البغداديون تخلوا عن عاداتهم في رمضان

الخبز المفضل لدى العراقيين في رمضان

نساء بغداد يتزودن بالخبز المفضل لديهن في رمضان (الجزيرة نت)

فاضل مشعل-بغداد

أجبرت ظروف احتلال العراق وما خلفه من توتر أمني العائلة البغدادية تحديدا على التخلي عن معظم طقوسها الرمضانية المعروفة التي تناقلتها جيلا بعد جيل. فلا تبادل للزيارات ولا مائدة إفطار تجمع العائلة ولا مطاعم تقدم وجبات الإفطار للبغداديين.

ويلجأ الحاج ناصر الشرهان (74 عاما) إلى النوم بعد الإفطار "لأن جميع أصحابه يسكنون مناطق لم يعد قادرا على زيارتها". كما أن الوصول إلى المناطق البعيدة أصبح أمرا شبه مستحيل، حسب ما يقول الحاج الشرهان، وهو مدرس لمادة الكيمياء أحيل على المعاش قبل ست سنوات.

كرادي
يضيف الحاج الشرهان "أنا بالأصل رجل كرادي -نسبة إلى منطقة الكرادة جنوب بغداد- وأسكن في منطقة الشعب (15 كلم شمال بغداد) أصدقاء طفولتي ممن هم على قيد الحياة في الكرادة، ولكي أقضي ليلة رمضانية معهم كما كنت أفعل طيلة السنوات الماضية علي أن اقطع المدينة ذهابا وإيابا، وهكذا تخليت نهائيا عن أحلام عاشت معي منذ الطفولة".

أما عاشق تربية الحمام حسين النواب, فاعتاد لسنوات أن يتوجه من منطقته الكاظمية إلى شارع عشرين في منطقة الأعظمية كي يمضي ليلة رمضانية برفقة عشاق حمام آخرين.

عصائر ما بعد الإفطار (الجزيرة نت) 
عصائر ما بعد الإفطار (الجزيرة نت) 

ويضم هذا اللقاء عادة عشاق حمام من مختلف مناطق بغداد يلتقون للحديث عن الحمام وضروبه وسباقاته والفائزين والخاسرين منهم، ثم ينصرفون بعد أن يتناولوا السحور في مقهى عباس أفندي ليعودوا في اليوم التالي، وهكذا دواليك طيلة أيام شهر رمضان .

ويخشى النواب أن يدركه الموت قبل أن يشهد بنفسه عودة الأيام الخوالي. "أنا أشتاق لجاسم أبو لبدة ولعطوان ابن الجدة ولرزوقي الحاج عبد الله، أشتاق أن أمضي بقية أيام حياتي قرب برج الحمام في مقهى عباس أفندي. ولكن الحال تغير فقد تحول شارع عشرين إلى متاريس لمسلحين معظمهم غرباء عن الأعظمية وصارت زيارتي للأعظمية تعني أن أموت قتلا على الهوية".

خبز للتشريب
ورغم أن الأفران مازالت تقدم الخبز الذي يفضله أهل بغداد طازجا على مائدة الإفطار, إلا أن الحاجة أم علي التي تستبدل كل يوم الطحين الحكومي بالخبز الجاهز من الفرن المجاور لمسكنها تقول "نحضر الخبز لأكلة التشريب (الثريد) ولكن من سيأكل معي وكل أحبابي بين سجين وقتيل وهارب خارج البلاد.

وتضيف الحاجة "النكهة الرمضانية ذهبت فأنا أقوم كل يوم بإعداد نفس الأكلة القديمة التي كان أولادي يعشقونها في الأفطار وأتناولها وحيدة ثم أبكي كل يوم".

المصدر : الجزيرة