"دبلوماسية الأحفاد" بخدمة علاقات الصين وأميركا

أرابيلا تلبس اللباس التقليدي الصيني وتغني باللغة الصينية
أرابيلا باللباس التقليدي الصيني تغني باللغة الصينية (الجزيرة)

عزت شحرور-بكين

حظيت أرابيلا كوشنير حفيدة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بما لم يحظ به جدها من حب واهتمام لدى جمهور واسع من متصفحي الإنترنت في الصين على حد سواء.

وسرعان ما أصبحت الطفلة ذات الخمسة أعوام نجمة يتابعها الملايين على مواقع التواصل الاجتماعي بعد ساعات على إقدام والدتها إيفانكا على رفع صور وفيديو لها وهي تغني أغنية تقليدية صينية وتقرأ شعرا بلغة صينية واضحة يعود تاريخه إلى عهد أسرة سونغ التي حكمت الصين قبل ثمانية قرون.

وكانت أرابيلا قد غنت "أغنية الياسمين" على مأدبة العشاء التي أقامها الرئيس ترمب على شرف الرئيس الصيني وزوجته خلال زيارتهما الأخيرة إلى فلوريدا قبل أيام.

ويبدو أن الأغنية قد تم اختيارها بعناية فائقة، فهي ليست مجرد أغنية تقليدية تحظى برواج واسع بالصين، بل هي آخر أغنية أدتها بنغ لي يوان زوجة الرئيس الصيني في حفل رأس السنة التقليدية الصينية عام 2005 قبل اعتزالها كإحدى المغنيات الشهيرات في الفرقة الفنية المركزية للجيش الصيني.

فيديو بتويتر
"أنا فخورة بأداء أرابيلا وأخيها جوزيف على شرف الرئيس الصيني وزوجته"، هكذا عنونت إيفانكا الفيديو الذي نشرته في صفحتها على تويتر، وسرعان ما حظي الفيديو خلال ساعات على أكثر من عشرين مليون مشاهدة على موقع كيوكيو الصيني، وعلى نحو عشرة ملايين متصفح على موقع ويبو، وهو البديل الصيني لتويتر.

‪سيدة أميركا الأولى ميلانيا ترمب مع نظيرتها الصينية بنغ لي يوان خلال زيارة للأخيرة قبل أيام إلى فلوريدا (‬ رويترز
‪سيدة أميركا الأولى ميلانيا ترمب مع نظيرتها الصينية بنغ لي يوان خلال زيارة للأخيرة قبل أيام إلى فلوريدا (‬ رويترز

ويقول أحد المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي إن "اختيار إيفانكا تعليم أبنائها اللغة الصينية هو إقرار بمستقبل الصين على المسرح الدولي واعتراف بأهمية الثقافة الصينية للجيل الأميركي القادم، خاصة بالنسبة لعائلة تجارية قادرة على استشراف المستقبل والاستثمار في أجيالها القادمة".

وتساءل آخر: "ما الفائدة في أن نسمع أغاني جميلة من طفلة صغيرة بينما يكيل لنا جدها الشتائم؟".

وتحظى إيفانكا وعائلتها بشعبية واسعة لدى الصينيين، كما أنها تمتلك العديد من الشركات والمصانع والمصالح التجارية في الصين، وهو ما يجعل -حسب مراقبين- تعزيز علاقة العائلة المباشرة مع القيادة الصينية سبيلا إلى توسيع رقعة مصالحها التجارية وفرص نجاحاتها.

ويتوافق ذلك مع إستراتيجية ترمب في تعزيز دور عائلته في الولايات المتحدة لتصبح بمصاف العائلات القوية والغنية كعائلتي بوش وروزفلت وغيرهما.

وفي ظل عدم اكتمال أركان الإدارة الأميركية الجديدة والحيرة التي وجدت فيها القيادة الصينية نفسها في اختيار القنوات المناسبة لمعرفة توجهات ترمب فقد كان الحل الأمثل للخروج من هذه الحيرة هو اختيار الدائرة الضيقة القريبة من ترمب وهي إيفانكا وعائلتها، فقد لعب زوجها جاريد كوشنير دورا مركزيا في ترتيب قمة ترمب والرئيس الصيني شي جين بينغ وتحديد جدول أعمالها.

دبلوماسيات مختلفة
واعتبرت وسائل إعلام صينية رسمية أن ترمب يحاول من خلال قمة مارا لاغو في كاليفورنيا بناء علاقات شخصية وعائلية مع الرئيس الصيني وزوجته بهدف تعزيز العلاقات بين الجانبين.

وأطلق بعض المراقبين على هذه الخطوة اسم "الدبلوماسية العائلية" أو "دبلوماسية الأحفاد" تذكيرا بـ"دبلوماسية البينغ بونغ"، وهي المباراة الودية بين فريقي البلدين التي كانت سببا في كسر الجليد بينهما في سبعينيات القرن الماضي وتهيئة الأجواء لزيارة الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون التاريخية إلى الصين التي أعقبها تطبيع العلاقات الدبلوماسية بينهما.

معرض صور في الصين يظهر نيكسون لدى زيارته الصين (غيتي-أرشيف)
معرض صور في الصين يظهر نيكسون لدى زيارته الصين (غيتي-أرشيف)

وهناك أيضا ما عرفت بـ"دبلوماسية الباندا" التي قامت بموجبها الصين بإهداء دب الباندا إلى الولايات المتحدة كرسول سلام وصداقة بهدف تعزيز العلاقات بين البلدين.

كما ساهم لاعب كرة السلة الصيني الشهير ياو مينغ بلعب دور مميز في تعزيز العلاقات بين واشنطن وبكين من خلال لعبه مع أندية أميركية في ما عرفت لاحقا باسم "دبلوماسية كرة السلة".

غير أن السفير الأميركي الأسبق لدى الصين غاري لوك لم تشفع له أصوله الصينية لإرساء "دبلوماسية شعبية" من خلال مشاركته بفعاليات شعبية لم ترق للحكومة الصينية وأثارت جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي.

ورفض لوك التعامل معه بصفته شخصية مهمة، وعرف بتفضيله السفر على الدرجة الاقتصادية بدلا من درجة رجال الأعمال على متن رحلات الطيران الصينية الداخلية، إضافة لظهوره الدائم وغير المتوقع مع أفراد عائلته يقودون دراجاتهم الهوائية في أزقة بكين القديمة أو في مطاعمها الشعبية جدا.

المصدر : الجزيرة