ورقة بحثية: الدولة المصرية تُضيّق على المجتمع المدني

ميدان - الشرطة المصرية
انتهاكات الحقوق وملاحقة المعارضين باتت أمرا شائعا في مصر (ناشطون)

عبد الله حامد-القاهرة

الدولة المصرية تسعى للسيطرة على المجتمع المدني من خلال تشريعات قانونية وإجراءات أمنية تُضيّق مساحات عمل منظمات المجتمع المدني -لا سيَّما الحقوقية منها- في حين تواصل المنظمات عملها مُستخدِمة إستراتيجيات مغايرة للمقاومة.

هذا ما خلص إليه مدير منتدى البدائل العربي محمد العجاتي -في ورقة بحثية تناولت العلاقة بين أجهزة السلطة والمنظمات الحقوقية في مصر- مؤكدا أن حل هذا الصراع لا يقتصر على نصوص قانونية ترسّخ عمل الحركة الحقوقية فحسب بل بالأساس في فتح المجال السياسي ذاته.

واعتبر الباحث أن الخطر الحقيقي يكمن في استمرار وضع راهن يحول دون بناء دولة ديمقراطية حديثة، مؤكدا ضرورة قيام المنظمات الحقوقية المصرية بتوسيع شبكاتها وبناء تحالفات سياسية واجتماعية أوسع تمكّنها من التأثير على عملية اتخاذ القرار بمؤسسات الدولة، وتمثيل أصحاب الحقوق.

وألمح العجاتي إلى نظرة الدولة للمنظمات المدنية باعتبارها عاملا مساعدا تقوم بوظائف محددة مسبقا، في إطار هندسة فوقية للمجتمع تقوم بها الدولة تركز على حصر المنظمات بين خياري إما أن تترك الدولة للمجتمع المدني مساحات تنسحب منها، وإما توظفه لخدمة أجندة تنموية أو حتى سياسية بعينها.

وفسر اصطدام النظم الحاكمة المتتالية بمنظمات المجتمع المدني -سواء تلك التي تقدم خدمات اجتماعية أو مشروعات تنموية، أو تلك المعنية بحقوق الإنسان- بإصرار هذه المنظمات على استقلاليتها مشكلةً بذلك تهديدا لأنظمة تسعى للحفاظ على التنظيم المجتمعي الطيِّع.

‪العجاتي: الحل لا يكون باستصدار نصوص قانونية فقط وإنما فتح المجال السياسي‬ العجاتي: الحل لا يكون باستصدار نصوص قانونية فقط وإنما فتح المجال السياسي (الصورة من صفحته الشخصية)
‪العجاتي: الحل لا يكون باستصدار نصوص قانونية فقط وإنما فتح المجال السياسي‬ العجاتي: الحل لا يكون باستصدار نصوص قانونية فقط وإنما فتح المجال السياسي (الصورة من صفحته الشخصية)

 مكمن الخطر
ووفق الورقة البحثية، فإن الخطر على مصر ودول مماثلة أخرى لا يكمن عمليا فيما تطرحه نظم الحكم حول مؤامرات خارجية وتهديدات عسكرية، بل في استمرار الوضع الراهن الذي لا يمكن بناء دولة ديمقراطية حديثة في ظله.

ولا يكمن حل هذه المعضلة -برأي العجاتي- في استصدار نصوص قانونية ترسخ عمل الحركة الحقوقية وحسب، بل أساسا في فتح المجال السياسي ذاته، وبدون ذلك لن تتمكن التنظيمات المجتمعية من العمل بحرية وكفاءة لاستنهاض الحراك اللازم لإعادة صياغة بنية تعبر داخل الدولة عن المكونات المجتمعية المختلفة من أسفل لأعلى.

في الوقت نفسه، دعت الورقة البحثية المنظمات الحقوقية لبناء شبكة أوسع بينها وبين منظمات المجتمع المدني الأخرى، تأخذ على عاتقها مواجهة القمع من جانب، وبناء تحالفات سياسية واجتماعية تمكنها من التأثير على عملية اتخاذ القرار في مؤسسات الدولة من جانب آخر. علما بأن الأهم هو أن تكسب على الأرض ثقلا وازنا من خلال تمثيلها لفئات اجتماعية واضحة وتبنّيها لقضاياها.

‪غنيم دافع عن قضايا المختفين قسريا فألحقته السلطات بهم‬ غنيم دافع عن قضايا المختفين قسريا فألحقته السلطات بهم (الجزيرة)
‪غنيم دافع عن قضايا المختفين قسريا فألحقته السلطات بهم‬ غنيم دافع عن قضايا المختفين قسريا فألحقته السلطات بهم (الجزيرة)

يُذكر أن السلطات ألقت القبض مؤخرا على عدد من الحقوقيين المناهضين للقمع، فالمحامي عزت غنيم اختطف قبل يومين من أمام منزله بالقاهرة، بعدما اشتهر بالدفاع عن قضية الاختفاء القسري، ونشط كمدير للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات في محاولة اقتفاء آثار المختفين للتوصل لأماكن احتجازهم.

وللمفارقة، فقد لحق غنيم بمن كان يقتفي آثارهم من المختفين، ولا يزال مكان احتجازه مجهولا حتى الآن.

كما اعتقلت السلطات الحقوقي محمد صادق الذي أقام دعوى قضائية لغلق سجن العقرب سيئ السمعة، وكانت المفارقة أيضاَ في حبسه بالسجن الذي طالب بغلقه.

وسارعت السلطات لإغلاق مركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب، دون انتظار حكم المحكمة في الطعن الذي أقامه محامو المركز ضد قرار غلقه.

المصدر : الجزيرة