جدل ببريطانيا بشأن تصدير السلاح إلى "دول القمع"
محمد أمين-لندن
وتؤكد المنظمات ضرورة العمل على منع تصدير السلاح للدول التي تستخدمه لقمع مواطنيها، وترد الحكومة بأن تعاملاتها التجارية بتصدير السلاح محكومة بقوانين لا تتعارض مع قيم حقوق الإنسان.
وتجدد هذا الجدل عقب ما كشفته صحيفة الإندبندنت البريطانية مؤخرا عن موافقة الائتلاف الحكومي الذي يقوده رئيس الوزراء ديفد كاميرون على بيع معدات السيطرة على الحشود ومكافحة الشغب، لدول موضوعة على القوائم السود لحقوق الإنسان.
وتصدرت مصر هذه الدول المتورطة في قمع المعارضة الداخلية، والتي تشير الصحيفة إلى أن صفقات ربما عقدت معها ومع غيرها "خلف الأبواب" وبعيدا عن أعين الصحافة.
شكوك حقوقية
وفي حديث خاص للجزيرة نت، قال أوليفر سبراغ مدير الرقابة على الأسلحة في بريطانيا بـمنظمة العفو الدولية (أمنستي)، إن الحكومة ترد دوما على تساؤلاتهم بالقول إنه لا دليل على استخدام أسلحتها في القمع الداخلي في الدول التي تصدر لها.
لكنه لفت إلى أن النظام المعمول به يبقي المخاطر قائمة بشأن استعمال تلك المعدات في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. ويتابع براغ بالقول "السؤال الذي لم تجب عنه الحكومة هو: ما الخطوات التي تتخذها لإيجاد وكشف الأدلة على سوء استخدام هذه المعدات خارجيا؟".
وأورد سبراغ نموذجا من ليبيا كأحد الأمثلة على رفض الحكومة الإقرار بوجود خروقات، مشيرا إلى ما وثقته منظمته سابقا من أدلة وتسجيلات مصورة تظهر استعمال قوات العقيد الراحل معمر القذافي مركبات بريطانية الصنع في سحق الاحتجاجات.
لكن الحكومة شككت في تلك الأدلة ورفضت اعتمادها. وانتهى سبراغ متسائلا أنه "إذا فشلت الحكومة مرارا في التحقيق ورصد كيفية استعمال أسلحتها، فكيف لها أن تكون واثقة من عدم استعمالها في القمع؟".
ويدور الجدل حاليا حول تصدير الغاز المدمع والرصاص المطاطي وأدوات السيطرة على الحشود وغيرها من المعدات التي تستعمل في مكافحة الشغب والمظاهرات.
وكان قطاع الاستثمار والابتكار والمهارات بوزارة التجارة البريطانية ألغى وجمد بعض الرخص المتعلقة بالمنتجات العسكرية المصدرة لمصر في أكتوبر/تشرين الأول 2013، حيث سحب سبع رخص وعلق العمل بـ16 رخصة أخرى، كما أوقفت الحكومة بعض عقود التسليح لإسرائيل.
عقود معلقة
وتعليقا على هذا الجدل، قال النائب في البرلمان ديفد وورد عضو حزب الديمقراطيين الأحرار المشارك في الحكومة، إنه تم تعليق بعض العقود الموقعة مع إسرائيل على سبيل المثال خلال الحرب الأخيرة على غزة جراء تغير المزاج الشعبي في بريطانيا.
وأكد للجزيرة أن الحكومة اتخذت هذا القرار لأنها وجدت نفسها تحت الضوء والضغط الشعبي، مشيرا إلى أن الذين عقدوا صفقات سلاح مع إسرائيل وكرموا في الماضي سيحاسبون في المستقبل.
وحول الموارد المالية التي تجنيها الحكومة، أكد وورد أن بيع السلاح يحقق ربحا ماديا للحكومة، لكنه رفض سياسة مواجهة الضغوط المتعلقة بتأمين فرص العمل والدخل بإمضاء هذه الصفقات وتجاهل الضغط الشعبي الرافض وغض الطرف كذلك عن استعمالاتها في دول القمع.
وقال إن الحكومة لا تستطيع القيام بهذه الصفقات بسرية لأنها ستحاسب وتوضع على محك الشفافية، كما أن بيع السلاح لإسرائيل وغيرها من الدول المدرجة في القوائم السود لن يكون مقبولا في الحكومة القادمة، بحسب رأيه.