هل باتت مصر "متجرا لقطع الغيار البشرية"؟

على رصيف الانتظار، يجلس أفارقة بحثاً عن فرصة هجرة للشمال أو عمل في مصر، لكن الليل يحمل لهم مصيراً مختلفاً.
أفارقة يحاولون الهروب شمالا عبر مصر ربما صاروا صيدا سهلا لتجار الأعضاء البشرية (الجزيرة)

          عبد الله حامد-القاهرة

وصل مايكل بوربيل مصر مؤخرا بعد موت عائلته كلها جراء الاشتباكات في جنوب السودان ليلحق بصديقه لوكورو الذي وعد أهله بمهاتفتهم من إسرائيل بمجرد الوصول لكنه فشل في الهروب ولم يجد عملا بمصر ونفد ماله، فساومه سمسار أعضاء بشرية على شراء كليته.

يحكي مايكل للجزيرة نت أن بعض رفاقه يجدون بيع أعضائهم "فرصة لتوفير مال يبقيهم أحياء لفترة، فالموت الذي يطاردهم قتلا في بلادهم لا يزال يطاردهم جوعا ههنا".

تجارة مربحة
الطبيبة "ع" أكدت للجزيرة نت انتشار تجارة الأعضاء بالفعل بتلاقي رغبة البائعين الفقراء والمشترين الأثرياء، وتقول إن الأطباء غير متورطين فيها، والجراح -حسب قولها- "يكتفي بالحصول على أجر عملية النقل".

"ع" التي زارت سيناء قبل سنوات ضمن قافلة طبية تنقل عن أحد البدو شهادات لتفاصيل أكثر إجرامية "فقد كانت هناك شبكة ضخمة لها علاقات بإسرائيليين تقوم بقتل من لا يملك بقية نفقات الهجرة لإسرائيل والحصول على الأجرة من أعضائه، والاحتفاظ بها في بنك للأعضاء تعرفه جيدا وحدات الكلى بمصر".

عمليات تهريب الأفارقة لإسرائيل عبر سيناء كانت تتم بفناطيس (عربات نقل المياه أو البترول) يتم وضعهم داخلها بالعشرات لعبور نفق الشهيد أحمد حمدي، غير أن اضطراب الأوضاع الأمنية في سيناء جعل من التهريب مخاطرة".

ولكن ما الذي يدفع سماسرة ومراكز طبية للجوء إلى الأفارقة الفقراء تحديدا لشراء أعضائهم؟

يجيب "أ" -وهو موظف سابق في أحد المراكز الطبية الشهيرة بنقل الأعضاء في الجيزة- بأن "كثيرا من المصريين الفقراء يتعففون عن التبرع بدافع من تحريم ديني، أو خوفا على حياتهم، أو بردع أهلي وأسري".

ويقول للجزيرة نت إن "سعر الكلية -وهي الأكثر طلبا في سوق الأعضاء- وصل مئة ألف جنيه (19 ألف دولار) وسعر البنكرياس 15 ألف جنيه، وفص الرئة نحو ثلاثين ألفا ومثله الكبد، لذلك كان اللجوء للاجئين والمهاجرين، خاصة لأفارقة مطاردين بلا أهل ولا يجيدون المساومة".

لم يستطع محدثنا الاستمرار في عمله بالمركز الطبي لما رآه من "عمليات غير شرعية وغير أخلاقية، حيث يتحايل المركز لجمع قاعدة بيانات لعدة متبرعين أو بائعين مناسبين وصغار يتاجر بهم وبالمرضى".

بعض اللاجئين تحدثوا عن القتل الذي يطاردهم في بلدانهم والجوع الذي يلقاهم بمصر فلا يجدون إلا بيع أعضائهم(الجزيرة)
بعض اللاجئين تحدثوا عن القتل الذي يطاردهم في بلدانهم والجوع الذي يلقاهم بمصر فلا يجدون إلا بيع أعضائهم(الجزيرة)

 قوانين رادعة
ويقول الخبير الدولي في الإعلام والاتصال التنموي أحمد جعفر إن خلاصة ما خرج به من عدة حالات رصدها أن مصر بموقعها الجغرافي المتوسط لثلاث قارات تعد بوابة العبور من وإلى أفريقيا، كما أن تجارة البشر ليست تجارة منظمة فقط بين منظمات ودول بل يقوم بها رجال أمن ومتنفذون ولديهم شبكة علاقات ومصالح فيما بينهم وبين رجال أعمال، ولا يمكن بأي حال من الأحوال ضبط إيقاع هذه الجرائم العابرة للقارات إلا بالتوعية وضرب المجرمين بيد من حديد.

ويرى الحقوقي والمحامي عزت غنيم أن "التجارة في البشر -سواء كان إنسانا كاملا واعيا أو تجارة بأعضائه البشرية- هي تجارة محرمة دوليا"، ويفرق بين التبرع بالأعضاء المباح قانونا والتجارة بها المخالفة للقانون.

من ناحيته، نفى رئيس الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكومية في وزارة الصحة صابر غنيم صحة التقارير الدولية الخاصة القائلة بتحول مستشفيات شهيرة في مصر إلى أوكار للاتجار في الأعضاء، ويقول إن ذلك "افتراء".

وتحدى في تصريحات صحفية أصحاب تلك التقارير بالإعلان عن أي بيانات خاصة بالمتبرعين أو المستشفى أو عن الوسطاء، مؤكدا أن "وزارة الصحة تحكم الرقابة على المستشفيات والعيادات، وجميعها تعمل وفق القانون".

بدورها، قالت بيانات لوزارة الداخلية المصرية إنها ضبطت عدة شبكات لتجارة الأعضاء البشرية تدير نشاطها من مقاهٍ بوسط العاصمة القاهرة، كما تم ضبط متبرعيْن بأعضائهما وبحوزتهما مبالغ مالية وإقرارات موثقة من الشهر العقاري تفيد بتبرعهما بكليتيهما، وعدد من بطاقات تحقيق الشخصية خاصة بمتبرعين آخرين انضموا إلى مافيا الاتجار من أجل استقطاب آخرين لبيع أعضائهم البشرية.

المصدر : الجزيرة