منظمتان إسرائيليتان: سواد يخيم على "الجرف الصامد"
وديع عواودة-حيفا
تؤكد منظمتان حقوقيتان إسرائيليتان في دراستين منفصلتين أن إسرائيل انتهكت بفظاظة القانون الدولي أثناء عدوانها على قطاع غزة الصيف الماضي، وتسببت بأضرار جسدية ونفسية بالغة لمدنييها.
وتحت عنوان "راية سوداء ترفرف فوق قصف البيوت الفلسطينية بالجرف الصامد"، تؤكد منظمة "بتسيلم" أن جيش الاحتلال انتهك القانون الدولي الإنساني وأن تبريراته غير مقنعة.
واستنادا لدراسة سبعين حالة شهدتها الحرب على غزة، توصلت المنظمة إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يمنح المدنيين سوى دقائق لإخلاء منازلهم قبيل قصفها، وأحيانا لم يكن واضحا أي بيت هو المقصود.
وتكشف الدراسة أن ربع شهداء العدوان الإسرائيلي -وعددهم 2310- قتلوا نتيجة تفجير منازلهم التي آوت شيوخا ونساء وأطفالا، منبهة إلى أن 70% منهم أعمارهم دون 18 وفوق 60 عاما.
إبادة عائلات
وضمن تأكيداتها على انتهاك إسرائيل للقانون الدولي، تشير "بتسيلم" إلى إبادة 66 عائلة فلسطينية كاملة بتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها طيلة أيام الحرب الخمسين، منها عائلة البيومي التي قتل 13 منها بمخيم النصيرات في 31 يوليو/تموز.
وفي المقابل تؤكد "بتسيلم" أيضا أن حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي لم تتصرفا خلال الحرب وفق القانون الدولي الإنساني، ولم تميزا بين الأهداف العسكرية والمدنية.
والجيش الإسرائيلي الذي أعلن في خطوة استباقية للمحكمة الجنائية الدولية أنه شرع بالتحقيق مع جنوده في بعض الانتهاكات، يمتنع عن الرد على العينات الواردة في دراسة "بتسيلم" مكتفيا بالتبرير العام بأنه قام بعمل "متوازن".
لكن "بتسيلم" ترفض تبريرات الجيش وتعتبرها "غير منطقية"، وتوضح أن السبب المركزي لوفاة المدنيين داخل بيوتهم مرتبط بقصف جيش الاحتلال لبيوت ناشطي المقاومة الفلسطينية باعتبارها هدفا شرعيا.
البيوت المستهدفة
وتوضح مديرة قسم الدراسات في "بتسيلم" ياعيل شطاين للجزيرة نت، أن القانون الدولي الإنساني يشترط لوصف المنزل هدفا عسكريا أن يساهم بشكل فعال في عملية عسكرية، وأن يؤدي استهدافه لتفوق عسكري واضح للمهاجم.
وتقول شطاين إن الجيش لم يزعم وجود علاقة بين البيوت المستهدفة وبين عمليات عسكرية معينة، مكتفيا بالقول إن أصحابها متورطون بالقتال في الماضي والحاضر.
وتتابع أن تلك تبريرات واهية تهدف لتوفير ورقة لتغطية الدافع الحقيقي خلف تدمير البيوت والمرتبط بهوية مالكيها، مشددة على أن ذلك لا يبرر قصفها.
أضرار جسدية ونفسية
وفي دراسة شاملة هي الأولى عن العدوان الإسرائيلي، تؤكد منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" أن إسرائيل أصابت المدنيين في غزة بأضرار جسدية ونفسية مروعة.
الدراسة "حيز غير آمن" عبارة عن تقرير طبي هو الأول المعد من قبل فريق مستقل يشمل ثمانية أطباء بارزين من العالم زاروا غزة خلال العدوان وبعده.
وتستند الدراسة على شهادة 68 مدنيا فلسطينيا أصيبوا خلال الحرب، وعلى تصوير 370 جثة ومقابلة جرحى وأطباء محليين.
المنظمة الحقوقية التي تواظب على إرسال وفود طبية من فلسطينيي الداخل للقطاع لتقديم مساعدات وإغاثة، تقول إن التقرير موجه للإسرائيليين بهدف إطلاعهم على جرائم دولتهم في القطاع وبهدف منع الحرب القادمة.
الضحية والجلاد
المنظمة التي تساوي أحيانا بين الضحية والجلاد وفق حقوقيين، تؤكد في مقدمة التقرير أنها تؤمن بأن الاعتراف بالإنسانية المشتركة للجميع هو الطريق الوحيد لمنع الحرب القادمة والإضرار بالجسد والنفس، قائلة إن الطرفين يتحملان مسؤولية تبعات عدم وجود هذا الاعتراف المتبادل.
وتطالب منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتانياهو بتشكيل لجنة تحقيق رسمية للتحقيق في الحرب، معتبرة التعويل على القوة تكريس للصراع.