سهل البطانة بين إثيوبيا والخرطوم.. مرتع عصابات تهريب البشر

مهاجرين غير شرعيين تم تخليصهم من عصابات تجارة البشر في حدود السودان الشرقية .. الجزيرة نت.
مهاجرون غير شرعيين خلصوا من عصابات تجارة البشر قرب حدود السودان الشرقية (الجزيرة نت)

أحمد فضل-الخرطوم

تنشط في سهل البطانة الممتد من تخوم الحدود الإثيوبية إلى شرق الخرطوم عمليات تهريب البشر التي تمتهنها عناصر قبلية في شرق السودان، ورغم تعزيز الرقابة على السهل المنبسط لم تتوقف قوافل الاتجار بالبشر.

آخر هذه العمليات كشف عنها وزير الداخلية السوداني أحمد بلال بتحرير 57 مهاجرا أجنبيا من قبضة تجار بشر كانوا محتجزين في منزل بمحلية شرق النيل بولاية الخرطوم.

وحسب مصادر للجزيرة نت فإن منطقة شرق النيل المحاذية لسهل البطانة تنتشر فيها أوكار يستغلها المتاجرون بالبشر في إخفاء ضحاياهم لدى وصولهم من إثيوبيا وإريتريا تمهيدا للعبور بهم من العاصمة إلى الصحراء الممتدة شمالا وغربا وصولا إلى مصر أو ليبيا.

طرق خلوية
وقال رئيس منظمة "لورد فاونديشن للحراك السكاني والسلام والتنمية خالد لورد إن معظم الهجرة غير النظامية إلى السودان تأتي عبر حدوده الشرقية حيث يسلك المهربون طرقا خلوية في سهل البطانة بلا رقابة أو وجود شرطي.

وأكد لورد للجزيرة نت أن عصابات تهريب البشر تنشط في سهل البطانة ذي الطبيعة التي تسهل عليهم التخفي وإخفاء ضحاياهم.

وقال إن الدولة انتبهت لخطورة نشاط العصابات في هذا السهل وعززت انتشار قوات الشرطة ونقاط الرقابة، وهو ما ظهر جليا في تنامي ضبط وتوقيف المهربين وإحباط عمليات التهريب.

ونبه لورد إلى أن السودان يقع ضمن إقليم شرق أفريقيا، وهو واحد من أكثر مناطق العالم التي تشهد حراكا سكانيا لحوالي 10 ملايين نسمة بسبب النزوح أو اللجوء أو الهجرة غير النظامية.

‪الاتجار بالبشر ينشط بصورة كبيرة في المنطقة الممتدة من الحدود الإثيوبية إلى شرق الخرطوم‬ (الجزيرة نت-أرشيف)
‪الاتجار بالبشر ينشط بصورة كبيرة في المنطقة الممتدة من الحدود الإثيوبية إلى شرق الخرطوم‬ (الجزيرة نت-أرشيف)

معبر رئيسي
وطبقا لتصريحات في أكتوبر/تشرين الأول 2017 للفريق محمد حمدان دقلو "حميدتي" قائد قوات الدعم السريع التي باتت تتولى مكافحة الهجرة غير الشرعية فإن 65% من عمليات تهريب البشر تتم عبر السودان الذي يمثل معبرا رئيسيا للهجرة غير الشرعية لأوروبا.

وأفاد وزير الداخلية أمس الأحد أن السلطات بعد تحريرها للمهاجرين الأجانب أوقفت 4 من تجار البشر الذين كانوا يتأهبون لاقتياد ضحاياهم إلى الحدود الليبية بينما تمكن 3 آخرون من الهروب وجار البحث عنهم.

وفي أواخر أغسطس/آب 2016 أعلن مسؤولون أمنيون سودانيون بينهم (حميدتي) عن صعوبات كبيرة تعترض جهود مكافحة الهجرة غير الشرعية، مشيرين إلى أن الخرطوم تحارب الهجرة غير الشرعية بالنيابة عن أوروبا بتكلفة باهظة في الرجال والعتاد.

ولاحقا أفادت صحيفة "الانتباهة" الصادرة بالخرطوم اليوم الاثنين أن من بين الموقوفين إثر عملية الدهم نجلي وزير سابق وبرلماني.

وتشير تقارير إلى تعرض مهاجرين لفصول قاسية من المعاناة في ليبيا، وبعضهم خضع للأسر والتعذيب والابتزاز لإجبار ذويهم على دفع فدى مالية مقابل إطلاقهم.

خداع المهربين

‪فيصل تعرض للتعذيب على يد عصابة اتجار بالبشر للمساومة بإطلاقه‬ (مواقع التواصل)
‪فيصل تعرض للتعذيب على يد عصابة اتجار بالبشر للمساومة بإطلاقه‬ (مواقع التواصل)

وأبلغ رئيس مبادرة الحد من الهجرة غير الشرعية والعودة الطوعية في ليبيا مالك محمد الديجاوي الجزيرة نت أن ضحايا الاتجار بالبشر دائما يقعون ضحية خديعة المهربين منذ دخولهم الحدود الشرقية للسودان.

وأوضح الديجاوي أن المهربين غالبا يطلبون مبلغا في حدود 5000 جنيه سوداني (نحو 83 دولارا) مقابل إيصالهم إلى ليبيا عبر الصحراء.

ويتابع قائلا "لكنهم يفاجؤون هناك بعصابة أخرى تتسلمهم ويطلبون حوالي 50 ألف جنيه "نحو 830 دولارا" مقابل إيصالهم إلى المحطات الأخرى "مدن" المطلة على البحر الأبيض المتوسط حيث تبدأ مغامرة أخرى من الهجرة إلى أوروبا عبر ركوب البحر.

وأكد الديجاوي أن المهاجر إذا كان لا يملك المال اللازم لهذه الرحلة سيتعرض للحبس ومساومة أهله بغية إرسال المزيد من النقود لإتمام عملية النقل أو إطلاقه.

وأشار إلى أنه كان شاهدا بوصفه وسيطا على عملية مساومة وقع ضحيتها شاب سوداني يدعى فيصل النعيم وقد تعرض للتعذيب على يد عصابة اتجار بالبشر، وأضاف أن أهله اضطروا لدفع ملايين الجنيهات مقابل إطلاق ابنهم.

وللحد من الظاهرة صادق البرلمان السوداني في يناير/كانون الثاني 2014 على قانون لمكافحة الاتجار بالبشر، تراوحت عقوباته بين الإعدام والسجن من خمسة أعوام إلى عشرين عاما على من يتورط في هذه الجريمة.

وأثمر تعاون السودان مع دول المنطقة والمنظمات الإقليمية والدولية، على رأسها الاتحاد الأوروبي، عن إعلان الخرطوم في 2014 لمكافحة الاتجار بالبشر الذي تطور لاحقا الى ما يسمى عملية الخرطوم إثر مؤتمر في روما في نوفمبر/تشرين الثاني 2014.

وفي يونيو/حزيران الماضي أقرت الخارجية الأميركية في تقريرها السنوي عن مكافحة الاتجار بالبشر لعام 2018 ببذل السودان جهودا كبيرة في مكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، وقد كان هذا المسار أحد المطلوبات التي رفعت بموجبها العقوبات الأميركية عن الخرطوم.

المصدر : الجزيرة