"رسام البحر" يخط "أحلام" شعبه على شاطئ غزة

أحمد عبد العال-غزة

بدقة متناهية، ينحت الشاب الفلسطيني أسامة سبيتة بأصابعه ومجرفة حديدية حروفا عربية، وأشكالا هندسية منتظمة على كومة من رمال شاطئ بحر مدينته المحاصرة غزة. وبدقة متناهية يجمعها لتكون كلمات ورسومات تعبّر عن "وجع وواقع مرّ" فرضه الحصار الإسرائيلي المستمرعلى قطاع غزة منذ ثمانية أعوام.

ولا ييأس الشاب سبيتة من كتابة ونحت الكلمات والرسومات التي تروي حكاية وطنه مع الحصار والحروب ونشرها على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، لعلها تنجح في نقل معاناة الفلسطينيين إلى شعوب الأرض.

‪الفنان أسامة سبيتة ينحت كلمة
‪الفنان أسامة سبيتة ينحت كلمة "أغيثوا غزة" على الرمل‬ (الجزيرة)

واقع مرّ
ورسم الفنان الغزي العشرات من اللوحات الرملية على شاطئ بحر مدينة غزة خلال الأشهر القليلة الماضية، ومن أهمها نحته اسم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ومجسما للمسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة، وكلمات مثل "أغيثوا غزة" و"الحرية"، بالإضافة لرسمه لوحات رملية تعبّر عن معاناة الأسرى في سجون إسرائيل.

ويقول سبيتة للجزيرة نت "معظم لوحاتي التي أنحتها على رمال البحر تعبّر عن الواقع الذي يعيشه أهل غزة، فأنا أحاول أن أوصل إلى العالم من خلال الرسم ما لم يصلهم من الإعلاميين والسياسيين".

ويضيف الفنان الفلسطيني "أحاول أن أظهر لشعوب العالم وحكوماته حجم المعاناة التي خلفتها الحروب التي شنتها دولة الاحتلال على غزة خلال الأعوام الستة الماضية، لدى أكثر من 1.8 مليون فلسطيني معظمهم من الأطفال والنساء. نحن هنا نعيش في مأساة حقيقية ووجع لا يحتمل ويجب أن أوصل رسالة شعبي بالموهبة التي أملكها".

وبدأ الشاب الغزي عمله في الرسم والنحت على رمال البحر قبل أكثر من عامين، دون أن يلقى أي اهتمام أو رعاية من المؤسسات الفلسطينية الرسمية أو المجتمعية.

‪هديل عوض الله: هذه الرسومات توصل رسائل الشعب الفلسطيني للعالم‬ (الجزيرة)
‪هديل عوض الله: هذه الرسومات توصل رسائل الشعب الفلسطيني للعالم‬ (الجزيرة)

رسام البحر
ويعرب الفنان عن أمله في أن تحصل موهبته على الدعم المادي والمعنوي اللازم، وأن يجد حاضنة يعمل من خلالها على تنمية قدراته ومواصلة نقله لمعاناة شعبه وأحلامه. كما يتمنى أن يمثل اسم فلسطين بالمشاركة بأعماله في المعارض والمسابقات الدولية الخاصة بهذا الفن.

ويقول سبيتة إن "غزة بقعة صغيرة من الأرض تتعرض لحصار وحروب شرسة، ولكنها تحتوي على مواهب كبيرة مستعدة لأن تنافس كل دول العالم".

وأشار إلى أن المواهب الموجودة في قطاع غزة ولدت رغم الدمار والحصار والظروف الاقتصادية والإنسانية القاسية، ولكنها تحتاج إلى دعم واحتضان.

وبينما كان "رسام البحر" -كما يطلق عليه بعض الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي- ينحت لوحة جديدة على الشاطئ، تجمع حوله العشرات من الفلسطينيين الذين أعربوا عن إعجابهم بلوحته.

ويقول الفلسطيني همام النزلي (21 عاما) وهو طالب جامعي، إن فكرة الرسم والنحت على رمال البحر جميلة جدا وتلفت الانتباه، ومن الصعب أن ينفذها أي شخص إذا لم يكن يملك الموهبة والحس الفني المرهب الذي يملكه الشاب سبيتة.

ويؤكد النزلي في حديثه للجزيرة نت، أن اللوحات التي يرسمها سبيتة على شاطئ البحر تعبر عن مدى حب الشعب الفلسطيني للحرية والحياة.

الفلسطينية هديل عوض الله (22 عاما) هي الأخرى أبدت إعجابها الشديد بلوحات الشاطئ. وتقول عوض الله للجزيرة نت إن "هذه الرسومات جميلة جدا، وهذا الفنان متألق ودقيق، وأعتقد أن رسالته ورسالة الشعب الفلسطيني ستصل إلى العالم".

وتشير إلى أن اللوحات الرملية التي يرسمها سبيتة تعبّر بالفعل عن مطالب الشعب الفلسطيني في غزة بفك الحصار والحرية وإعادة الإعمار، والرغبة في الحياة، بعيدا عن الحروب والأزمات التي تفتعلها إسرائيل في القطاع منذ سنوات.

المصدر : الجزيرة