بين الجزائر وفرنسا بحر من الدماء

أيقونة الصحافة الجزائرية

أحمد روابة-الجزائر
خصصت الصحف الجزائرية اليوم الثلاثاء مقالاتها الرئيسية لزيارة وزير الداخلية الفرنسي ومرشح الرئاسة في بلاده نيكولا ساركوزي، وما أثارته من جدل سياسي لاعتبارات عديدة. كما تناولت الوضع في فلسطين المحتلة والضغوط التي تتعرض لها حركة حماس إلى جانب الأزمة اللبنانية.


"
اليمين الفرنسي حر في أن يذرف الدموع ويجرم ما سماه مجزرة الأرمن، لكن عليه أن يتذكر أن مجزرة أخرى وقعت على الأرض الجزائرية والمجرم معروف الهوية
"
الوطن

الوزير المتعجرف
تعليقا على زيارة ساركوزي للجزائر، انتقدت الوطن الصادرة بالفرنسية الحكومة على خرق البروتوكول المتعارف عليه عندما خصصت لوزير فرنسي استقبالا يعد مثله للرؤساء، حين وضع ساركوزي إكليلا من الزهور رفقة مستقبليه في مقام الشهيد "وهو استقبال لا يستحقه".

وذكرت الصحيفة أن ساركوزي، المعروف بعنجهيته وسوقيته التي يستمدها من اليمين الفرنسي المتطرف، لم يدخر جهدا في إهانة الفرنسيين من أصول أفريقية وعربية في فرنسا "يعاملهم كأنهم دون المواطنة التي يحملونها".

لكنه (أي ساركوزي) تذكر كما تقول الوطن، أنهم ناخبون يمكن أن يرفعوه إلى سدة الحكم التي يسعى إليها، لذلك قطع البحر الأبيض المتوسط ليخطب ود أولئك الذين كان يكيل لهم الشتائم بدون مناسبة. وتضيف الصحيفة أن نيكولا لا يمكنه أن يقدم للجزائر أكثر مما يعرض على دولة من "دول الموز" بالعالم الثالث.

وقالت الوطن إنه ليس مستعدا حتى بالنسبة للقانون المجدد للاستعمار الذي شارك في وضعه لأي تنازل، والدليل على ذلك أن مستشاره جيرارد لونغي انتقد الحكومة الجزائرية عندما ذكرت بأن على باريس الاعتذار على جرائمها في الجزائر، واعتبر التصريح غير مناسب على موعد مع زيارة مرشح الرئاسة الفرنسي.

وختمت الصحيفة بأن ساركوزي لن يقدم شيئا جديدا للجزائريين لأن نزاعا أخلاقيا تولد عن الاستعمار وحرب التحرير دفعت الجزائر ثمنه مليونا ونصف المليون من الشهداء، يبقى قائما بين بلدين "يفصل بينهما بحر من الدماء" على حد تعبير الرئيس الراحل هواري بومدين.

وأوضحت الوطن أن اليمين الفرنسي حر في أن يذرف الدموع ويُجرّم ما سماه مجزرة الأرمن، لكن عليه أن يتذكر أن مجزرة أخرى وقعت على هذه الأرض والمجرم معروف الهوية.


من أين جاءت هذه الشجاعة؟
البلاد تطرقت إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة، واستغربت الموقف الذي خرج به زملاء عمرو موسى والنبرة غير العادية التي ميزت البيان الختامي.

وتساءلت كيف تجرأ العرب على نعت الفيتو الأميركي الذي برر مجزرة بيت حانون بأنه "غير ودي" وكيف أن الحمية العربية ثارت في وزراء الخارجية ليقرروا بعد المجزرة ورغم موقف واشنطن، أن يكسروا الحصار المفروض على الفلسطينيين.

وقالت الصحيفة إن البيان كان مفاجئا إلى درجة أن "المسكين عمرو موسى اغتبط واستشهد بوصف أحد الصحفيين الموقف العربي هذه المرة بالمتقدم" لكن العجب -تواصل البلاد- هو ما يختفي وراء هذا الموقف الغريب من اعتراف الدول العربية بأنها شاركت في الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني ومحاولة تجويعه وتركيعه.

وتساءلت البلاد: ما الذي حدث حتى تمتلك الدول العربية فجأة قدرة خارقة على مخالفة إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية "فلا تخاف على الأموال المودعة في البنوك وعلى المصالح الأخرى".

وردت على نفسها متهكمة أن الدول العربية، ربما تكون قد توصلت إلى صناعة قنبلة نووية "لا ندري عنها شيئا" أو أنها أخبرت الغرب عن تحالفها مع القاعدة أو أنها جيشت الجيوش وأعدت السلاح الذي يردع الغرب "ويجعله يحترم العرب".

ولكن الصحيفة نبهت إلى أن كل ما في الأمر أن الأمين العام للجامعة العربية أخبر في نفس الندوة أن حركة حماس استسلمت للأمر الواقع وتنازلت عن رئاسة الحكومة وانتزع منها ما كان الغرب يريد، مضيفا أن الغرب يتحرك الآن لتنظيم مؤتمر دولي حول "السلام في الشرق الأوسط".

وختمت البلاد بأن "ما لم يقله وزراؤنا الأبطال هو أنه ليس بوسعهم اليوم ولا غدا كسر الحصار دون قبول أميركي إسرائيلي، وأن أميركا المهزومة في العراق وإسرائيل المهزومة في لبنان هما اللتان تمليان على العرب مواصلة دفع نفقات الاحتلال عبر حكومة فلسطينية جديدة بانقلاب على نتيجة الانتخابات الشرعية".


"
كل يوم يمر على بيروت يأتي بمعطيات جديدة تُعقّد الأزمة التي تعيشها الحكومة اللبنانية أكثر وتجعلنا نخشى الأسوأ
"
لوكوتيديان دوران

رسالة الإليزيه
وحول الأزمة في لبنان، كتبت لوكوتيديان دوران "إن كل يوم يمر على بيروت يأتي بمعطيات جديدة تعقد الأزمة التي تعيشها الحكومة اللبنانية أكثر، وتجعلنا نخشى الأسوأ" مشيرة إلى أن استقالة وزراء حزب الله وحركة أمل مؤشر على وصول الأمر إلى نقطة خطيرة.

وقالت الصحيفة إن رفض رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة استقالة الوزراء دليل أيضا على أن تيار الحريري لا يتحرك وحده في القضية "وإنما هي الرسائل التي وجهتها باريس بالتحديد التي لا تتصرف برؤية سياسية واضحة بقدر ما تدفعها حسابات ضيقة".

وأشارت إلى أن الإليزيه رد مباشرة على استقالة وزراء حزب الله بأن فرنسا لا تتمنى أن تعرقل استقالة بعض الوزراء عمل الحكومة في لبنان، مما يعني ضوءا أخضر للحريري بالتحرك واتهام سوريا وإيران بالتدخل في شؤون لبنان الداخلية.

ولا يبدو لـ لوكوتيديان دوران أن هناك أي طرف مستعدا للتنازل، خاصة أن الرئيس إميل لحود ذكر فورا رئيس الحكومة بأن أي اجتماع يعقده في غياب الوزراء المستقيلين يعد ملغى بحكم القانون.

المصدر : الصحافة الجزائرية