يحدث في مصر.. منع الصلاة بـ25 ألف مسجد

برلمانيون طالبوا بإغلاق معظم المساجد الصغيرة أو السيطرة عليها بشكل كامل الصورة خاصة للجزيرة نت
برلمانيون طالبوا بإغلاق معظم المساجد الصغيرة التي يستغلها السكان لأداة الصلاة لقربها منهم (الجزيرة)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

بينما استبق برلمانيون مصريون شهر رمضان بحملة على زوايا الصلاة بمصر (المساجد الصغيرة) مطالبين بإغلاق بعضها وفرض رقابة صارمة على بعضها الآخر لتسببها في نشر "فكر الإرهاب والتطرف"، واستقطاب الشباب للجماعات التي توصف بالإرهابية، أرسل وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة تعميما إلى فروع وزارته بعدد من المحافظات بمنع الصلاة في قرابة 25 ألف مسجد وزاوية ابتداء من شهر رمضان المقبل.

وبينما رأى المؤيدون أنه قرار ضروري لحماية شباب مصر من الانجرار نحو التطرف الذي تتسبب فيه أماكن غير خاضعة للرقابة، أكد المعارضون أنه قرار يعكس أزمة للنظام مع الشعائر الإسلامية، واستهداف مباشر لأماكن العبادة.

وعزا الوزير هذا القرار إلى وجود تقارير أمنية رصدت استغلال هذه المساجد في الترويج للفكر الذي يوصف بالإرهابي وتغذية التطرف والتشدد بمصر، وهو ما يتطلب -حسب رأيه- إغلاقها درءا للمفسدة، وذلك حسبما أفادت به مصادر من الوزارة وفروع لها ببعض المحافظات المصرية.

محمد الصغير: إغلاق هذا العدد من المساجد يأتي متسقا مع منهجية النظام منذ انقلاب 2013 (الجزيرة)
محمد الصغير: إغلاق هذا العدد من المساجد يأتي متسقا مع منهجية النظام منذ انقلاب 2013 (الجزيرة)

وتضمن التعميم تأكيدا على توجيهات سبق العمل بها خلال الأعوام الماضية، ومنها حصر إقامة صلاة التراويح بالمساجد الكبرى في المدن والقرى، وتقييدها بقدر محدد من القراءة لا يتجاوز نصف جزء في الليلة، وعدم السماح بإمامة غير المصرح لهم أو بإلقاء دروس ومواعظ إلا ما هو معتمد في خطة الوزارة.

منهجية قديمة
تزامُن التصعيد البرلماني ضد المساجد مع ما تسرب من توجيهات لوزير الأوقاف بإغلاق عدد منها، رآه محمد الصغير مستشار وزير الأوقاف السابق متسقا مع منهجية النظام المتبعة منذ انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013 باستباق شهر رمضان بقرارات تعمل على تحجيم دور المساجد وتكبيل أي نشاط دعوي بها.

ويشير الصغير في حديثه للجزيرة نت إلى عدد من القرارات التي اتخذها وزير الأوقاف خلال الأعوام الماضية بشأن صلاة التراويح والاعتكاف والدروس الرمضانية، والتي تأتي في إطار سياسته المتبعة في إرضاء النظام القائم، مما يتطلب منه رفع سقف تلك القرارات لتصل هذا العام إلى غلق هذا العدد من المساجد والزوايا.

وصفي أبو زيد أكد أن هذا القرار تضييق غير مبرر على الناس (الجزيرة)
وصفي أبو زيد أكد أن هذا القرار تضييق غير مبرر على الناس (الجزيرة)

ووصف مستشار وزير الأوقاف السابق، والذي كان مديرا عاما للمساجد الحكومية بمصر، مبرر الإغلاق (تغذية التطرف والإرهاب) بالمغالطة الكبيرة، لافتا إلى أن عدد المساجد بمصر يقدر بـ 170 ألف مسجد منها 50 ألف زاوية، وهي لا تكاد تستوعب عدد المصلين، ومن ثمّ فإن إغلاق هذا العدد منها يعد أزمة كبيرة.

ويرى الصغير أن التضييق الذي ينتهجه وزير الأوقاف ليس مجرد سياسة مناكفة للكيانات الإسلامية بمصر، وإنما يعكس أزمة لدى النظام القائم مع الشعائر الإسلامية، تظهر بين الفينة والأخرى من خلال مثل هذه القرارات.

أما أستاذ مقاصد الشريعة الإسلامية وعضو اتحاد علماء المسلمين وصفي أبو زيد فقال إن هذا الإجراء "صدّ ومحاربة لدين الله"، ويدخل فاعله في من قال الله فيهم "ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين".

غير مبرر
ويرى أبو زيد في حديثه للجزيرة نت هذا القرار تضييقا غير مبرر على الناس، إذ إنه من المعروف قلة عدد المساجد الكبيرة وبعدُها عن مساكن الناس، ومن ثم كانت المساجد الصغيرة والمقصودة بهذا القرار تيسرا على الناس لأداء الفرائض والتراويح في جماعة، وإغلاقها يحول دون ذلك.

 

عبد العزيز رجب يرى أن قرار إغلاق المساجد الصغيرة يستهدف الفكر الوسطي الذي يرفع وعي الشارع المصري بحقوقه (الجزيرة)
عبد العزيز رجب يرى أن قرار إغلاق المساجد الصغيرة يستهدف الفكر الوسطي الذي يرفع وعي الشارع المصري بحقوقه (الجزيرة)

ويعتبر أستاذ المقاصد الإسلامية توسّع جمعة في منع أئمة وخطباء من ممارسة أعمالهم في رمضان يأتي في إطار "تكميم الأفواه وعسكرة الدولة"، لافتا إلى أن ذلك يزيد سخط العامة.

في حين يعتبر عبد العزيز رجب أحد علماء الأزهر أن هدف مختار جمعة من قرار إغلاق هذا العدد من المساجد هو استهداف الفكر الوسطي الذي يرفع وعي الشارع المصري بحقوقه في مقاومة الباطل بكل الوسائل المشروعة، وليس كما يزعم من وجود فكر متطرف وإرهابي.

ويرى رجب في حديثه للجزيرة نت أن ذلك يأتي في إطار مخطط يسعى وزير الأوقاف من خلاله لاستبعاد معظم أئمة الوزارة المتميزين سواء من المناصب القيادية أو العمل بالمساجد أو حتى الظهور في الإعلام، واستبدالهم بأئمة لا يمانعون من الخضوع لإملاءات المؤسسات الأمنية.

في المقابل، يرى عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف صالح عبد الحميد أن هذه الزوايا الصغيرة بمثابة قنبلة موقوتة تحتاج إلى تحرك سريع من المسؤولين بوزارة الأوقاف حتى لا تصبح مأوى لجماعات تروج من خلالها لأفكار إرهابية، مطالبا في تصريحات صحفية بتشديد الرقابة على العاملين بها وعدم تركها مفتوحة بشكل مستمر.

المصدر : الجزيرة