نشأة فكرة الدستور

 
تنوعت السياقات التي نشأت ضمنها الدساتير بتنوع طبيعة أنظمة الحكم. ولكون الدساتير كذلك ترتبط بطبيعة الأوضاع الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحيطة بها.

ومثال ذلك الثورات التي شهدتها الدول الأوروبية، وحركات التحررعن السلطة. بالإضافة إلى ظهور الأفكار القومية، وانحسار الاستعمار الذي كان من الأسباب والدوافع الرئيسة في دسترة العديد من أنظمة الحكم.

ظهور الدساتير
تنسب البداية الأولى لظهور فكرة الدستور إلى القرن الثالث عشر، وبالتحديد سنة 1215 عندما منح الملك جون ستير الملقب بجون لاكلاند الميثاق الأعظم المعرف بماغنا كارتا (MAGNA CARTA) للنبلاء الإنجليز الثائرين عليه.

في حين ينسب ظهور المعالم الأولى لفكرة الدستور في الولايات المتحدة الأميركية في القرن السابع عشر عندما وضع الجناح المؤيد للقائد العسكري البريطاني أوليفر كرومويل في المجلس العسكري دستورا لتنظيم السلطة في أميركا.

وقد ظهرت أول الدساتير المكتوبة في المستعمرات البريطانية بأميركا الشمالية بعد الانفصال عن إنجلترا، كدستور ولاية فرجينيا سنة 1776، وعدد من الدساتير الأميركية المحلية، ليصدر بعدها الدستور الاتحادي للولايات المتحدة الأميركية سنة 1787.

"
في البلدان العربية جاءت فكرة إنشاء الدساتير وكتابتها متأخرة عن الغرب، وارتبطت معظمها بظروف الاستعمار أو بمرحلة ما بعد الاستقلال، باستثناء بعض التجارب، وكانت تونس من أوائل الدول العربية التي كتبت دستورا سنة 1861، وكذلك مصر سنة 1923.

 

ثم تلتها فرنسا بعد المصادقة على إعلان حقوق الإنسان من طرف الجمعية الوطنية سنة 1789، أصدرت أول دستور مكتوب سنة 1791.

وقد ارتبطت فكرة إنشاء الدساتير في تلك المرحلة بسياق التطور الذي شهده الواقع وبروز الدعوات المنادية بالديمقراطية وسيادة الشعوب، وتطوير الفلاسفة الفرنسيين لفكرة العقد الاجتماعي. لتبدأ فكرة إنشاء الدساتير المكتوبة في الانتقال إلى دول أخرى.

فصدر عدد من الدساتير، في السويد سنة 1809، ثم النرويج وبلجيكا سنة 1831، وإيران سنة 1905 بعد المطالبة به من طرف النخبة السياسية والثقافية، وروسيا سنة 1918، والنمسا سنة 1920، وفي تركيا التي سبق الإعلان عن دستورها سنة 1924 الدستور السابق المعمول به أيام السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1908.

أما في البلدان العربية فقد جاءت فكرة إنشاء الدساتير وكتابتها متأخرة عن الغرب، وارتبطت معظمها بظروف الاستعمار أو بمرحلة ما بعد الاستقلال، باستثناء بعض التجارب، وكانت تونس من أوائل الدول العربية التي كتبت دستورا سنة 1861، وكذلك مصر سنة 1923.

وهناك أساليب مختلفة لإنشاء الدساتير من بينها:


أسلوب المنحة يصدر الدستور في شكل منحة إذا تنازلت المؤسسة الحاكمة بإرادة منفردة عن بعض سلطاتها لإنشاء دستور للدولة. وهناك عدد من البلدان عرف دساتير بطريق المنحة، كالدستور الفرنسي سنة 1814 الذي أصدره لويس الثامن عشر للفرنسيين، والدستور الإيطالي لسنة 1848 والدستور الياباني لسنة 1889، ودستور روسيا لسنة 1906.

التعاقد
وينشأ بناء على اتفاق بين الحاكم من جهة والشعب من جهة أخرى. بحيث تنتفي صفة التفرد بوضع الدستور. وفي هذه الحالة يصعب على أطراف التعاقد الانفراد بإلغاء الدستور أو تعديله من طرف واحد.

الجمعية التأسيسية
يصدر الدستور وفقا لأسلوب الجمعية التأسيسية عن طريق مجلس أو جمعية منتخبة، توكل إليها مهام وضع دستور للبلاد. وقد اتبع هذا الأسلوب في وضع دساتير ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية. واتبع من قبل ذلك أثناء وضع الدستور الأميركي الاتحادي سنة 1787، وكذلك دستور فرنسا لسنة 1791.

الاستفتاء الشعبي
في هذه الحالة يكون الشعب هو مصدر الدستور، حيث يوكل الأمر إلى جمعية منتخبة أو لجنة تضع مشروع الدستور، ثم يجرى عليه بعد ذلك استفتاء دستوري لأخذ رأي الشعب فيه.

المصدر : الجزيرة