الانقسامات تهدد مجلس الصحفيين بمصر

سلم نقابة الصحفيين يمثل صداعا في رأس النظام حيث انطلقت منه شرارة الاحتجاجات المتعاقبة، ويأمل في السيطرة عليه عبر مجلس موال.
الصحفيون نظموا وقفة احتجاجية على سلم النقابة لما له من رمزية كمنبر للحريات (الجزيرة)

عبد الله حامد-القاهرة

لم تكد تمر أيام على تسلم نقيب الصحفيين المصريين الجديد عبد المحسن سلامة مهامه، حتى واجه مجلسه مأزقين خطيرين، أولهما تمثل بانسحاب خمسة أعضائه، وثانيهما الحكم بحبس النقيب السابق يحيى قلاش وعضو بالمجلس الحالي.

وفاز سلامة وثلاثة من قائمته الانتخابية المدعومة حكوميا من بين ستة أعضاء دخلوا المجلس في الانتخابات التي جرت في الـ17 من الشهر الحالي، للتجديد النصفي لمجلس نقابة الصحفيين الذي يضم 12 عضوا.

وأثناء الاجتماع الأول انسحب خمسة أعضاء من المجلس بسبب -ما وصفوه- إصرار النقيب على توزيع اللجان المهمة على الأعضاء المقربين منه.

وفي الأثناء حكمت محكمة مصرية أمس على النقيب السابق يحيى قلاش وعضو بالمجلس الحالي وآخر بالمجلس السابق بالحبس سنة مع وقف التنفيذ، بسبب اتهامهم بإيواء صحفيين مطلوبين للعدالة في مقر النقابة.

اشتباكات بين الصحفيين وموظفي الفرز هددت سلامة انتخابات النقابة (الجزيرة)
اشتباكات بين الصحفيين وموظفي الفرز هددت سلامة انتخابات النقابة (الجزيرة)

حكم مسيس
وعقب الحكم على النقيب السابق وزميليه، قال سلامة في تصريحات صحفية إن المجلس سيدرس كيفية مساندة الصحفيين الثلاثة قانونيا، بينما رفض عضو المجلس المحسوب على جبهة النقيب الحكومية أيمن عبد المجيد التعليق بدعوى أنه لا تعقيب على أحكام القضاء.

من جهته، قال محامي النقابة سيد أبو زيد -في تصريحات صحفية- إن وقف تنفيذ العقوبة ثلاث سنوات رهن بعدم قيام المتهمين بأي إخلال بالقانون خلالها.

ونظم صحفيون وقفة على سلم النقابة عقب الحكم للتنديد بموقف السلطة من الصحافة ومطالبة النقيب ومجلسه بالاضطلاع بدورهم تجاه الحريات. وشارك في الوقفة عضوا المجلس محمود كامل وعمرو بدر الذي أكد أن الوقفة تهدف للتأكيد على رمزية سلم النقابة كمنبر للحريات في ظل محاولات تأميمه.

وعدّ الباحث بالمرصد العربي لحرية الإعلام أحمد أبو زيد الحكم الأخير مسيسا، وسيفا مسلطا لتقليص دور نقابة الصحفيين في التأثير بالمجال العام، بعد أن كانت إحدى منابر التغيير السياسي، "فضلا عن استهدافه كذلك لإعادة صياغة العلاقة بين السلطة والصحافة في صورة التابع والمتبوع، وتمكين النظرية الإعلامية الناصرية التي تعتبر الصحافة أداة للعلاقات العامة للنظام".

ورأى أبو زيد -في حديثه للجزيرة نت- ارتباطا وثيقا بين الحكم الأخير وبين مساعي التيار الحكومي في النقابة للهيمنة على تشكيل هيئة المكتب بعد أن باتت أغلبية في المجلس، "مما يقود لسيناريوهات الانقسام بين الأعضاء، وإدارة الحالة النقابية لصالح تيار واحد".

شهدت عمليات الفرز مشادات وكشفت عن انقسامات تحققت في أول اجتماع للمجلس الجديد (الجزيرة)
شهدت عمليات الفرز مشادات وكشفت عن انقسامات تحققت في أول اجتماع للمجلس الجديد (الجزيرة)

توزيع اللجان
وعلى صعيد توزيع لجان النقابة، فإن النقيب الجديد باغت الأعضاء بإسناد رئاسة لجنة الحريات بالنقابة لعضو مقرب منه ليس له سابقة اهتمام بالعمل الحقوقي، وحرم منها عمرو بدر الذي سبق أن سُجن بتهمة التحريض على التظاهر عقب اقتحام نقابة الصحفيين في مايو/أيار الماضي.

كما حرم النقيب الجديد العضو المحسوب على الإسلاميين محمد خراجة -وهو متخصص في الشأن الاقتصادي- من تولي أمانة الصندوق، واستبعد كذلك العضو المحكوم عليه بالحبس عاما مع وقف التنفيذ جمال عبد الرحيم من موقع السكرتير العام.

ودفعت هذه الإجراءات خمسة أعضاء لمغادرة الاجتماع الذي انعقد الخميس الماضي بمقر النقابة، وأعلنوا في مؤتمر صحفي رفضهم للإجراءات المخالفة للوائح النقابة التي تقضي بعقد اجتماع تشاوري لاختيار رؤساء اللجان، فإذا لم يفلح التوافق يكون التصويت في جلسة يُعلن موعدها قبلها بيومين، وفق نص اللائحة وهو ما لم يحدث، حيث فوجئوا باجتماع للاختيار والتصويت.

واعتبر الكاتب الصحفي فتحي مجدي غياب التوافق عن أول اجتماع لمجلس نقابة الصحفيين بتشكيله الجديد "أمرا لا يبشر بخير"، خاصة أن الأعضاء الآخرين -ومعهم النقيب- أكملوا اجتماعهم حتى النهاية، وقرروا توزيع اللجان فيما بينهم.

وقال للجزيرة إن هذا يعني أن الانقسام بدأ بين أعضاء المجلس حتى قبل أن يبدأ أعماله رسميا، معربا عن اعتقاده أن محاولة تهميش الأعضاء غير المتحالفين مع النقيب الجديد خطأ، ومخالف لما استقرت عليه أعراف النقابة، حيث كان المجلس يتشكل من أعضاء تيارات مختلفة.

المصدر : الجزيرة