إرث جدار برلين بعد 20 عاما

REUTERS - West Berlin citizens continue their vigil atop the Berlin Wall in front of the Brandeburg Gate in this November 10, 1989 file


تناولت نيويورك تايمز الإرث التاريخي الذي خلفه سقوط جدار برلين عام 1989 في تعليق موسع شمل آراء عديدين من السياسيين والخبراء والباحثين، في ظل احتفال العالم بذكرى مرور عشرين عاما على الحدث، واستمرار الجدل بشأن التغيرات التي أعقبته على المستوى العالمي.

وكتبت الصحيفة في التعليق الموسع أن مجموعات مختلفة في دول متعددة تنظر إلى ذكرى سقوط الجدار وما تلا ذلك من أحداث وتغيرات من زوايا مختلفة.

وقال أستاذ التاريخ في جامعة جورج واشنطن جيمس غولدغير الذي أرخ لتلك الفترة، إن السؤال الكبير الذي بقي مطروحا على الساحة على مدار 20 عاما يتمثل في من يقف وراء ذلك الإنجاز؟

وأضاف أن كثيرين من الأميركيين ينسبون الفضل إلى الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان وما سماه موقفه الحازم إزاء الشيوعية وإنفاقه الضخم في المجالات العسكرية.

"
تنافس أميركي أوروبي في ادعاء الفضل بإسقاط جدار برلين وإنهاء الحرب الباردة

"

انهيار سوفياتي
ومضى غولدغير إلى أن دور ريغان كان غطى على وجهة النظر الأميركية الأخرى التي ذهبت إلى أن العولمة والديمقراطية هما اللتان أنهيتا الحرب الباردة من خلال تأثر رئيس الاتحاد السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف بهما، ومن ثم فقدان الشيوعية سيطرتها وانهيار الاتحاد السوفياتي.

ومن الناحية الأوروبية تختلف النظرة إزاء سقوط الجدار، حيث يقول الباحث في معهد كارنيغي بواشطن روبرت كاغان إنه إذا نسب 90% من الأميركيين الفضل في سقوط الجدار إلى القوة الأميركية، فإن 99% من الأوروبيين يعتقدون أن الجدار سقط بفضل دبلوماسيتهم وقوتهم الناعمة.

من جانبه قال رونالد أسموس نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون أوروبا إن سقوط الجدار أدى إلى توحد أوروبا وسيطرتها أو احتوائها للمشاكل السابقة التي كانت في قلب الأوروبيتين الغربية والشرقية، مشيدا بانضمام دول القارة لحلف شمال الأطلسي (ناتو).

ويضيف أسموس وهو رئيس مكتب صندوق مارشال الألماني في بروكسل، بالقول إن للناتو الفضل في احتواء الحرب القصيرة التي جرت بين روسيا وجورجيا، وإنه لم يعد للمشاكل وجود يذكر على الساحة الأوروبية الموسعة.

وأما رئيس لجنة السياستين الخارجية والدفاعية في البرلمان الروسي (مجلس الدوما) سيرجي كارغانوف فيرى أن روسيا تبقى تشكل تحديا قويا لكل من الولايات المتحدة وأوروبا، مضيفا أنه تحد آمن.

"
بينما قد تعتبر الولايات المتحدة نفسها كونها المنتصرة في الحرب الباردة، فإن روسيا لا تعتبر نفسها خاسرة في المقابل

دبلوماسي روسي
"

رابح وخاسر
ومضى كارغانوف وهو المستشار السابق للرئيسين الروسيين السابقين بوريس يلتسين وفلاديمير بوتين، بالقول إنه بينما تعتبر الولايات المتحدة نفسها أنها المنتصرة في الحرب الباردة، فإن روسيا لا تعتبر نفسها خاسرة في المقابل.

وأضافت نيويورك تايمز أن كثيرين من الأوروبيين يقولون إن سقوط الجدار عام 1989 شكل نهاية للحرب الباردة في ظل انقسام العالم سابقا إلى قطبين كبيرين (الشرقي الاشتراكي بزعامة الاتحاد السوفياتي والغربي الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة)، مضيفين أنه بعد مرور عشرين سنة على إرث 1989 فإن سياسة القطب الواحد الأميركي هي أيضا في طريقها إلى الانتهاء.

من جهة أخرى، قال وزير الخارجية الفرنسي السابق هوبير فيدرين إن إرث 1989 أدى إلى غطرسة غربية تمثلت في  شن الحروب على العراق وأفغانستان و"التطرف الإسلامي".

ونسبت الصحيفة إلى الباحث لدى المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية دومنيك مويزي القول إن هناك مؤشرات واضحة على التزاحم على القوة والنفوذ بين أمم وتكتلات أممية متعددة في العالم، مثل أوروبا والصين وروسيا والهند والبرازيل والولايات المتحدة وغيرها.

"
لا يمكن فعل أي شيء دون أميركا، وفي المقابل لا يمكن فعل أي شيء من جانب أميركا وحدها

دومنيك مويزي
"

تراجع أميركي
ومضى مويزي إلى أن الولايات المتحدة تشهد تراجعا نسبيا، مضيفا أنه لا يمكن فعل أي شيء دون وجود أميركا وفي المقابل فلا يمكن فعل أي شيء من جانب أميركا وحدها.

ومضت تعليقات أخرى في الصحيفة إلى أنه بينما أدت الأحداث التي تلت 1989 إلى توسيع أوروبا، فإنها أدت في المقابل إلى "تمييع" الاتحاد الأوروبي بسبب تعدد الآراء واختلافها بشأن كثير من المسائل، وأن الانقسام باق في الذاكرة الجمعية الأوروبية بين أوروبا الغربية وأوروبا الشرقية.

وقال الكاتب البريطاني غارتون آش إن كثيرين في أوروبا الشرقية شهدوا معاناة كبيرة بعد 1989 إثر تحولهم المفاجئ والقاسي إلى الرأسمالية، مضيفا أن الأوروبيين الشرقيين يشعرون بأنهم تعرضوا للخديعة وحتى للخيانة، وأنهم باتوا يعيشون وسط أجواء نظريات المؤامرة بشأن الصفقات التي تجري على الطاولات المستديرة وما يدور من حولهم.

المصدر : نيويورك تايمز