إسرائيل تشتت عائلات فلسطينية لرفضها التعاون

رفح/ قطاع غزة/ 8-9-2016/ بسام القاضي/ شردته سلطات عن أسرته لرفضه التعاون مع مخابراتها/ الصورة التقطت له في منزل والدته شرق رفح.
بسام القاضي في منزل والدته شرق رفح بعيدا عن أطفاله وعمله (الجزيرة)

أحمد فياض-غزة

 

تسلط حكاية تشريد المخابرات الإسرائيلية (الشاباك) المواطن بسام القاضي (43 عاما) عن زوجته وأطفاله العشرة بمنطقة بئر السبع الضوء على دور الأذرع الأمنية الإسرائيلية في سياسة تشتيت الأسر الفلسطينية في حال رفض أربابها التعاون معها.

ومنذ ثماني سنوات يكابد القاضي نار البعد عن أطفاله بعد أن انتزعه ضباط الشاباك من بينهم وقذفوا به إلى غزة تاركا إياهم بلا معيل وبدون مصدر رزق، وليس لهم سوى منزل يأويهم كان قد شيده قبل ترحيله.

وبدأت حكاية الرجل الذي يعيش حاليا مع والدته العجوز في بيت ضيق مسقوف بألواح من الصفيح والقرميد شرق مدينة رفح، عندما توجه إلى بلدة شقيف السلام داخل الخط الأخضر عام 1998 حيث يقيم أقاربه وأبناء عمومته فتزوج منهم ومكث هناك وحصل على بطاقة هوية مؤقتة ورخصة قيادة.

عمل القاضي في مجال البناء والتجارة، ومكث هناك مع زوجته وأطفاله إلى أن استدعاه أحد ضباط جهاز الشاباك بمنطقة بئر السبع، عارضا عليه منحه الإقامة الدائمة مقابل استدراج ابن عمه ممن يعمل في صفوف المقاومة إلى المنطقة الحدودية شرق رفح لاعتقاله.

فشل رجال المخابرات في إقناع القاضي بالتعاون معهم، فهددوه بإبعاده عن أطفاله لكنه أصر على رفضه بعد عدة استدعاءات له، فقروا اعتقاله وعرضه على المحكمة تمهيدا لطرده إلى غزة.

 بطاقة إقامة القاضي داخل الخط الأخضر وتظهر رخصة قيادته الإسرائيلية أسفل بطاقة التعريف (الجزيرة)
 بطاقة إقامة القاضي داخل الخط الأخضر وتظهر رخصة قيادته الإسرائيلية أسفل بطاقة التعريف (الجزيرة)

تعاون أمني قضائي
ورغم اقتناع قاضي المحكمة بأن الرجل لا يشكل أي تهديد أمني، فإنه لم يحكم لصالحه استجابة لطلب ممثل المخابرات الإسرائيلية الذي طلب جلسة استماع مغلقة لإطلاع القاضي على تفاصيل لم يكشف عنها.

ويقول الأب المحروم من جوار عائلته -للجزيرة نت- إن الجهاز القضائي الإسرائيلي لا يجرؤ على الوقوف في وجه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية فيما يتعلق بالفلسطينيين.

ولكن الرجل تحدى المؤسسة الإسرائيلية بكل هيئاتها القضائية والتنفيذية أن تثبت أنه اقترف أي ذنب أو مارس أي نشاط يسيء إلى الأمن الإسرائيلي من قريب أو بعيد.

ومع ذلك، فإنه يعيش على أمل العودة ليحتضن أسرته ويرعى أطفاله الذين يمرون بظروف مادية صعبة، ويعجز عن إعالتهم في ظل انعدام فرص العمل في القطاع المحاصر.

وتتشابه تلك القضية مع ملابسات قضية صديقه وائل أبو عاذرة (42 عاما) الذي تزوج ابنة عمه في بئر السبع عام 2000 وأنجب منها خمسة أطفال، ولكن بعد مرور ثمانية أعوام تسببت المخابرات الإسرائيلية في تشتيته عن أسرته بعد رفضه التعاون معها.

ولكن أبو عاذرة لم يرحل إلى غزة بقرار قضائي، بل فوجئ بأمر ترحيله عندما ذهب لتجديد تصريح إقامته، حيث صُودر تصريحه وأمر بترحيله على الفور إلى غزة.

 تهاني قاسم: تمكنا من توثيق 52 أسرة مشتتة (الجزيرة)
 تهاني قاسم: تمكنا من توثيق 52 أسرة مشتتة (الجزيرة)

قانون التشتيت
وتستند السلطات الإسرائيلية في تشتيتها للأسر الفلسطينية إلى تشريع قانوني أقره الكنيست عام 2003، وبموجبه يمنع لم شمل الأسر الفلسطينية، ولأن القانون جوبه برفض المحكمة الإسرائيلية العليا، يعمد البرلمان إلى تجديده سنويا لمنح السلطات التنفيذية في إسرائيل فرصة الحد من وجود الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة داخل الخط الأخضر.

وتخلص منسقة مشروع العائلات المشتتة تهاني قاسم إلى أن مشكلة تلك الأسر هي أكبر من عمل المؤسسات الحقوقية التي وقفت عاجزة عن حمل هذا الملف، لأن الإجراءات والعراقيل الإسرائيلية بحق الأسر التي لها امتداد عائلي داخل الخط الأخضر كبيرة ومعقدة.

وأكدت أن المؤسسات الحقوقية والنسوية الثلاث التي رعت المشروع تمكنت من توثيق حالة 52 أسرة مشتتة، بينما لا يعرف العدد الحقيقي للأسر التي طالها التشتيت، لكنها أشارت في حديثها للجزيرة نت إلى أن سلطات الاحتلال عمدت بعد اندلاع انتفاضة عام 2000 إلى تشتيت الكثير من الأسر الفلسطينية.

المصدر : الجزيرة