رنيم ووسام.. لا بد من أوروبا

عائلات سورية وصلت مدينة إزمير التركية في طريقا نحو اليونان
فتيات سوريات وصلن إلى إزمير في طريقهن إلى اليونان (الجزيرة نت)

كمال شيخو-إزمير

تبلغ رنيم من العمر 25 عاماً، وأنهت دراستها الجامعية وتخرجت طبيبة أسنان، وكان حلمها أن تكمل دراستها لتتخصص في الطب الوقائي والصحة العامة للأسنان، لكن الحلم تلاشى مع اشتداد المعارك في مدينتها حلب (شمال سوريا) بين القوات الحكومية مدعومة بالمليشيات الموالية لها، وتشكيلات المعارضة المسلحة.

وكريم شقيق رنيم الذي يصغرها بثلاث سنوات، كان يدرس الهندسة المدنية بجامعة حلب، اتخذ بدوره قرار الهجرة أملاً في مستقبل أفضل، أما سليم الأخ الأصغر فقد نال شهادة الثانوية العامة بفرعها العلمي، هو الآخر قرر السفر معهما لأن لديه رغبة في دراسة الطب العام.

الأغلبية
يلاحظ المراقب عند التجول في شوارع مدينة إزمير (غرب تركيا) أن أغلب المهاجرين من السوريين والجنسيات الأخرى من جيل الشباب، وهؤلاء قرروا السفر واللجوء إلى إحدى الدول الأوروبية، بعد أن أوقفت آلة الحرب الدائرة في بلادهم عجلة حياتهم ودراستهم وهواياتهم.

شباب سوريون في انتظار فرصة لركوب القوارب بإزمير (الجزيرة)
شباب سوريون في انتظار فرصة لركوب القوارب بإزمير (الجزيرة)

في حديثها للجزيرة نت، شرحت رنيم أن حياتها في سوريا كانت قد توقفت؛ اشتباكات في كل مكان، ومعظم الطرق مغلقة أو ممنوعة، والتنقل بين شطري حلب وريفها مستحيل. ووصفت حالة مدينتها "بالمعسكر المغلق"، وأردفت "ما تتناقله الصحف والمحطات الإخبارية عن الحرب المشتعلة في حلب لا يعكس حقيقة الواقع"، وتضيف "قررنا الهجرة لأننا نحلم بغدٍ أفضل"، ولم تخف أن لديها رغبة في العودة إلى وطنها يوما ما، قائلة "راح يأتي يوم وأرجع، لا أستطيع العيش بعيدا عن سوريا".

في المقابل، فإن وسام -ابن عم رنيم- البالغ من العمر ثلاثين سنة، قد أنهى دراسته الجامعية وتخرج مهندس حاسوب قبل بدء الحراك المناهض لنظام الحكم في سوريا، إلا أنه لم يزاول عملاً، كما أنه لم يحصل على وظيفة في مجال تخصصه بسبب الحرب، مما دفعه إلى السفر. وفي الرحلة ذاتها يرافقه أخوه وسيم الذي يصغره بعشر سنوات، وهو أيضاً توقف عن الدراسة بعد أن سجل في جامعة البعث بمدينة حمص، وكان سيدرس في كلية المكتبات والمعلومات، ولكن المعارك القتالية حالت دون إكمال دراسته الجامعية.

الفشل 
وسام قال الجزيرة نت إنه لا يخشى الموت، لكنه يخشى الفشل، وأضاف "قطعنا مسافة طويلة وهذه محاولتنا الثالثة"، وعند سؤاله عن موقف أهله أكد أنه "لولا رضاهم لما كنا سافرنا وغامرنا بحياتنا، لقد تحمسوا للفكرة وقدموا لنا المساعدة اللازمة"، ولم تخف رنيم أن والديها طلبا منها في حال فشلوا العودة إلى حلب.

وعن أسباب هجرة هؤلاء الشباب، أشار بسام الأحمد المتحدث الرسمي لمركز توثيق الانتهاكات في سوريا (vdc) إلى أن "العنف والقتل اليومي والقصف العشوائي على المناطق المدنية أجبر هؤلاء على الهجرة"، ونوه إلى أنه في ظل استمرار النزاع المسلّح، سيندفع المزيد من المدنيين للسفر إلى الدول الأوروبية طلباً للجوء، بحسب الأحمد.

وذكرت رنيم وابن عمها وسام أنها المرة الثالثة التي يجازفون بحياتهم؛ ففي الأولى انقلب المركب، ولحسن الحظ كانوا بالقرب من الشواطئ التركية، أما في المرة الثانية فقد وصلوا إلى المياه الإقليمية ولكن خفر السواحل اليونانية أجبرهم على العودة.

والآن، حزموا أمرهم للسفر مجدداً، وكانوا يجلسون في ساحة بصمنة المطلة على شواطئ البحر، ينتظرون اتصالاً هاتفياً من المهرب، ربما يأتيهم في أي لحظة ليحدد لهم مكان اللقاء وانطلاق الرحلة إلى جزيرة كويس اليونانية.

المصدر : الجزيرة