ساركوزي يقر قانون الإبادة بأسبوعين

tv grab taken from French TV channel TF1 shows French President Nicolas Sarkozy addressing his New Year's wishes to the nation on December 31, 2011 at the Elysee presidential Palace in Paris. AFP PHOTO

قال مكتب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إن مشروع قانون تجريم إنكار إبادة الأرمن، على يد الأتراك في العهد العثماني قبل ما يقرب من قرن سيصبح قانونا نافذا خلال أسبوعين، بعد أن وافق عليه أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي الاثنين الماضي.

وقال مصدر في مكتب الرئاسة الفرنسية أمس الثلاثاء "سيضع رئيس الجمهورية القانون موضع التنفيذ في الإطار الزمني الاعتيادي وهو أسبوعان"، ويتعين على ساركوزي التصديق على مشروع القانون حتى يصبح ساري المفعول.

ويقضي القانون بمعاقبة من ينكر وقوع عمليات إبادة الأرمن التي اعترفت بها فرنسا بالسجن مدة عام وغرامة قدرها 45 ألف يورو (57 ألف دولار).

ويقول الأرمن إن أكثر من مليون أرمني قتل على يد الجيش العثماني، لكن تركيا تنفي ذلك، وتنكر بشدة أن قتل الأرمن كان إبادة جماعية، قائلة إنه لم تكن ثمة سياسة ممنهجة لتدمير الجالية المسيحية الأرمينية وإن كثيرا من المسلمين الأتراك لقوا حتفهم أيضا في أعمال العنف.

غضب تركي
في المقابل، شن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان هجوما على الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووصفه بأنه "عنصري".

وقال أردوغان في كلمة أمام البرلمان أمس الثلاثاء إن ساركوزي مهما كان "عدوا لتركيا وعنصريا" فإنه لا يستطيع الهروب من حقيقة أن جده من الأصول اليهودية طرد من إسبانيا وعاش تحت مظلة الدولة العثمانية، واعتبر أن القانون يدفع إلى عودة نمط تفكير العصور الوسطى.

ووصف أردوغان  القانون بأنه "عنصرية علنية وإعدام لحرية التفكير ومحاولة للملمة الأصوات المعادية لتركيا"، وأكد أن "التاريخ لا يحاكم ولا يكتب في البرلمانات"، وأشار إلى أن "تركيا دولة كبيرة ولن نسمح لدول صغرى بأن تكبر من خلال مخاصمتنا".

أردوغان وصف ساركوزي بأنه عنصري وعدو لتركيا (الجزيرة)
أردوغان وصف ساركوزي بأنه عنصري وعدو لتركيا (الجزيرة)

وبينما عبر عن أمله في تراجع فرنسا عن "خطئها"، اعتبر أردوغان أن القضية تتجاوز العلاقات التركية الفرنسية، وذلك لأن الصمت على القانون هو صمت على "الفاشية المتنامية في أوروبا".

وأوضح رئيس الوزراء التركي أن بلاده ستتعامل مع الموقف وفقا للتطورات القادمة، مؤكدا وجود خطة سيعلن عنها قريبا للشعب التركي.

وكانت وزارة الخارجية التركية قد أكدت أن أنقرة ستتخذ "كل خطوة لازمة" لمواجهة قرار البرلمان الفرنسي، ووصفت الوزارة تصويت مجلس الشيوخ بالمصادقة على القانون بأنه "طائش".

وتوقع سفير تركيا في فرنسا تحسين بورجو أوغلو أن يتسبب القانون في إفساد العلاقات بين البلدين، وأشار إلى إمكان تخفيض أنقرة لوجودها الدبلوماسي في باريس إلى مستوى القائم بالأعمال.

وردا على سؤال عن عودته إلى تركيا بعد الإعلان عن نتيجة التصويت، قال السفير للصحفيين "سأفعل على الأرجح ستكون دبلوماسية على مستوى القائمين بالأعمال لا السفارات".

ومستوى القائم بالأعمال هو أدنى مستويات التمثيل الدبلوماسي المعترف بها بموجب معاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية.

دعوة للهدوء
من جهته، وصف وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه توقيت إصدار القانون بأنه "غير مناسب"، ودعا الأصدقاء الأتراك إلى "الهدوء"، وأشار إلى أنه "يمد يده إلى هذا البلد الكبير، وهذه القوة الاقتصادية والسياسية الكبرى".

واعتبر جوبيه في حديث لشبكة كانال بلوس التلفزيونية الفرنسية أن بلاده بحاجة إلى إقامة علاقات جيدة مع تركيا، وعبر عن أمله بألا تطغى "الانفعالات" على هذه الحقيقة، وأوضح أنه بعد تخطي هذه "المواقف المبالغ فيها بعض الشيء"، ستستعاد العلاقات البناءة مع أنقرة.

وقال جوبيه، الذي كان من المعترضين على مشروع القانون، إن هناك شركات فرنسية عدة في تركيا وللبلدين علاقات تجارية واقتصادية "في غاية الأهمية"، وأضاف "نحن بحاجة إلى تركيا وتركيا بحاجة إلينا، ولهذا أعتقد أن الواقعية ستغلب العاطفة".

وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد أكد في رسالة إلى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في 18 يناير/كانون الثاني الجاري نشر مضمونها أمس الثلاثاء إن القانون لا يستهدف دولة بعينها، وحث أنقرة على أن تأخذ في الحسبان "المصالح المشتركة" مع فرنسا.

ترحيب أرميني
في السياق، رحبت أرمينيا بتبني القانون، ونقلت وسائل الإعلام المحلية عن وزير الخارجية الأرميني إدوارد نالبانديان قوله إن قبول القانون سيسجل "بأحرف من ذهب ليس فقط في كتب التاريخ الخاصة بالصداقة الأرمينية الفرنسية ولكن أيضا في السجلات العالمية لحماية حقوق الإنسان".

وقال متحدث باسم البرلمان في العاصمة الأرمينية يريفان إنه يأمل "أن تحذو العديد من الدول حذو فرنسا".

المصدر : الجزيرة + وكالات