على أراضي الولايات المتحدة وتعنى بتجنيد المصادر السياسية وجمع المعلومات لصالح موسكو للنقد والتحليل، وتساءل بعضها عما إذا كانت الحرب الباردة بين الدولتين العظميين ودول أخرى لم تنته بعد؟

وتساءلت الكاتبة ماري ديجيفسكي في مقال بصحيفة ذي إندبندنت البريطانية عما إذا كانت مهمات التجسس في العالم قد غطاها غبار التاريخ، أم أنها باتت إستراتيجية تتبعها بعض دول العالم وروسيا حتى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي؟

وقالت ديجيفسكي إنه رغم الانتهاء الظاهري للحرب الباردة، لا يزال شبحها يخيم على أجواء معظم الدول في العالم.

ودعت إلى تأمل ما وصفتها بالإجابة الدبلوماسية المهذبة للسفير البريطاني السابق لدى موسكو توني بينتون عندما سئل البارحة في أحد برامج "بي بي سي" عما إذا كانت روسيا لا تزال تستهدف بلاده بمهمات تجسس، الذي أجاب بالقول "لا تعليق".

وفي حين أشارت الكاتبة إلى تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المتمثلة في قوله إن جهات معينة لها أهداف مغرضة في تخريب العلاقات الأميركية الروسية، قالت إن التوقيت الذي أعلنت فيه واشنطن عن كشفها عن شبكة التجسس الروسية جاء في أعقاب قمة جمعت رئيسي البلدين دون أن يكشف أوباما لميدفيديف شيئا.

"
الأميركيون كشفوا عن شبكة التجسسس الروسية وألقوا القبض على "العصافير قبل طيرانها" خشية أن تصنع منهم موسكو مفاجأة على طريقة جيمس بوند
"
ماري ديجيفسكي

جيمس بوند
ومضت بالقول إن الأميركيين ربما أرادوا إلقاء القبض على "العصافير قبل طيرانها"، خشية أن تصنع منها موسكو مفاجأة على طريقة جيمس بوند.

وأشار تقرير للصحيفة إلى أن بعض المتهمين بالتجسس لصالح موسكو كانوا ربما يجلسون في أحد المقاهي في ميدان تايمز أو في أي مكان عام في مانهاتن بنيويورك الأميركية ويبدؤون بإرسال المعلومات إلى المسؤولين في موسكو وكأن الحرب الباردة لم تنته بعد.

وأضاف التقرير أن بعض المتهمين كانوا أزواجا يحملون هويات أميركية ويعملون بوظائف في أميركا ولديهم أطفال ولدوا وترعرعوا على الأرض الأميركية وأن بعضهم يعيش في الولايات المتحدة منذ تسعينيات القرن الماضي أو عندما كان الاتحاد السوفياتي لا يزال "ساخنا في قبره".

وأشار تقرير آخر في الصحيفة إلى التصريحات الغاضبة التي أطلقها رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين وحذر من خلالها واشنطن من تدهور علاقاتها بموسكو إثر الطريقة التي ألقت بها الشرطة الأميركية القبض على عشرة أفراد روسيي الأصل إضافة إلى متهم آخر قبض عليه في قبرص.

غضب بوتين
كما أشارت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إلى غضب بوتين إزاء الخطوة الأميركية رغم أن حكومته اعترفت بأن من بين أفراد شبكة التجسس الـ11 مواطنين يتبعون لروسيا.

"
 الخطوة الأميركية أثارت غضب بوتين رغم أن حكومته اعترفت بأن من بين أفراد شبكة التجسس الـ11 مواطنين يتبعون لروسيا
"
وول ستريت جورنال

وبينما أعرب مسؤولون روسيون عن أملهم بألا تؤدي ما وصفتها الصحيفة بفضيحة التجسس إلى تعكير صفو العلاقات بين البلدين، قالت وول ستريت جورنال إنه لا يبدو أن ثمة ردة فعل من جانب موسكو قد تؤدي إلى شرخ كبير في علاقتها مع واشنطن.

وعلى صعيد متصل، قالت الصحيفة إن بعض الدول التي تتجسس بعضها ضد بعض عادة تقوم بتوظيف عناصر استخبارية لها في سفاراتها أو عبر الوفود التجارية بحيث يعملون تحت أغطية مختلفة.

وأما الكاتبان هارفي كليهر وجون إيرل هاينس فأشارا في مقال لهما في وول ستريت جورنال إلى أن القبض على شبكة التجسس يعد خسارة كبيرة، وأوضحوا أن الاختراق العميق يحتاج إلى تدريب مكثف بتكلفة عالية.

وأوضحا أن التدريب لا يختص بالعملاء أنفسهم فحسب، ولكنه يتجاوز ذلك إلى كيفية التواصل معهم والإشراف على نشاطاتهم وغير ذلك مما يتطلب تكلفة عالية تقع على عاتق وكالات الاستخبارات في أنحاء العالم.

تبادل العملاء
كما عبر الكاتبان عن خشيتهما من أن يمضي المتهمون الـ11 فترات طويلة في السجون الأميركية، خاصة في ظل عدم توفر عملاء أميركيين يمكن لروسيا استخدامهم لمبادلتهم مع عملائها في السجون الأميركية.

من جانبها قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن الروس الذين كشف عنهم مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي قد تلقوا تدريبات مكثفة كافية تمكنهم من تشكيل شبكة تجسس عالمية.

وأضافت أن معظم شبكات التجسس السوفياتية السابقة إبان الحرب الباردة كان يديرها جهاز المخابرات "كي جي بي" من خلال مسؤولين يتخفون تحت مسميات ووظائف رسمية ودبلوماسية معروفة.

ووفق الرواية الأميركية، توفرت لدى أعضاء شبكة التجسس كل الوسائل الممكنة، مثل الرسائل المشفرة والحبر الخفي والمبالغ النقدية والزيارات الخاطفة إلى موسكو وجوازات السفر المزورة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وغير ذلك من الوسائل التي تسهل مهمتهم.

المصدر : الصحافة الأميركية + الصحافة البريطانية