الأمن يحرم طالبات أزهريات من السكن الجامعي

صورة لحشد من الطالبات أثناء انتظارهن إتمام إجراءات التسكين الجامعية ، القاهرة / مصر
حشد من الطالبات ينتظرن إتمام إجراءات التسكين الجامعية (الجزيرة نت)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

"ليس لكِ حق السكن هذا العام، فأنتِ مستبعدة لدواع أمنية". في البداية لم تصدق الطالبة بجامعة الأزهر في مصر علياء أحمد الأمر، وظنت أن مسؤولة التسكين تمازحها، إلا أن تكرار الأخيرة هذه الكلمات أصابها بصدمة كبيرة.

علياء التي تفوقت في عامها الماضي بحصولها على تقدير جيد جدا، وهو ما يجعلها في مقدمة المستحقات لنيل مكان في السكن الجامعي، لم تتوقع على الإطلاق أن تصادف هذه العقبة مع بداية عامها الأخير في الجامعة، فقد كانت تتمنى أجواء تساعدها في استمرار التفوق.

ولم تكن علياء الطالبة الوحيدة التي تلقت هذه الإجابة، فقد تشابهت معها عشرات الطالبات اللائي تتوفر لهن شروط استحقاق السكن الجامعي، لكن الحائل هو نفسه: "الدواعي الأمنية".

ورغم أن الدراسة بدأت بالفعل قبل أيام فإن السكن الجامعي بالأزهر لم يبدأ استقبال الطالبات إلا يوم الاثنين الماضي، وذلك للطالبات الحاصلات على تقدير ممتاز وجيد جدا، وأعلن أن عملية التسكين ستستمر حتى الخميس، وبالتالي لم تجد الطالبات المستبعدات إلا تقديم التماسات لمدير أمن الجامعة لإعادة النظر في قرار الاستبعاد الأمني.

‪أحد كشوف القبول بالسكن الجامعي ويظهر فيه استبعاد طالبة رغم تفوقها‬ (الجزيرة)
‪أحد كشوف القبول بالسكن الجامعي ويظهر فيه استبعاد طالبة رغم تفوقها‬ (الجزيرة)

أكثر عدوانية
وفي هذا الشأن، قالت المتحدثة باسم حركة "طلاب ضد الانقلاب" في جامعة الأزهر حفصة الفاروق إنه تم استبعاد 55 طالبة من الحاصلات على تقدير امتياز وجيد جدا بمختلف الكليات.

وفي تصريحات للجزيرة نت، وصفت ما حدث بأنه "كان أكثر قبحا وعدوانية تجاه الطالبات مما كانت عليه الحال في عهد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك"، مشددة على أن "نضال الحركة الطلابية لن يتوقف مهما زاد القمع الأمني والبطش".

وأشارت إلى أن الحركة ستنظم عددا من الفاعليات الميدانية "لدعم حقوق الطالبات المستبعدات والمطالبة بعودة حق الطالب في حياة كريمة دراسيا واجتماعيا ومناخ مناسب من الحرية".

بدوره، قال القائم بأعمال رئيس اتحاد طلاب جامعة الأزهر محمد عاطف إن "استبعاد عدد من طالبات جامعة الأزهر المتفوقات من السكن بالمدينة الجامعية هو انتهاك واضح لحقهن تحت ذريعة واهية محلها الشك دون دليل مادي يدينهن بشكل واضح وصريح".

ورأى في حديثه للجزيرة نت أن ذلك من شأنه "الحجر على الآراء وقمع صوت أصحاب العقول والوعي من أبناء جامعة الأزهر، وهو ما لن يستمر طويلاً لأن الاستبداد والفساد داء سيسقط بدواء الوعي والنضج والتعلم".

وإزاء عدم بدء تسكين طلاب جامعة الأزهر حتى الآن، تخوف عاطف من تكرار ما حدث العام الماضي ومعاناة جميع طلاب الجامعة من إغلاق السكن الجامعي بشكل كامل، والتي "ما زالت إلى الآن مصفدة بالسلاسل رغم ما تم بها من تعلية أسوار وخلافه من أساليب القمع والترهيب غير المباشر"، حسب قوله.

‪الأزهري: النظام ينظر إلى حق السكن للطلاب بوصفه منحة‬ (الجزيرة)
‪الأزهري: النظام ينظر إلى حق السكن للطلاب بوصفه منحة‬ (الجزيرة)

حق لا منحة
بينما رأى محمود الأزهري المتحدث باسم حركة "طلاب ضد الانقلاب" في الجامعة أن النظام بات ينظر إلى حق السكن للطلاب بوصفه منحة يقدمها لمن يشاء، وأن ما آلت إليه الأمور "يدل على أن إدارة الجامعة بعد الانقلاب لا تهتم بمصلحة الطلاب أو العملية التعليمية وكل ولائها للنظام".

ومعلقا على ذلك، قال أحمد مفرح مسؤول الملف المصري بمنظمة الكرامة لحقوق الإنسان، إنه "لا يوجد أي سند قانوني يعطي إدارة المدن الجامعية حق رفض الطلبة على أسس سياسية"، واصفا ذلك بأنه "تعسف وعدم اعتبار لأحكام القضاء الإداري في هذا الصدد".

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن "إدارة المدن الجامعية تعمل في ما يخص ذلك من خلال التحريات الأمنية، لتتحول من كونها إدارة قائمة على الاهتمام ورعاية الطلبة إلى فرع من فروع الأمن الوطني"، مشددا على حق المستبعدين في اللجوء إلى القضاء الإداري والتعويض المالي.

بينما قالت سلمى أشرف مسؤولة الملف المصري في منظمة هيومن رايتس مونيتور الدولية إن "الجامعات أصبحت تستخدم أداة لقمع الطلبة وإسكات أصواتهم، وتحولت ساحاتها لثكنات عسكرية، وباتت تعكس الدولة القمعية الكبيرة".

وطالبت في حديثها للجزيرة نت الجميع بالتحرك للوقوف أمام هذا التعنت بحق الطلبة، وذلك "حتى لا يتحول الجيل بأكمله لجيل مسلوب الإرادة والحرية، لما في ذلك من خطورة على المجتمع ككل".

المصدر : الجزيرة