رأس السنة "الناير".. من مظاهر الثقافة الأمازيغية

الشعب الجزائري مازال متمسكا بعيد الناير - الجزيرة نت

أمازيغيو الجزائر ما زالوا متمسكين بعيد الناير (الجزيرة نت)

تسعديت محمد-الجزائر
يحتفل أمازيغ المغرب العربي في الثاني عشر من يناير/كانون الثاني ببداية السنة الأمازيغية المعروفة باسم "الناير"، حيث يعتبر الاحتفال مظهرا من مظاهر الثقافة الأمازيغية التي تعود لآلاف السنين.

ويستند الأمازيغ في تقويم الناير إلى ما يسمى التقويم الفلاحي الذي يتبعه الفلاحون في زراعاتهم لضبط السقي والغرس، ويمتاز هذا التقويم بمظهر التكافل الاجتماعي.


"
الاحتفال مرتبط بالانتصار العسكري الذي حققه الملك الأمازيغي شيشناق على فرعون رمسيس الثالث عام 950 قبل الميلاد
"

البعد التاريخي
وفي تصريح للجزيرة نت أوضح محمد أرزقي فراد الباحث المختص في الثقافة الأمازيغية أن الناير يعود إلى ما قبل الإسلام "ولفهم الناير يجب إعادته إلى سياقه التاريخي ".

وأضاف أن الاحتفال مرتبط بالانتصار العسكري الذي حققه الملك الأمازيغي شيشناق على فرعون مصر رمسيس الثالث عام 950 قبل الميلاد.

وتوثق النقوش التاريخية المحفورة على عدد من الأعمدة في معبد الكرنك في مدينة الأقصر بمصر لهذا النصر العسكري. وتتحدث هذه الآثار بالتفصيل عن الأسرة الأمازيغية الثانية والعشرين.

وجعل الأمازيغ الانتصار المذكور بداية للتقويم الذي وصل هذا العام إلى 2958. وحسب فراد "اقتبس الأمازيغ أصول تقويمهم عن الرومان وجرى تعديله ليظهر إلى الوجود الشهور الأمازيغية".

وارتبط الاحتفال قبل دخول الأمازيغ في الإسلام ببعض المعتقدات، حيث كانت النساء تضع كميات صغيرة من الطعام الذي تعده للأسرة تحت الموقد وعمود البيت والمغزل للتقرب من الأرواح الخفية ونيل رضاها.

وحينما جاء الإسلام هذّب هذه السلوكيات ليتماشى العيد مع القيم الإسلامية كما يقول فراد. والدليل على ذلك أن لعبة أيراذ (لعبة الأسد) تنتهي دائما بقراءة الفاتحة والتضرع إلى الله ليمن على الناس بالخير والرزق والبركة.


"

"
وتأكيدا للبعد الفلاحي في المناسبة يجلب الأمازيغ الأعشاب الخضراء ويرمونها فوق سطح المنزل، كما يحمل الاحتفال مفهوم التضامن الاجتماعي
"

كرنفال أيراذ"
ويشير محمد أرزقي فراد إلى احتفالات بعض الجزائريين بالمناسبة مثل أبناء منطقة بني سنوس بولاية تلمسان بغرب الجزائر، التي تستقبل الناير بمهرجان متميز تنفرد به عن باقي المناطق.

ويرمز "كرنفال أيراذ" (مهرجان الأسد) إلى الجانب الروحي، وفيه يؤدي شخصان بزي تنكري مصنوع من الجلد وأغصان الأشجار فاصلا تمثيليا دور اللبؤة الحبلى التي تضع صغيرها تحت رعاية الأسد تعبيرا عن تجدد الحياة وانبعاثها من جديد.

وتأكيدا للبعد الفلاحي في المناسبة يجلب الأمازيغ الأعشاب الخضراء ويرمونها فوق سطح المنزل . كما يحمل الاحتفال مفهوم التضامن الاجتماعي، إذ تسير المواكب لجمع الأغذية من المتصدقين لتوزيعها على الفقراء.

ومن بين عادات الناير إعطاء الأكل للحشرات حتى لا تأكل الزرع والامتناع عن الحياكة مع ضرورة الأكل حتى الشبع ليضمن الإنسان أن يشبع باقي السنة، كما تقوم بعض الأمهات في هذه المناسبة بإعداد وجبات خاصة للعائلة قوامها اللحم والرقاق والمكسرات التي توزع في أكياس على الأطفال.

وتزداد أيام الاحتفال بالناير لدى الجزائريين لتصل في بعض المناطق إلى سبعة أيام.

وحسب فراد فإنه "إذا ثمنت السلطات كرنفال أيراذ ستتحول بني سنوس بتلمسان إلى قطب سياحي يزيد مداخيل البلاد من العملة الصعبة".

المصدر : الجزيرة