البيئة في غزة.. تلوث واستنزاف لموارد محدودة

قطاع غزة- حي الشجاعية 4-6-2015 مستنقع لاختلاط مياه الصرف الصحي مع المياه الصالحة للشرب تشكل بفعل قصف إسرائيلي
مستنقع تختلط فيه مياه الصرف الصحي والمياه الصالحة للشرب بحي الشجاعية تشكل بفعل القصف الإسرائيلي (الجزيرة)

أيمن الجرجاوي-غزة

تواجه البيئة في قطاع غزة تحديات هائلة جراء استنزاف الموارد المحدودة، والتلوث الشديد في عناصرها، ويحول الحصار المستمر منذ نحو عشر سنوات، فضلا عن الحروب، دون إيجاد حلول نهائية للأزمة.

وتتصدر المياه والصرف الصحي المشكلات في الشريط الساحلي، وأظهرت إحصاءات رسمية تلوث 50% من شاطئ بحر القطاع نتيجة ضخ كميات كبيرة من المياه العادمة فيه، مما جعل نصفه غير قابل للسباحة نهائيًا.

ويستقبل بحر القطاع نحو 35 مليون متر مكعب من المياه العادمة غير المعالجة أو المعالجة جزئيا سنويا، إضافة إلى تسرب 12 مليون متر مكعب من تلك المياه للخزان الجوفي، وفق الإحصاءات.

ويرجع ضخ تلك الكميات إلى انقطاع التيار الكهربائي فترات طويلة خلال اليوم، وصعوبة تشغيل محطات المعالجة على مولدات بديلة طوال فترة الانقطاع.

‪شبلاق: مياه الخزان الجوفي مهددة بأن تصبح غير صالحة للاستخدام بنهاية 2016‬ (الجزيرة)
‪شبلاق: مياه الخزان الجوفي مهددة بأن تصبح غير صالحة للاستخدام بنهاية 2016‬ (الجزيرة)

97% من المياه ملوثة
ويوضح مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل بغزة منذر شبلاق أن 97% من مصادر المياه في القطاع ملوثة بنسب من النترات والكلوريد بأعلى من معدلات منظمة الصحة العالمية، الأمر الذي يشكل مخاطر على السكان والبيئة.

ويبين شبلاق -في حديثه للجزيرة نت- أن معدل الكلوريد يصل في بعض الآبار الجوفية القريبة من الساحل إلى 1500 ملجم في الليتر، في حين يجب ألا يتجاوز 250 ملجم في الليتر، أما معدل النترات فيزيد خمسة أضعاف على المعايير الدولية.

ويحذّر من أن مياه الخزان الجوفي -المصدر الوحيد للمياه بغزة- مهددة لأن تصبح غير صالحة للاستخدام بشكل كلي نهاية عام 2016، وهو ما دفع المصلحة للاتجاه لتحلية مياه البحر كمصدر بديل.

وسيكون من الصعب أن ترى جميع مشروعات تحلية مياه البحر الجارية بالقطاع النور في ظل الأوضاع السياسية الراهنة وانقطاع التيار الكهربائي فترات طويلة، وفق شبلاق.

‪محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في قطاع غزة‬ (الجزيرة)
‪محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في قطاع غزة‬ (الجزيرة)

نفايات وضجيج
وبالإضافة إلى المشاكل المتعلقة بالمياه، فإن مشكلة النفايات الصلبة تمثل مصدرا كبيرا للتلوث في القطاع، في وقت لا تتم فيه الاستفادة منها إلا بكميات محدودة جدا.

وينتج القطاع نحو 1700 طن نفايات صلبة يوميا، ترحل إلى ثلاثة مكبات رئيسية في المناطق الشرقية الحدودية مع إسرائيل، كما يوضح مدير الإدارة العامة لحماية البيئة بغزة بهاء الأغا.

وفضلا عن الآثار الصحية التي تنجم عن تجميع كميات كبيرة من النفايات في مكان قريب نسبيا من التجمعات السكانية، فإن احتراق النفايات وارتداد الدخان إلى المناطق الآهلة بالسكان يتسبب في أضرار صحية خطرة.

ويمثل الضجيج الناتج عن تشغيل مولدات الكهرباء بكثرة بفعل انقطاع التيار الكهربائي نوعا آخر من التلوث في القطاع الذي يعيش فيه نحو 1.8 مليون نسمة.

ويمنع خلو القطاع من جهاز لقياس نسبة التلوث في الهواء من الاطلاع على درجة تلوثه منذ عام 2008، لكن الأغا يقول للجزيرة نت إن النسبة كانت وفق المعدلات العالمية قبل ذلك العام بفعل وقوع القطاع بمنطقة ساحلية.

‪الأغا: القطاع ينتج نحو 1700 طن من النفايات الصلبة يوميا‬ (الجزيرة)
‪الأغا: القطاع ينتج نحو 1700 طن من النفايات الصلبة يوميا‬ (الجزيرة)

تلوث التربة
وفي ظل الاكتظاظ السكاني، فإن الأراضي الزراعية تتناقص بشكل مستمر، لكن الحصار والحروب، وتعطل الإعمار، قلل من الزحف العمراني باتجاه تلك الأراضي بعد أن وصل معدله بين عامي 1994 و2007 إلى خمسمئة دونم سنويا.

ويوجد في القطاع 160 ألف دونم مخصص للزراعة تحت الري، وفق مدير عام الإرشاد والتنمية بوزارة الزراعة بغزة نزار الوحيدي، لكن التربة تعاني من آثار ثلاث حروب إسرائيلية مدمرة.

ويضيف الوحيدي للجزيرة نت أن "آثار عشرين ألف صاروخ سقطت على غزة تضر صحة الإنسان، وقد تكون جزءًا من السلسلة الغذائية له؛ مما يؤدي إلى احتمال إصابته بأمراض خطرة كالسرطانات، فضلا عن أن كل صاروخ أفقدنا ثلاثمئة متر مكعب من التربة".

وإلى جانب أضرار التربة من الحروب، فإن إسرائيل تحاول فرض منطقة عازلة على مساحة 22500 دونم شرقي القطاع وشماله، وهي أراض زراعية خصبة، إضافة إلى رشها مبيدات حشرية على المزروعات الفلسطينية القريبة من الحدود في أوقات غير منتظمة، كما يؤكد الوحيدي.

ويوافق اليوم الخامس من يونيو/حزيران من كل عام "اليوم العالمي للبيئة"، والذي أقرته الأمم المتحدة عام 1972، ويشمل فعاليات للتوعية بالمخاطر المحيطة بالبيئة، واتخاذ إجراءات سياسية وشعبية للحفاظ عليها.

المصدر : الجزيرة