بدء محاكمة المتهمين بمذابح رواندا بفرنسا
بدأت إحدى المحاكم الفرنسية في باريس أمس ولأول مرة إجراءات محاكمة من يُشتبه في ارتكابهم المذبحة التي راح ضحيتها 800 ألف شخص في رواندا قبل 20 عاما مبتدئة بالرئيس الأسبق للمخابرات الرواندية باسكال سيمبيكانغوا (54 عاما).
ويواجه سيمبيكانغوا الذي يحمل الاسم المستعار سافاري عقوبة السجن مدى الحياة في حال إدانته. ويتوقع أن تستغرق المحاكمة عدة أسابيع ويحضرها أكثر من خمسين شاهدا، بمن فيهم صحفيون ومؤرخون ومزارعون وحراس أمن ومسؤولو استخبارات.
وقبض علي سافارى المتهم بالمساعدة في تسليح جنود الهوتو وتحريضهم على ذبح التوتسي، حيث كان مختبئا في جزيرة مايوتي الفرنسية في المحيط الهندي عام 2008.
وامتلات قاعة المحكمة بنشطاء حقوقيين وصحفيين جاؤوا من رواندا لمتابعة المحاكمة وأنكر سيمبيكانغوا الاتهامات الموجهة اليه.
وقال للصحفيين ألين غوتيه الذي شارك هو وزوجته دافروزا غوتيه في تأسيس جمعية ضحايا رواندا التي هي طرف في القضية "لم نأت إلى هنا باسمنا وإنما باسم مليون ضحية أبيدوا في رواندا عام 1994".
وأعرب فريق الدفاع عن سيمبيكانغوا عن قلقه من أن تصبح المحاكمة غير متوازنة جزئيا بسبب الصعوبة في العثور على شهود يستطيعون التحدث دفاعا عنه.
وكانت المحاكمة قد بدأت بطلب عاجل من محامي الدفاع بإلغاء القضية قائلين إنها لن تُعامل بعدالة نظرا إلى "عدم تساوي ميزان القوى" بين الدفاع والادعاء وإنهم لا يملكون الوسائل الكافية للدفاع عن موكلهم ولم يسبق لهم أن زاروا رواندا للتحقق من أدلة الادعاء.
وتأخرت فرنسا التي كانت تعد لفترة طويلة ملاذا آمنا لقادة عملية الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا في العام 1994 كثيرا عن جيرانها مثل بلجيكا وسويسرا وألمانيا التي قدمت للعدالة المشتبه بهم الذين يعيشون على أراضيها.
وأنشأت فرنسا وحدة خاصة للتحقيق في جرائم الإبادة قبل عامين فحصت نحو عشرين شكوى قانونية ضد الجناة المشتبه بهم. وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد فرضت غرامة على فرنسا لتلكؤها في تحريك الدعاوى القضائية المقامة أمام محاكمها منذ العام 1995.
ويواجه سيمبيكانغوا المصاب بشلل نصفي منذ العام 1986 تهمة الاشتراك في ارتكاب جرائم إبادة وجرائم أخرى ضد الإنسانية قد يعاقب عليها بالسجن مدى الحياة يقضي منها 22 عاما على الأقل وراء القضبان، ولم يُتهم بتنفيذ أعمال قتل بنفسه.
وكانت موجة أعمال القتل التي استمرت ثلاثة أشهر في العام 1994 على أيدي الهوتو قد استهدفت قبائل التوتسي، لكن موجة العنف طالت أيضا الهوتو المعتدلين بعد اغتيال الرئيس جوفينال هابياريمانا بإسقاط طائرته.
وبعد المذبحة اتهم الرئيس الرواندي الحالي بول كاغامي فرنسا بتدريب وتسليح مليشيات الهوتو، وهي تهمة تنكرها باريس دوما وتسببت في حدوث جمود دبلوماسي بين البلدين.
وتمثل محاكمة سيمبيكانغوا خطوة كبيرة في تعزيز التقارب الهش بين البلدين. ويقول دبلوماسيون فرنسيون في تصريحات خاصة إن تبرئة ساحته ستمثل انتكاسة لعملية التقارب.
ويأمل الرئيس فرانسوا هولاند في تعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع رواندا التي تعد حيوية في الحفاظ على الاستقرار في منطقة وسط وشرق أفريقيا.