مسحراتي فلسطين.. إصرار على الدور رغم معوقات الاحتلال

علي أبو حسن المسحراتي، وهو مسحراتي في مخيم بلاطة بنابلس

علي أبو حسن المسحراتي يروي معاناته مع الاحتلال (الجزيرة نت)

عاطف دغلس-نابلس

ما زال المسحراتية -وإن قلوا- يعدون النكهة التراثية المتبقية في رمضان فلسطين، لهم رونقهم الخاص، وصوتهم الجميل، وضرباتهم المميزة على دفوفهم الملونة، وترديدهم عبارات "إصح يا نايم وحد الدايم" بلكنتهم الفلسطينية.

وفي الآونة الأخيرة، وبالتحديد بعد انتفاضة الأقصى المباركة، أصبحت معاناة المسحراتية في مدن الضفة الغربية تتفاقم، فملاحقة الاحتلال لهم لم تقف أبدا.

وفي مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين شرق نابلس، كان المسحراتي علي أبو حسن (50 عاما) مثالا لهؤلاء المسحراتية الذين بدؤوا يقلون شيئا فشيئا، خاصة وأن اعتداءات جنود الاحتلال عليهم لم تقف عند حد معين.

مخاطر
"أصبحت مهنتي تلك التي انتظرها كل رمضان محفوفة بالمخاطر، فلم تعد توجيهات الناس في المخيم لي بأن الجيش متواجد في مكان دون آخر كافية، فالإفلات صعب، ولم يعد بي قوة لتحمل احتجاز القوات الإسرائيلية لي لساعات".. بهذه الكلمات وصف علي أبو حسن مسحراتي مخيم بلاطة بنابلس "للجزيرة نت" المخاطر التي تحدق به في مهنته تلك.

لم يقل أبو حسن المزيد، لكنه برهن على صدقه بقوله "لقد اعتدت علي القوات الإسرائيلية أكثر من مرة، وخاصة عندما كانوا يأتون في حملة اعتقالات للمطاردين، ويتهمونني بأنني أعطي معلومات للمطلوبين عن وجود الجيش في مكان ما كي يفروا منه".

وبين نار المقاومين الذين يطلقون الرصاص على الجنود، ونار الإسرائيليين الذين يعتدون عليه بالضرب المبرح، يقع أبو حسن، إلا أنه مصمم على الاستمرار رغم عدم تلقيه مقابلا لذلك.

مسحراتي على كرسي متحرك (الجزيرة نت)
مسحراتي على كرسي متحرك (الجزيرة نت)

مسحراتي رغم الإعاقة
أما وليد أبو سفاقة (36 عاما) من مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية ورغم إصابته برصاص قوات الاحتلال بشكل مباشر في ظهره، ما سبب له شلل نصفي دائم، إلا أنه مصر على إكمال مهنة المسحراتي التي أحبها، حتى وإن كان ذلك من خلال الكرسي المتحرك.

وأصيب أبو سفاقة عام 89 برصاص الوحدات الخاصة الإسرائيلية في ظهره وبطنه وقدمه، ولم تكن المرة الأولى التي يصاب بها، وهو يقوم بعمله كاملا".

التقينا بالمسحراتي أبو سفاقه وتحدث "للجزيرة نت": "لم يكتف الاحتلال بإعاقتي، فقد ظل يلاحقني حتى في وضعي هذا، واتسمت معاملته بالفظاظة والشتم، والمنع من الخروج من المنزل".

ويبقى أبو سفاقة متنقلا بين أزقة المدينة، مفضلا عدم الخروج كثيرا للشوارع الرئيسية، فالمضايقات أكبر منها في الأزقة.

ورغم كل معوقات الاحتلال يخرج وبرفقته صديقيه الاثنين اللذين اعتادا على الاستيقاظ معه صباح كل يوم، وابنه البكر، وكلهم يتعاونون على جر الكرسي المتحرك، ليصل صوته المميز والمحبوب لأهل مدينته.

وقد كبر وليد في نظر أبناء مدينته، لدرجة أنهم يفتحون نوافذ منازلهم ويلقون عليه التحية والسلام، وهذا ما قالته آمال -إحدى المواطنات- "لقد زرع وليد في أنفسنا الأمل بأن الإعاقة لا تمنع الإنسان من ممارسة أي عمل، وخاصة إذا كانت بفعل الاحتلال الذي يحاول دوما قتلنا وتشريدنا، ووليد هو شمعة رمضان التي لم يستطع الاحتلال إطفائها".

هكذا يصبح دور المسحراتي في فلسطين مهددا بسبب الاحتلال، فإن أمن المسحراتي شر الظلام، لا يأمن شر الإسرائيليين الذين أصبحت بندقيتهم تدل على أفعالهم.

المصدر : الجزيرة