الفرنسيون يصوتون لاختيار رئيسهم

فتحت مراكز الاقتراع أبوابها اليوم أمام 46 مليون فرنسي للإدلاء بأصواتهم في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي يتصدر فيها المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند استطلاعات الرأي أمام منافسه الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي. وبعد أن انتهت الحملات الانتخابية أمس، بدأت عمليات التصويت للفرنسيين المقيمين في مقاطعات ما وراء البحار والقارة الأميركية.

وقال مراسل الجزيرة في باريس أيمن الزبير إن الإقبال على صناديق الاقتراع كان في اللحظات الأولى لبدء العملية الانتخابية محدودا للغاية، وإن كل التوقعات ترى أن الساعات القادمة ستشهد إقبالا كثيفا.

ومن المقرر أن تغلق صناديق الاقتراع عند الساعة السادسة مساء (الرابعة بعد الظهر بتوقيت غرينتش) أو بعدها بساعتين في المدن الكبرى، وقد فتحت الصناديق في تمام الساعة الثامنة صباجا (السادسة بتوقيت غرينتش).

ومع انتهاء الحملة الانتخابية منذ منتصف مساء الجمعة بدأت فترة الصمت الانتخابي، حيث تمنع الدعاية ويحظر على المرشحين الإدلاء بتصريحات، وتستمر هذه الفترة حتى الأحد الثامنة مساءً (السادسة مساء بتوقيت غرينتش) موعد إغلاق مكاتب الاقتراع. ويمضي المرشحان السبت مع الأقارب دون ممارسة عمل دعائي.

وفي اجتماعاتهما الأخيرة دعا المرشحان إلى التعبئة، حيث أكد هولاند أن الفوز ليس تحصيل حاصل، في حين أكد ساركوزي أنه يمكن تفادي الهزيمة.

هولاند متقدم في الاستطلاعات ولكنه حث أنصاره على مزيد من الاحتراس (الفرنسية)
هولاند متقدم في الاستطلاعات ولكنه حث أنصاره على مزيد من الاحتراس (الفرنسية)
مصالحة واستفاقة
وقال هولاند في اجتماع في بيريغي جنوبي غربي البلاد "لا ترتكبوا هذا الخطأ الذي يمكن أن يكون قاتلا بأن تعتقدوا بأن الأمور قد حسمت مسبقا"، مضيفا "يتعين علي أن أقول لكم لست متأكدا من أي شيء" بهذا الصدد. غير أنه دعا في سياق الفوز المحتمل الفرنسيين جميعا إلى "المصالحة" و"الاتحاد".

أما الرئيس المنتهية ولايته فقد حث أنصاره على "استفاقة وطنية"، مشيرا في كلمة ألقاها في سابل دولون غربي فرنسا إلى أن "كل صوت سيكون له وزنه يوم الأحد"، وأضاف "لا يمكنكم تخيل كيف أن الأمور ستحسمها أشياء بسيطة".

 
وأضاف "القضية ليست (الاختيار) بين نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند، القضية هي أي مستقبل لبلادنا، وأي خيار بالنسبة لأطفالنا".

ووجه ساركوزي نداء ختاميا مؤثرا للناخبين الفرنسيين الجمعة قائلا إن نتيجة الانتخابات على "حد شفرة". وحذر من أن فوز اشتراكي قد يؤدي إلى دخول ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو إلى دوامة من ارتفاع عجز الميزانية والديون مثل اليونان.

وأظهر استطلاع للرأي قبل فترة الصمت الانتخابي أن ساركوزي ضيق الفارق بينه وبين هولاند إلى أربع نقاط مئوية فقط من عشر قبل عدة أسابيع. ويتعين على ساركوزي -الذي أصبح أول رئيس في العصر الحديث يحل في المركز الثاني بالجولة الأولى لانتخابات رئاسية- أن يتغلب على تراجع شعبيته بسبب أسلوبه "الفظ".

يذكر أنه في نتائج الدور الأول يوم 22 أبريل/نيسان الماضي حل هولاند في الطليعة (28.63% من الأصوات) أمام ساركوزي (27.18%). ويخوض هولاند الدور الثاني بوصفه المرشح الأوفر حظا لإعادة الحزب الاشتراكي إلى قصر الرئاسة الذي غاب عنه منذ 17 عاما. وتشير استطلاعات الرأي منذ أشهر إلى أنه الأقرب للفوز.

ووفق آخر استطلاع للرأي نشر مساء الجمعة فإن نوايا التصويت أصبحت 52% للمرشح الاشتراكي هولاند مقابل 48% للمرشح اليميني ساركوزي، أي أن الفارق تقلص إلى أدنى مستوى له منذ بداية الحملة الانتخابية.

 

زعيمة اليمين المتطرف قالت إنها لن تصوت لأي من المتنافسيْن على منصب الرئاسة (غيتي إيميجز-الفرنسية)
زعيمة اليمين المتطرف قالت إنها لن تصوت لأي من المتنافسيْن على منصب الرئاسة (غيتي إيميجز-الفرنسية)

احتمالات الفوز
وإذا فاز ساركوزي فسيحدث ذلك ضجة سياسية بعد حملة صاخبة لرجل ينحي كثير من الناخبين عليه باللائمة في ارتفاع نسبة البطالة التي تبلغ حاليا 10%، وهو أعلى مستوى لها في 12 عاما، وفي الركود الذي يعاني منه اقتصاد فرنسا.

وفيما يمثل انتكاسة لساركوزي، رفضت مرشحة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة مارين لوبان -التي فازت بنسبة 17.9% في الجولة الأولى للانتخابات- التصويت لصالح ساركوزي، وقالت إنها ستبطل صوتها، أي ستصوت بورقة بيضاء.

ويمكن لهولاند أن يعول على دعم أقصى اليسار وأنصار البيئة (14.5% من الأصوات) الذين دعا قادتهم إلى التصويت له. ولم يدع أي من مرشحي الدور الأول للتصويت لفائدة ساركوزي.

وستشكل درجة تعبئة الذين لم يصوتوا في الدور الأول (20.53%) وأصوات ناخبي اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان (17.9%) وأنصار الوسطي فرانسوا بايرو (9.1%) مفاتيح الاقتراع. وشهدت فترة ما بين الدورين سباقا للفوز بأصوات أنصار الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) مما دفع ساركوزي إلى تشديد خطابه حول الهجرة والأمن.

وكتبت صحيفة ليبراسيون اليسارية في صفحتها الرئيسية "كل شيء ممكن يوم الأحد"، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي يظل فيه هولاند الأوفر حظا بالفوز فإن ساركوزي يلحق به سريعا.

أما صحيفة لو فيغارو اليمينية فقارنت بين تقليص ساركوزي المستمر لعجز الميزانية الفرنسية في السنوات الأخيرة وما قالت إنها خطط هولاند لزيادة الضرائب والإنفاق. وقالت في افتتاحيتها "انتخاب رئيس الجمهورية ليس مسابقة جمال لإيجاد ألطف المرشحين، أنتم تختارون رئيسا لقدرته على الإمساك بزمام السلطة وليس لمرحه".

ويتوقع أن تنشر أولى تقديرات نتائج الانتخابات الأحد عند الساعة 18:00 تغ. وقد تنشر قبل ذلك من قبل وسائل إعلام أجنبية كما حدث في الدور الأول.

المصدر : وكالات