عرفات ينبغي أن يستقيل


واشنطن – الجزيرة نت
ركزت الصحف الأميركية الرئيسية في تعليقاتها على الأحكام التي صدرت بحق المتهمين بانفجار السفارتين الأميركيتين في دار السلام ونيروبي في شهر أغسطس/آب 1998. غير أنها لا تزال تتابع موضوع الانتفاضة الفلسطينية.


وفيما يتعلق بإدانة المتهمين بتفجير السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا امتدحت صحيفة نيويورك تايمز مكتب التحقيق الفدرالي الأميركي (إف بي آي) لما وصفته بجمعه لأدلة عديدة ومعقدة في عمليات تحقيق عالمية واسعة النطاق ومطولة، وأن الإدعاء العام قام بتقديم الأدلة بطريقة مقنعة لتآمر واسع النطاق أداره المعارض السعودي البارز أسامة بن لادن لقتل الأميركيين أينما وجدوا.

وأوردت الصحيفة في افتتاحيتها الرئيسية أنه قد تمت إدانة اثنين من المتهمين بتهمة القتل العمد لمساعدتهما المباشرة في تفجير السفارتين وهما محمد راشد داود العوهلي (24 عاما) وخلفان خميس محمد (27 عاما). في حين بدأت هيئة المحلفين يوم الأربعاء بسماع الحجج بشأن فرض عقوبة الإعدام عليهما أم لا.

أما المتهمان الآخران وهما محمود صديق عودة (36 عاما) ووديع الحاج (40 عاما)، فقد تمت إدانتهما بتهمة المشاركة في المؤامرة، ويواجهان فرض العقوبة القصوى وهي السجن مدى الحياة من دون احتمال إطلاق سراح مشروط يتم لاحقا.

وأضافت الصحيفة أن الإدانة ليست نهاية قضية تفجير السفارتين، فقد قامت الحكومة


العدالة أخذت مجراها رغم أنها مبنية على اعترافات المتهمين من دون وجود محامين لهم

 نيويورك تايمز

الأميركية بتوجيه التهمة إلى 22 آخرين ومنهم أسامة بن لادن نفسه، وأنه ليس من بين هؤلاء سوى اثنين معتقلين في الولايات المتحدة، وقد اعترف أحدهما بالجريمة، أما الثاني فمن المرجح أن تتم محاكمته لاحقا.

واعتبرت الصحيفة أن العدالة قد أخذت مجراها رغم قولها إنها كانت قد عبّرت في الماضي عن قلق من حكم شفهي أصدره قاضي المحكمة يقول فيه إن الاعترافات التي قدمها المتهمون أثناء اعتقالهم في أفريقيا هي اعترافات مقبولة في المحاكم الأميركية رغم أنه لم يكن للمتهمين محامون حاضرون أثناء التحقيق. واعتبرت الصحيفة أن العدالة قد أخذت مجراها لأن القاضي علم أن المحققين الأميركيين كانوا قد أعلموا المعتقلين الثلاثة بما لهم من حقوق.

ألغام نفسية
وفيما يتعلق بالانتفاضة فقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا للكاتب ديفد شيلبر تناول فيه ما وصفه بجوهر الصراع على حقيقته قال فيه: إن الحدود النفسية بين الإسرائيليين والعرب الفلسطينيين أصبحت حقل ألغام. مضيفا أن العلاقات التي قامت بين تجار أو شباب مراهقين أو أساتذة يقومون بأبحاث مشتركة بين الحين والآخر لم تكن سوى اتصالات سطحية، لكنه اعتبر هذه الاتصالات بأنها كانت غذت الاعتقاد -الذي ربما كان وهما- بأن الاحتلال هو الأمر الوحيد الذي يقف في وجه التسوية وأنه إذا قامت إسرائيل بتفكيك المستوطنات وانسحبت من الأراضي (المحتلة) وسمحت بإقامة دولة فلسطينية فسينتهي الصراع.

وقال الكاتب: إن الفلسطينيين والإسرائيليين لم يعودوا يتواصلون عبر "الحدود" وقد تمزق "معسكر السلام" حيث إن العنف الفلسطيني أفقد اليسار الإسرائيلي سمعته وصمت اليسار الإسرائيلي حيث كانت الدبابات والمروحيات الإسرائيلية ترد على الحجارة والبنادق وقذائف المورتر التي يلقيها الفلسطينيون.


سيجد الإسرائيليون أن من الصعوبة إقامة السلام مع شعب يرى أن إقامة دولتهم هي الخطيئة الأولى في الصراع

ديفد شيلبر-نيويورك تايمز

وقال الكاتب: إن الإسرائيليين سيجدون أن من الصعوبة إقامة السلام مع شعب يرى أن إقامة دولتهم هي الخطيئة الأولى في الصراع، وفي نظر الإسرائيليين يبقى طرد عرب فلسطين عاملا ثانويا مقابل ما يصفه بعدالة قضية اليهود.


أما صحيفة كريستيان ساينس مونيتور فقالت: إن الأطباء النفسيين في إسرائيل يعتبرون الخوف الذي يعم إسرائيل من تفجيرات الانتفاضة الفلسطينية خوفا زائدا عن الحد، حيث إن أغلب الـ88 إسرائيليا الذين قتلوا في تلك الحوادث كانوا في خطوط القتال إما في الجيش أو في مستوطنات يهودية، أما عدد الشهداء من الفلسطينيين فقد بلغ 478.


ونقلت الصحيفة نتائج استطلاع للرأي العام قامت به صحيفة معاريف الإسرائيلية ظهر فيه أن ما بين 45% و48% من الإسرائيليين يريدون أن تقوم الولايات المتحدة بفرض وقف لإطلاق النار، وذلك رغم توجه أغلب من أجري عليهم الاستطلاع نحو أحزاب اليمين.

وأضافت كريستيان ساينس مونيتور: ما كتبه المراسل الدبلوماسي لصحيفة معاريف بشأن الاستطلاع الذي قال إن الرسالة التي يريد هؤلاء إيصالها هي: أنقذونا، والمهم هو الخروج من هذه المشكلة. إن الناس مستعدون للتعلق بأية قشّة يمكن أن تخرجهم من هذه المحنة.

وعن ردود الإسرائيليين على أسئلة الأطباء النفسيين قالت الصحيفة: إن تلك الردود ليست مجرد ردود فعل على الأخطار الحقيقية، بل نابعة من آثار تراكم تخوفات سابقة، ومن تركيز الحكومة ووسائل الإعلام على أعمال التفجير التي يقوم بها الفلسطينيون وأن الأطباء النفسيين يقولون إن الحكومة الإسرائيلية تركز على ذلك لتقول إن الفلسطينيين هم "الإرهابيون" وإن الإسرائيليين هم "الأخيار".


ثوري إرهابي!
أما صحيفة واشنطن بوست فقد نشرت مقالا لمعلقها ريتشارد كوهين قال فيه "إنه ينبغي على ياسر عرفات أن يتنحى من منصبه". وقال كوهين: إن عرفات رد على الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في كامب ديفد عندما حثه على قبول العرض الإسرائيلي بالتسوية "بأنه يطلب منه التوقيع على صك موته".


يستطيع عرفات أن يوقع أي وثيقة يريدها وخلال أيام قد يقتل أو كما قال "قد يتم تعليقي على عمود كهرباء"

واشنطن بوست

وأشار كوهين القريب من حزب العمل الإسرائيلي إلى أنه أصبح هناك عنوان كبير بأنه "إذا اندلعت حرب في المنطقة فإن ذلك بسبب عرفات وعدم رغبته في التحول من ثوري إرهابي إلى رجل سياسي".

وقال كوهين: إنه ربما يكون هناك سبب آخر.. فقد يكون أن الرجل خائف بالفعل فإذا كان هذا هو الحال فإن أحدا لا يستطيع أن يصف عرفات بحب العظمة. وكما كان يجب أن يقول بأن الموت هو جائزة صناع السلام في المنطقة.

وقال كوهين: إن أنور السادات الذي أقام سلاما مع إسرائيل قد تم اغتياله، وإسحق رابين الذي حاول إقامة السلام مع الفلسطينيين اغتيل أيضا على يد يهودي يميني، وكان الملك عبد الله الأول قد اغتيل هو الآخر بسبب آرائه المعتدلة بشأن إسرائيل.

وقال كوهين: وهكذا فإن خوف عرفات يمكن فهمه على الرغم من أنه لا عذر له، فقد أظهر شجاعة في مناسبات عديدة، فإذا كان عرفات لا يملك الشجاعة لصنع السلام فإن عليه أن يتنحى جانبا.

وأضاف كوهين: مع ذلك فإن كامب ديفد تثير مشكلتين أولاهما أنه ما من زعيم يمكن أن يقود شعبه إلى حيث لا يريد شعبه، ويستطيع عرفات أن يوقع أي وثيقة يريدها وخلال أيام قد يقتل
أو كما قال "قد يتم تعليقي على عمود كهرباء".

والمشكلة الثانية لا علاقة لها بجبن عرفات المفترض بل بزملائه الزعماء العرب -وباستثناء البعض وتقفز إلى الذهن العراق وليبيا- فإن هؤلاء الزعماء لا يحبون شيئا أكثر من رؤية الفلسطينيين يقيمون سلاما مع إسرائيل، فالقتال المستمر لا يجلب لهم شيئا بل هو يغذي الحركات الدينية المتشددة التي تهدد أنظمة حكمهم أو على الأقل سلام عقولهم، فخمسون عاما من الصراع كافية.

المصدر : الصحافة الأميركية