هل يخطو السودان خطواته الأولى للتطبيع مع إسرائيل؟

TEL AVIV, ISRAEL - APRIL 23: An Israeli woman waves with an Israeli flag near the Mediterranean sea while watching a military air show marking the 67th anniversary of Israel's independence on April 23, 2015 in Tel Aviv, Israel. The day marks when David Ben-Gurion, the Executive Head of the World Zionist Organization declared the establishment of a Jewish state in Eretz- Israel. (Photo by Lior Mizrahi/Getty Images)
سيدة إسرائيلية تحمل العلم الإسرائيلي تزامنا مع عرض عسكري في تل أبيب (غيتي)

علوية المختار-الخرطوم

من جديد تصدرت بقوة العلاقات السودانية الإسرائيلية المشهد السياسي في السودان، وعاد الجدل مرة أخرى حول اتجاه النظام في الخرطوم نحو التطبيع مع تل أبيب، خاصة بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاثنين الماضي أن شركات الطيران الإسرائيلي ستتمكن من التحليق فوق الأجواء السودانية في طريقها إلى أميركا الجنوبية.

وعلمت الجزيرة نت من مصادر مطلعة أن هناك تيارات داخل نظام الخرطوم والحكومة اقترحت في وقت سابق السماح للطيران الإسرائيلي بالعبور عبر الأجواء السودانية للاستفادة من الخطوة اقتصاديا باعتبار أنها ستسهم في المساعدة على اجتياز الضائقة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

ورأت هذه المصادر أن الخطوة لن تنال من موقف الخرطوم المتشدد تجاه تل أبيب، وذكرت أن واشنطن سبق أن عرضت على السودان منح إسرائيل إذن العبور.

‪نتنياهو أعلن أن الطيران الإسرائيلي سيتمكن من التحليق فوق الأجواء السودانية‬ (الجزيرة)
‪نتنياهو أعلن أن الطيران الإسرائيلي سيتمكن من التحليق فوق الأجواء السودانية‬ (الجزيرة)

تجاهل ورد
وتجاهلت الخارجية السودانية التعليق على تصريحات نتنياهو سلبا أو إيجابا، كما تجاهلت الرد على التسريبات الإسرائيلية بشأن توجه إسرائيلي إلى التطبيع مع السودان.

وقال الناطق الرسمي باسم سلطة الطيران المدني السوداني عبد الحافظ عبد الرحيم للجزيرة نت إن سلطة الطيران المدني لم تتلق أية تعليمات أو أذونات فيما يتصل بالسماح للطائرات الإسرائيلية بالعبور في أجواء البلاد، وأكد أنها ما زالت محظورة عن التحليق في الأجواء السودانية.

واستفاد السودان من إغلاق المجال الجوي اليمني مع اندلاع الحرب هناك قبل ثلاثة أعوام، حيث تمكنت الخرطوم من تصميم ممرات جوية جديدة وزادت أعدادها من 13 إلى 42 ممرا جويا لتقريب حركة الطيران من نقطة إلى أخرى.

وقبل عشرة أعوام فشل مشروع أميركي في ابتداع ممرات جوية تتحاشى المجال الجوي السوداني من جنوب أفريقيا وكينيا عبورا بتشاد وليبيا وإيطاليا بسبب ضعف الخدمات الملاحية في بعض الدول، فضلا عن التكلفة الاقتصادية والميزات التفضيلية للممر السوداني باعتباره الأفضل بين دول آسيا وأميركا الجنوبية.

‪نتنياهو أثناء استقباله الرئيس التشادي إدريس دبّي الشهر الماضي (رويترز)‬ نتنياهو أثناء استقباله الرئيس التشادي إدريس دبّي الشهر الماضي (رويترز)
‪نتنياهو أثناء استقباله الرئيس التشادي إدريس دبّي الشهر الماضي (رويترز)‬ نتنياهو أثناء استقباله الرئيس التشادي إدريس دبّي الشهر الماضي (رويترز)

باب التكهنات
وفتحت الزيارة المفاجئة للرئيس التشادي إدريس دبّي إلى إسرائيل نهاية الشهر الماضي وإعلان إنهاء القطيعة معها؛ باب التكهنات بأن السودان ستكون الدولة التالية في سلم التطبيع.

ويرى محللون أن زيارة دبّي لإسرائيل تمت بإيعاز وترتيب من دولتي السعودية والإمارات. وبما أن الخرطوم لعبت دورا محوريا في انضمام إنجمّينا إلى حرب التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، فهذا يمثل مؤشرا على أن السودان ليس بعيدا عن هذه الزيارة.

وتكون تشاد بإنهاء مقاطعتها لإسرائيل قد لحقت بدول جنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا التي لديها علاقات قوية مع تل أبيب، وهي دول مجاورة للسودان، مما يجعل من إقدامه على خطوة التطبيع أمرا مطروحا في إطار حماية مصالحه، لا سيما أن تلك الدول لديها سوابق عدائية ضد الخرطوم وسبق أن فتحت أراضيها لاحتضان معارضيها المسلحين.

ويستبعد الخبير السياسي الطيب زين العابدين أن تمثل تشاد قدوة للخرطوم في طريق التطبيع، ويقول للجزيرة نت "قد يستفيد السودان من خطوة التطبيع الإسرائيلية بمراقبة ما تحققه من مكاسب، كما يمكن أن يحمّل الرئيس دبّي رسالة لبذل مجهود مع الخرطوم للتطبيع مع إسرائيل".

غير أنه عاد واستبعد أن تقدم الخرطوم على الخطوة بسبب الرأي العام السوداني الرافض للتقارب مع إسرائيل، وعلاقة النظام بالحركات الإسلامية في المنطقة، فضلا عدم وجود أية مكاسب للخطوة بالنظر إلى ما حققه المطبعون قبلها.

ورأى زين العابدين أن إعلان نتنياهو الاستفادة من المجال السوداني قصد به وضع الخرطوم أمام الأمر الواقع.

بداية تطبيع
لكن المحلل السياسي حسن مكي يرى في حديث للجزيرة نت أن أي خطوة من قبل السودان بفتح الأجواء أمام الطيران الإسرائيلي تعد بمثابة بداية للتطبيع.

وسبق أن عرضت قضية التطبيع مع إسرائيل ضمن أجندة الحوار الوطني، ورغم مساحات النقاش التي أُفردت لها فإنها سقطت.  

من جهته يعتبر المحلل السياسي ماهر أبو الجوخ أن في تصريحات نتنياهو محاولة لاختبار موقف الحكومة السودانية من الخطوة، كما يشير إلى رغبتها في رفع مستوى التفاوض مع الخرطوم.

ويستبعد أبو الجوخ في تصريحاته للجزيرة نت أن يمثل مجرد فتح الأجواء أمام الطائرات الإسرائيلية تطبيعا باعتباره أمرا اقتصاديا لا يشترط الاعتراف بتل أبيب، فضلا عن أن إسرائيل موجودة مع السودان في منظمات دولية متعددة.

وأضاف "لكن الاختلاف في حال السماح بهبوط الطائرات الإسرائيلية في المطارات السودانية، إذ لهذا فقط دلالة سياسية".

ويرى أن الخرطوم باتت قريبة من التطبيع، وقال "لولا قناعتها بأن الخطوة مجازفة بسبب التعقيد السياسي العام في البلاد، والخوف من استغلال الموضوع من قبل أطراف داخل الحزب الحاكم، باعتبار أن التيار الرئيسي الذي يعتمد عليه الحزب الحاكم في شرعيته وسلطته هو تيار الإسلاميين والمجموعات المتعاطفة معها".

هذا فضلا عن أن التطبيع سيخلق عداء مع الجهاديين والسوريين وحزب الله وإيران، كما أن الخرطوم لا تملك ضمانات ترحيب في معسكر التطبيع، حسب رأي أبو الجوخ.

وسارعت أحزاب ذات خلفيات إسلامية -بينها حزب المؤتمر الشعبي بزعامة علي الحاج وحركة الإصلاح الآن برئاسة غازي صلاح الدين– إلى رفض أي محاولات للتطبيع مع إسرائيل واعتبارها خطا أحمر.

المصدر : الجزيرة