انتقادات لبريطانيا لموقفها من المستوطنات

إسرائيل تنفق ملايين الدولارات لحماية المستوطنات
إسرائيل تنفق ملايين الدولارات لحماية المستوطنات ولديها شركاء دوليون لمدها بسبل البقاء (الجزيرة)

محمد أمين-لندن

غضب عارم في الأوساط الحقوقية والعربية أثارته معارضة بريطانيا تبني مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة قائمة سوداء للشركات العاملة أو المتعاملة مع المستوطنات، في صفعة قاسية لإسرائيل وللوبي المناصر لها بأوروبا.

فقد أخفق ذلك اللوبي وحلفاؤه في عرقلة القرار، ورغم الضغط الأميركي والانتقاد البريطاني فإن الدولتين فشلتا في عرقلة القرار الذي صدر عن المجلس بداية الأسبوع ليمثل انتصارا للفلسطينيين وأصدقائهم، ويتوج جهود حملات المقاطعة في الداخل الفلسطيني وعبر أوروبا.

وأصدر مجلس حقوق الإنسان قائمة بالشركات المتورطة في نشاطات تجارية مع المستوطنات، لتكون قاعة بيانات يتم تعميمها وتحدّث سنويا، للتحذير من الشركات التي تتعامل مع المستوطنات.

وحصل الاقتراح على موافقة 32 دولة من الدول الأعضاء بالمجلس وعددها 47، في حين امتنعت 15 دولة -معظمها أوروبية- عن التصويت، فيما انتقد السفير البريطاني القرار، ووصفه بـ"الضار"، وسط غضب إسرائيلي وصل لاتهام المجلس بأنه سيرك معاد لإسرائيل.

ويرى كامل حواش نائب رئيس "حملة التضامن مع فلسطين" في هذا القرار انتصارا فلسطينيا دوليا بالنظر إلى أن هذه القائمة الأممية هي الأولى من نوعها، وسيكون لها أثر كبير في دعم حملات المقاطعة وعزل الشركات التي تتعامل مع المستوطنات.

وفي حديثه للجزيرة نت قال حواش إن أقل ما يوصف به الموقف البريطاني هو أنه "موقف يحمي الاحتلال"، لافتا إلى التناقض البريطاني في التعامل مع ملف المقاطعة، ففي الوقت الذي دعت فيه الحكومة قطاع الاستثمار والأعمال للحذر وتوخي الحيطة عند التعامل مع المستوطنات خشية تعرضه لعقوبات أصدرت مذكرة لمجالس البلديات تحذرها من مقاطعة إسرائيل.

‪مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة تبنى قائمة سوداء للشركات العاملة أو المتعاملة مع المستوطنات‬ (غيتي)
‪مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة تبنى قائمة سوداء للشركات العاملة أو المتعاملة مع المستوطنات‬ (غيتي)

اعتراف بالنجاح
ولفت نائب رئيس حملة التضامن مع فلسطين إلى أن القرار تزامن مع عقد مؤتمر في القدس لبحث سبل مواجهة حملات المقاطعة، معتبرا أن عقد هذا المؤتمر والغضب الإسرائيلي الكبير على قرار مجلس حقوق الإنسان يمثلان اعترافا واضحا بنجاح حملات المقاطعة، فضلا عن تعيين إسرائيل وزيرا خاصا لمواجهة حملات المقاطعة.

من جهته، عاب رئيس منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني زاهر البيراوي على بريطانيا موقفها بالامتناع عن التصويت، معتبرا أن هذا الموقف لا ينسجم مع قيم العدالة الدولية التي من المفترض أن بريطانيا مسؤولة عن حمايتها كعضوة بمجلس الأمن.

وفي حديث للجزيرة نت وصف البيرواي الانحياز البريطاني لإسرائيل بأنه أمر فاضح، كما أن دعم لندن دولة عنصرية تتصرف كأنها فوق القانون هو أمر يخالف نبض شرائح واسعة من المجتمع البريطاني.

ورغم بعض المواقف المنحازة لصالح إسرائيل يرى البيرواي أن قرار مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة خطوة مهمة على طريق محاصرة دولة الاحتلال، ومعاقبتها على مخالفتها القانون الدولي لحقوق الإنسان، كما سيساعد -بحسب الناشط- في محاسبة ومعاقبة الشركات التي تتعامل مع المستوطنات أو تعمل فيها، كما أنه مؤشر واضح -بحسب رأيه- على تراجع الرواية الإسرائيلية للصراع -التي كانت مهيمنة خلال العقود الماضية- لصالح الرواية الفلسطينية الصحيحة.

وكان السفير البريطاني في الأمم المتحدة وصف القرار بأنه ضار، ودعا الأمم المتحدة لعدم الانشغال بهذه القضايا، في وقت ضغطت فيه الولايات المتحدة لإفشال فكرة القائمة السوداء، بينما امتنع السفير الهولندي بمجلس حقوق الإنسان وسفراء أوروبيون آخرون عن التصويت رغم الإقرار بعدم شرعية المستوطنات.

يذكر أن حملة المقاطعة "بي دي أس" هي حملة دولية لمقاطعة المستوطنات اقتصاديا بدأت عام 2005 في فلسطين ثم نشرها أصدقاء فلسطين ومناصرو القضية الفلسطينية عبر العالم، وأنشؤوا مؤسسات تتبنى العمل على مقاطعة بضائع المستوطنات الإسرائيلية باعتبارها أراضي غير شرعية بموجب القانون الدولي.

المصدر : الجزيرة