السوريون بين دموية "الأسد" وزمهرير "هدى"

طفلة تخوض في وحل المخيم في ريف إدلب
معاناة النازحين السوريين في المخيمات تفوق الوصف (الجزيرة)
 إبراهيم الإدلبي-ريف إدلب
وأحمد العكلة-الحدود السورية التركية
وعمر أبو خليل-ريف اللاذقية

لم يكن كافيا أن يهجّر السوريون من منازلهم هربا من القتل والقصف لتأتي العاصفة "هدى" وتكون بمثابة القطرة التي أفاضت كأس معاناة يتجرعها النازحون يوميا حتى باتت جزءا من حياتهم.

مئات المخيمات التي يعيش فيها هؤلاء تحولت إلى "ثلاجات" أو برك طينية يغرق فيها الأطفال والنساء والممتلكات، وهذه هي حالة مخيم أطمة في ريف إدلب، حيث اقتلعت الثلوج والأمطار الغزيرة عددا من الخيام وجرفت الممتلكات وتسببت بتشريد آلاف النازحين.

ويروي رامي أيوب -مسؤول بمخيم أطمة- كيف امتزجت الأمطار والثلوج مع تربة الأرض الرخوة مما أدى إلى تشكل سيول طينية، وجرفت أكثر من 150 خيمة من المخيم، وكيف تمكنوا بمساعدة الأهالي من انتشال النازحين من الطين ونقلهم إلى أماكن أخرى لم تصبها السيول.

ويقول للجزيرة نت إن ممتلكات النازحين غرقت بالطين ولم يتمكنوا من انتشالها، وأصبحت كل خيمة تحوي أكثر من ثلاث عائلات.

قلب واحد
ولم يكن الوضع أفضل في مخيم قاح الحدودي، حيث يشكو مدير المخيم من تجاهل الجمعيات الإغاثية والمنظمات الإنسانية مناشداتهم ونداءاتهم لدعم النازحين بالبطانيات والأغطية، خصوصا بعد نزوح عوائل جديدة بشكل دوري بعد القصف على القرى المختلفة.

وبعيدا عن الجمعيات والمؤسسات سمع السوريون المتواجدون في تركيا نداء النازحين وهبوا للتبرع بالمساعدات المادية والعينية للوقوف إلى جانب المنكوبين في المخيمات.

عشرات السيارات الشاحنة محملة بالمدافئ والبطانيات والأغذية -التي تبرع بها سوريون وآخرون من جنسيات أخرى كالتركمان والأكراد- اتجهت من مدينة غازي عنتاب التركية صباح اليوم إلى المخيمات على امتداد الحدود السورية التركية.

وأثمرت هذه التبرعات عن جمع عشرات آلاف الدولارات التي خصصت بالكامل لشراء مستلزمات تقي النازحين المنكوبين التشرد والبرد الشديد.

وأوضح آزاد -سوري كردي شارك في إحدى حملات الدعم- أن التهافت على التبرع بأي شيء متاح من قبل السوريين في مدينة غازي عنتاب، وأثبت أنه لا يمكن هزيمة السوريين ما داموا على قلب واحد، الأمر الذي أثبتته هذه العاصفة.

مساعدات إغاثية
مدافئ وخيم وحصص غذائية وملابس شتوية وغيرها من الاحتياجات تم شراؤها على عجل وجمعها من سوريين وبعض الأتراك وجرى نقلها على الفور إلى مخيم أطمة، باعتباره أكثر المخيمات تضررا.

وفي هذا السياق، بادرت الحكومة التركية إلى نقل عشرات العائلات من مخيم أطمة إلى كرفانات تم تجهيزها لهذه الغاية داخل تركيا، ولا سيما الذين اقتلعت العاصفة خيمهم أو أغرقتها الأمطار.

السوري عبد المنعم (18 عاما) يقول إنه تبرع بإحدى بطانياته لأنه لا يملك مالا ليقدمه للنازحين، كما توجه إلى المخيم للمساعدة في توزيع المساعدات.

أطفال سوريون في انتظار من يساعدهم على تخفيف معاناتهم (الجزيرة)
أطفال سوريون في انتظار من يساعدهم على تخفيف معاناتهم (الجزيرة)

وفي اللاذقية تساقطت الثلوج على ارتفاع خمسمائة متر وعلى الجبال الموازية للبحر تماما، مع احتمال وصولها إلى طرطوس المدينة في حالة نادرة.

كهرباء وخبز
وتسببت العاصفة بانقطاع التيار الكهربائي عن أغلب الساحل السوري، حيث سقطت أعمدة الكهرباء في القرى المرتفعة، كما تسببت الأمواج العاتية في اللاذقية وجبلة بتدمير الشبكة في الشوارع المحاذية للبحر.

وأبدت أم وحيد -من سكان اللاذقية- امتعاضها من انقطاع الكهرباء، مشيرة إلى أنها لا تصل إليهم إلا ساعات قليلة في الحالات العادية، وأتت العاصفة لتغرق المحافظة في ظلام دامس.

وقالت للجزيرة نت إن "انقطاع الكهرباء جاء في وقت صعب، حيث الطلاب يتقدمون لامتحاناتهم الجامعية، وكذلك الأطفال الصغار يخضعون للامتحانات الفصلية، الظلمة منعتهم من الدراسة، وليس لدينا ثمن الوقود لتشغيل مولد الكهرباء". وأملت ألا تطول مدة العاصفة حتى لا تستنزف مؤونة الشتاء من مازوت التدفئة، حيث لا يزال الشتاء في أوله.

وعانى سكان مدن الساحل السوري من أزمة كبيرة في تأمين الخبز، حيث توقفت معظم الأفران عن العمل لعدم وصول مادة الطحين، بسبب سوء الأحوال الجوية وانقطاع كثير من الطرق التي تصلها بالمحافظات السورية.

وأشار جمال -من سكان حي الرمل الفلسطيني جنوب اللاذقية- إلى أن الحي يعيش حصارا خانقا، وفاقم توقف الأفران في الحي أزمة سكان الحي في تأمين مادة الخبز.

وعبر في حديث للجزيرة نت عن خوفه من ارتفاع أمواج البحر واجتياحها المنازل القريبة من البحر مع اشتداد العاصفة خلال الأيام القادمة.

المصدر : الجزيرة