الركشة تغزو شوارع الخرطوم

جل سائقو الركشة من الشباب.jpg
جل سائقي الركشة من الشباب (الجزيرة نت)
رماح الدلقموني-الخرطوم
 
لا يكاد يخلو شارع بالعاصمة السودانية الخرطوم من الركشة، التي يحبذ العامة ركوبها لتكلفتها البسيطة. وتؤكد السلطات المعنية أن 48 ألف ركشة دخلت البلاد بين عامي 1999 و2009، مشيرة إلى وجود سلبيات لوسيلة النقل هذه. 
 
والركشة أو "الحمار الميكانيكي" عربة هجينة بين الدراجة النارية ولها ثلاث عجلات ومقود ومحرك صغير، وقودها خليط من الزيت والبنزين، ليس لها أبواب وسقفها من القماش "المشمع" وصيانتها غير مكلفة.
 
ويقول رئيس قسم الإعلام في مرور ولاية الخرطوم العقيد مالك عثمان الحسن إن  تسمية "الحمار الميكانيكي" أطلقها في فترة ما زعيم حزب الأمة القومي، الصادق المهدي، الذي رأى أن السودانيين استبدلوا عربات "الكارو" التي تجرها الحمير بهذه المركبة الصغيرة الهندية الأصل.
 
سعاد عوض قالت إنها تستخدم الركشة باستمرار (الجزيرة نت)
سعاد عوض قالت إنها تستخدم الركشة باستمرار (الجزيرة نت)

دخول
ويضيف في حديث للجزيرة نت أن "الركشة" دخلت البلاد أول مرة سنة 1989 قادمة من الهند عن طريق شركات استخدمتها لتوزيع التبغ والبضائع الخفيفة، ثم اعتمدت عام 1992 وسيلة نقل خاص "ملاكي" في منطقة أم درمان، قبل أن يتم اعتمادها وسيلة نقل عام في ولاية الخرطوم عام 1996 حيث ساهمت في إعالة الأسر الفقيرة ويسرت على الناس تحركاتهم بأن أوصلتهم إلى أماكن لا تطرقها الحافلات العامة.

 
لكن الأمر أخذ بعدا آخر عندما اكتشفت الخرطوم عام 2002 أنها "اكتفت مروريا من الركشة" بعد أن وصل عددها –وفق الحسن- نحو عشرة آلاف مركبة، فصدر قرار بوقف منح تراخيصها واستيرادها باستثناء عدد من الشركات والجمعيات الخيرية، ثم أعيد السماح باستيرادها لاحقا للعمل خارج ولاية الخرطوم فقط لكن هذا الأمر كان يتم تجاوزه مما جعل أعدادها تواصل الارتفاع.
 
يقول الحسن إن عدد "الركشات" التي دخلت السودان في الفترة بين عامي 1999 و2009 بلغ أكثر من 48 ألف مركبة المرخص منها نحو 23 ألف مركبة، وقد دفع ازدياد الركشات غير المرخصة والي الخرطوم إلى اتخاذ قرار في شهر رمضان الماضي بفتح تراخيص الركشة ثلاثة أشهر على اعتبار أن "ركشة مرخصة خير من غير المرخصة".
 
الطيب عدوان ترك المدرسة ليعيل أسرته بالعمل على الركشة (الجزيرة نت)
الطيب عدوان ترك المدرسة ليعيل أسرته بالعمل على الركشة (الجزيرة نت)
راكب وسائق
ووصف المواطن عبد الكريم علي العبيد للجزيرة نت الركشة بأنها "أسهل وأسرع وذات أجرة مناسبة" ورغم أنه يقر بكثرة حوادثها فإن ذلك يعتمد وفق رأيه على الطريق "فإذا كان الطريق سالكا ولا توجد به زحمة ينعدم الخطر".
 
ويوافقه بذلك محمد عبد المعطي الذي قال إنه يستخدم "الركشة" فقط في الشوارع الداخلية التي لا تصلها حافلات النقل العام.
 
كما ترى سعاد عوض –التي كانت تركب الركشة بجوار امرأتين أخريين- أن الركشة ملائمة للمسافات القريبة، وهي مريحة وتستخدمها باستمرار حيث إن أجرتها مقبولة رغم أنها ارتفعت مؤخراً مع ارتفاع أسعار الوقود، حسب قولها.
 
أما على صعيد سائقي الركشة وجلهم من فئة الشباب، فيقول الطيب عدوان (20 عاما) إن وفاة والده اضطرته لترك المدرسة والعمل على الركشة ليعيل أسرته، مشيرا إلى أن له سبع سنوات في هذا العمل رغم أنه لا يحمل رخصة قيادة.
 
بينما يقول الشاب هيثم نبيل عثمان -الذي يدرس الهندسة بجامعة السودان- إن "ركشته" ملك الأسرة ويعمل عليها لتحصيل مصروفه ومساعدة أسرته، حيث تدر عليه  ما بين أربعين وخمسين جنيها (13-15 دولارا) يوميا عبر نقل نحو 25 راكبا بحد أدنى للأجرة يبلغ جنيهين (أقل من دولار).
 
بدوره، يقول عماد محمد مصطفى إنه يعمل على "ركشته" لينقل الركاب بالأجرة إلى جانب وظيفته الحكومية التي لا يكفي دخلها لإعالة أسرته، مشيراً إلى أن شرطة المرور كثيراً ما توقف سائقي "الركشات" لكنهم يسألون عن رخص المركبة أكثر من اهتمامهم برخصة سائقها.
 

العقيد مالك عثمان الحسن: الركشة تسببت في وفاة 41 شخصا عام 2008 (الجزيرة نت) 
العقيد مالك عثمان الحسن: الركشة تسببت في وفاة 41 شخصا عام 2008 (الجزيرة نت) 

مخاطر وسلبيات
ورغم إيجابياتها فإن للركشة سلبيات كثيرة ، أبرزها -وفق العقيد الحسن- كثرة حوادثها حيث إنها تأتي في المرتبة الثانية بعد الحافلات، وفي المرتبة الثالثة من حيث الحوادث المؤدية للوفاة رغم صغر حجمها وسعتها، مشيرا إلى أنه عام 2008 تسببت الركشة بـ41 حالة وفاة، و333 حادث أذى جسيما.

 
كما أنها لا تتحمل الصدمات وسقفها عبارة عن غطاء "مشمع" وهي خفيفة سهلة الانقلاب ولا توجد لها أبواب تحمي الركاب ولا أحزمة أمان وتؤثر سلبا على البيئة، ونظرا لبطئها -يضيف المتحدث- الذي يمكن أن يعيق المرور فقيادتها ممنوعة بالشوارع الرئيسية وتلك التي يوجد بها خط سير حافلات نقل عام.
 
وكشف العقيد الحسن أن المرور بصدد البدء بحملة لتطبيق إجراءات أكثر صرامة على سائقي الركشات الذين يفترض أن يحملوا رخص قيادة عمومية لكن هذه الحملة تأجلت -مثل أمور كثيرة- إلى ما بعد استفتاء تقرير مصير جنوب السودان.
المصدر : الجزيرة