أستوكهولم.. مدينة صديقة للدراجات الهوائية

نائب عمدة ستوكهولم للبيئة بير انكيرسيو مصطحبا دراجته الى الباحة الخارجية لمبنى بلدية ستوكهولم القريب من وسط العاصمة، اثناء اللقاء مع الجزيرة نت ، ستوكهولم في 05 يونيو 2014( تصوير جورج حوراني ).
نائب عمدة أستوكهولم للبيئة بيرانكيرسيو يستقل دراجته الهوائية من مكتبه وإليه (الجزيرة)

جورج حوراني-أستوكهولم

تجتاح آلاف الدرجات الهوائية هذه الأيام مع دخول فصل الصيف العاصمة السويدية أستوكهولم التي صنفت مؤخرا من بين أكثر مدن العالم الصديقة للدراجات وفق المؤشر العالمي للتنقل المدني. وحسب التقرير تحتل أستوكهولم المرتبة الثانية بعد هونغ كونغ بتنوع شبكات المواصلات بما فيها الأرصفة الخاصة بالدراجات.

التنقل بالدراجة الهوائية بات جزءا من الثقافة العامة للمجتمع السويدي، ومشهدا عاديا من يوميات العاصمة على مدار فصول السنة حتى في أيام الشتاء. ويخصص للدراجات مواقف في المساحات المجاورة للمباني السكنية والأسواق التجارية.

وقد تجد من هو بكامل أناقته بالبدلة الرسمية يقود دراجته متخطيا ارتال السيارات المتزاحمة في أوقات الذروة، أو يلفتك مشهد امرأة مسنة تتنقل ببطء بواسطة دراجتها للذهاب إلى التسوق.

سياسيون على الدراجة
يفضّل نائب عمدة أستوكهولم للبيئة بير أنكيرسيو أن يركب دراجته يوميا للوصول إلى مكتبه في مبنى البلدية القريب من وسط العاصمة.

ويقول بير الذي انضم منذ سنوات إلى نادي السياسيين آتيا من عالم الإعلام -وهو ينتمي إلى حزب الوسط – "إنها وسيلة صحية وسريعة للتنقل لعقد اجتماعات خارج المكتب، فالجلوس على مقعد السيارة لم يعد يحتل المكانة الأولى".

كارولين في الستين من عمرها تتنقل بدراجتها الهوائية منذ سنين (الجزيرة)
كارولين في الستين من عمرها تتنقل بدراجتها الهوائية منذ سنين (الجزيرة)

وتستغرق رحلته الصباحية إلى المكتب عشر دقائق فقط. ويضيف أنه غالبا يصادف أثناء قيادته الدراجة من يرغب في السؤال عن أمر ما أو للتحدث في السياسة العامة للبلاد.

ولا يخفي في حديثه للجزيرة نت رغبتة بزيادة شعبيته من خلال قيادة الدراجة كحال سياسيين آخرين ممن يستخدمون الدراجات بهدف تشجيع السكان على اتخاذها بديلا عن السيارة.

وعندما سألنا كارولين -وهي في عقدها السادس من العمر- عن مدى اهتمامها بهذه الرياضة ووسيلة التنقل، وصفت نفسها بعاشقة الدراجة التي تربطها بها علاقة ود منذ سنين عديدة.

وتضيف للجزيرة نت "تلازمني دراجتي أينما ذهبت، إلا عندما يكون الطقس عاصفا فإني أضطر لركوب السيارة، وأقوم برحلة يومية عبر دراجتي من البيت إلى العمل لمسافة 8 كلم ذهابا وإيابا".

وتحاول ماتيلدا فارغبان بدورها -وهي سيدة حامل في الشهر التاسع- التخفيف من تعب الحمل ورفع معنوياتها عبر قيادة الدراجة.

وتقول للجزيرة نت "إن التنقل بالدراجة يوفر لي بخلاف السيارة استنشاق الهواء النقي وهذا ما أحتاجه الآن". مؤكدة أنها غالبا ترتدي خوذة السلامة أثناء القيادة وهي تشجع على استخدامها.

برامج تشجيعية
وتمتد الطرقات المخصصة للدراجات إلى آلاف الكيلومترات داخل العاصمة وحولها، وهي بالطبع مستقلة تماما عن تلك المخصصة للمشاة والسيارات.

‪‬  فاستبيرغ: نعمل على مشروع تطوير البنية التحتية للدراجات بتكلفة عالية(الجزيرة)
‪‬  فاستبيرغ: نعمل على مشروع تطوير البنية التحتية للدراجات بتكلفة عالية(الجزيرة)

وتبذل الحكومة جهدا كبيرا لدمج الدراجات الهوائية ضمن شبكات مواصلاتها، عبر عدد من برامج تشجيع قيادة الدراجات كمشروع "دراجة بالمجان لنصف عام". وتبلغ كلفة مشروع تطوير البنى التحتية لشبكات المواصلات الخاصة بالدراجات الهوائية في العاصمة وحدها نحو 130 مليون يورو، ويتوقع الانتهاء منه بحلول العام 2018.

ويؤكد أنطون فاستبيرغ، مدير مشروع الدراجات الهوائية في بلدية أستوكهولم أن العاصمة استطاعت أن تخلق نظام شبكة مواصلات للدراجات على مستوى عال من الجودة والأمان، "يوفر لراكبي الدراجات سهولة الاختيار بين خطوط الشبكة المتنوعة التي تعبر المدينة إلى الضواحي المجاورة أو تلك التي تقودك إلى المتاجر ومحطات القطار".

ويقول فاستبيرغ في حديث للجزيرة نت "إن معظم سكان العاصمة باتوا يستخدمون الدراجة الهوائية للوصول إلى أماكن عملهم، لأنها ببساطة وسيلة أسرع وأقل كلفة، وهذا سوف يساعد على المدى المتوسط والبعيد على تحسين البيئة بفعل التقليل من استخدام السيارات".

ويشير إلى أن عدد راكبي الدراجات الهوائية ارتفع بنسبة 80% في السنوات العشر الماضية، موضحا في الوقت عينه أنه تم استحداث ما يُعرف بمربعات الدراجات عند جميع تقاطعات الطرق قرب الإشارات الضوئية، حتى يتسنى لسائقي السيارات الانتباه أكثر لمرور الدراجات.

المصدر : الجزيرة